القصف الأمريكي على المتطرفين في سورية
هو البديل عن دعم الثورة و الثوار الحقيقيين
زهير سالم*
الولايات المتحدة لا تثق بالشعب السوري السوري . ولا بالثوار السوريين السوريين . ولا بالمعارضة السورية السورية ....
حقيقة كان بعضنا يعرفها ويتجاهلها ، وبعض يشكك فيها ، وبعض يحاول أن يلتف عليها ، وبعض يحاول تغييرها ، وكثيرون بذلوا جهودهم وعجزوا أو أخفقوا ، وفشلوا ، أولم ينجحوا ، وكثيرون يئسوا وبعض لانعدام خياراتهم ما زالوا ..
هي حقيقة صادمة مؤلمة ومكلفة ولكن يجب أن نواجهها كما هي . يجب أن نكف عن الدوران حولها . وكما يئسنا من أي تغيير في الموقف الروسي يجب أن نعترف باليأس من الموقف الأمريكي ، ونعتمد هذا اليأس كمعطى أولي في قراراتنا . كما يجب أن نكف عن التعويل أو البناء على العون الأمريكي وانتظاره . فالسياسي الناجح والثائر الحقيقي هو من يحسن فرز القوى ، ويحسن في الوقت نفسه إيجاد البدائل .
بالنسبة للأمريكي ما زالت ( عصابات بشار الأسد ) هي البديل المستقبلي المعتمد . وتعني العبارة بدقة عصابات بشار الأسد بدون شخصه . عصابات الأسد ودائرة طيفه هم الأمل الأمريكي لسورية المستقبل . وعندما يخادع الأمريكي بمطالبة بشار الأسد بالرحيل فهو لا يشمل في الخطاب شركاءه في الجريمة ، لا من السوريين ولا من اللبنانيين ولا من العراقيين ولا من الإيرانيين ؛ وهذه حقيقة أخرى يجب علينا أن نواجهها ونتحمل مسئوليتها حتى لا نخرج من حكم بشار إلى حكم عشار ..
في العراق حيث عصابات الولي الفقيه وميليشيات مسعود البرزاني الموثوقة أمريكيا ؛ ما أسرع ما وصل السلاح ووصلت التقنيات الحربية المتطورة ومن كل محطات الناتو حول العالم ؛ أما في سورية فما زال الأمريكي ( يفكر...) في تدريب 5000 آلاف مقاتل موثوق !! والمقاتل الموثوق أمريكيا لن يكون في خدمة مشروع الثورة السورية، بل سيكون أداة أمريكية للتصدي لأعداء المشروع الأمريكي في سورية . الذي لن يكون أبدا مشروع عدل وحرية وحقوق إنسان ،وإنما سيكون مشروع هيمنة ونفوذ وإعادة تأهيل وتمكين لحملة مشروع الاستبداد والفساد والطائفية الذين لفظتهم ثورة الشعب السوري ..
عندما يقول الأمريكي إن الأمر في سورية معقد ، فهو يقصد أن الثوار السوريين بتضحياتهم الرائعة غير موثوقين أمريكيا ، والذي يعقد الأمرأنهم يشكلون واقعا لا يمكن للأمريكيين تجاوزه ، بينما حراس المشروع الأمريكي الصهيوني في سورية ( بشار وقواعده ) قد أحرجوا أصدقاءهم ، بما ارتكبوه من فظائع ، فلم يعد بإمكانهم تأييدهم مباشرة ضد الثوار المرفوضين والمكروهين . فليكن ( بشار وحده ) كبش المحرقة الأمريكية لخداع السوريين الذين يطلب منهم الخضوع والاستسلام ..
بالنص قال لهم أوباما ( فقط أزيحوا بشار الأسد .. ويبقى ما كان على ماكان ) ، يبقى ما كان على ما كان من حيث سيطرتكم ونفوذكم واستئثاركم وامتلاككم أوراق القوة فرفضوا أو لعلهم لم يستطيعوا أن يستجيبوا ..
ألف يوم تقريبا هي عمر الثورة السورية ... هل سمعتم مرة واحدة ( مبشر ديني أو مدني ) غربي يتحدث عن بطولات الشعب السوري ، أو عن روائع التضحيات التي قدمها ويقدمها الرجال والنساء والشيوخ والأطفال ؟! في حين كل دوائر الاستخبارات الغربية ، وكل الساسة الغربيين يعلمون منشأ جماعات التطرف والمتطرفين ومبتدا أمرهم ومنتهاه فإنهم يصرون دائما على التشنيع على الثورة والثوار بأفعال هؤلاء وبأقوالهم وخطابهم المصقول بعناية في مختبرات الطائفية والإثم في طهران وفي غير طهران..
واليوم وحين يتدخل طيران التحالف الأمريكي مباشرة ضد ما يسميه التنظيمات الإرهابية في سورية ، هذه التنيظمات التي حفزها حافزها لتقوم بعمليات ذبح استعراضية على الهواء مباشرة لاستدراج الثور الغربي إلى ساحة الصراع ‘ فإنه يفعل ذلك لأنه يرفض أصلا أن يدعم الثورة السورية لتقوم قادرة ذاتيا للتصدي لهؤلاء ..لأن هذه الثورة عندما ستكون قادرة على إسقاط مشروع التطرف والمتطرفين ستكون في الوقت نفسه قادرة على إسقاط نظام الإرهاب والإرهابيين والاستبداد والمستبدين وهذا ما يرفضه الأمريكي وحلفاؤه ، وهذا الذي ما زالوا يضعون العراقيل في وجهه منذ سنين ..
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية