الخوض مع الخائضين

د.عثمان مكانسي

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

رأيته في رهط من الفسقة يسخرون بالمسلمين ، وينعتونهم بالجهل والعودة إلى عصر الانحطاط والهمجيّة !! ويلمزون الذين يُحَجّبُون نساءهم فلا يجلس الرجال إلى النساء ، ويمنعون أنفسهم من تعاطي الخمور !! ويحفظون ألسنتهم عن الغيبة والنميمة والقذف والشتائم ، وأبصارَهم أن تقع فيها سهام إبليس .

 قلتُ له : يا هذا ألست تصلّي ؟ قال : بلى .

 ألستَ تخالفهم في فجورهم ؟ قال : بلى .

 أما ترى الجلوس معهم يفتن النفس ، ويوقع في مستنقع الإثم وبئر الفاحشات ؟

 قال : لي معهم مصالح أقضيها ، وأنا لا أتأثرُ بهم .

 قلت : ولكن النقطة إلى النقطة ماء يتنامى ، والنكتة إلى النكتة حفرة تتسع ، ومن اعتاد على شيء وقع فيه ، ثم أدمنه .

 قال : أعرف نفسي ، فأنا لا أشاركهم في خوضهم .

 قلت : ولا تناقشهم كذلك ، ولا تقف أمامهم منبّهاً ومذكراً ؟!

 قال : لست داعياً مثلك ، أنا من عامة الناس !!

 قلت : ألا تراكَ مخطئاً فيما أنت فيه ، منحدراً إلى هاوية قد تتردّى فيها ، ولا حين مندم ؟!

 وتذكرت قول الله تعالى في سورة الأنعام الآية 68 :

 ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ

بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) )

 كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالطون هؤلاء المنافقين والمشركين واليهود ولا يسمحون لأحد منهم أن يفسد في المجلس كلاماً كان أم عملاً ، وإذا بدر من أولئك ما يسيء أوصل هذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يألُ أن يهدد ويتوعّد ، فالإخلاص للعقيدة أهم من صحبة أعدائها .

 كان عمير بن سعيد ربيباً لجُلاس بن سويد بن الصامد ، وكان يحبّه لأنّه رباه وكان له أباً بعد أبيه .

 سمع عمير هذا من زوج أمه كلمةً نابيةً قالها في النبي صلى الله عليه وسلم فقال : والله يا جُلاس ، إنك لأحب الناس إليَّ وأكرمهم عندي فضلاً ، ولا أريد أن يصيبك مكروه أبداً ، ولكنك قلتَ مقالة لئن أوصلتُها لأفضحنَّك ولئن سكتُّ عنها ليهلكنَّ ديني ، والدين أغلى عليَّ وأكرم . . ثم مشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ما قاله جُلاس . وجاء الجلاس يستغفر الله تعالى ويعتذر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويبكي أسفاً وندماً . وكانت توبته صادقة ، وحَسُن إسلامه بعد ذلك .

 واجتمع المنافقون يوماً في المسجد يتناجون بالإثم لا يوفِّرون هذا الدين العظيم ولا حامله صلى الله عليه وسلم ولا المؤمنين .

 وسمعهم النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بطردهم من المسجد ، فأخرجهم الصحابة إخراجاً عنيفاً .

 هذا أبو أيوب الأنصاري المسلم الجليل الشأن ضائف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني النجار يشدُّ ابن عمه سادن آلهتهم في الجاهلية من رجله فيسحبه من المسجد ويرميه خارجاً ، ثم يقبل إلى قريبه رافع بن وديعة ، فيمسك بتلابيبه وينترُه نتراً شديداً ويلطم وجهه ثم يخرجه من المسجد .

 قال محمد بن علي رضي الله عنهما : لا تجالسوا أهل الخصومات ، فإنهم الذين يخوضون في آيات الله .

 قال ابن العربي : هذا دليل على أن مجالسة أهل الكبائر لا تحِلُّ .

 وقال أحدهم : مَنْ خاض في آيات الله تُرِكَتْ مجالستُه ، وهُجِرَ مؤمناً كان أو كافراً .

 ومنع الجمهور إلا لسبب الدخول إلى أرض العدو ، ومجالسة الكفار وأهل البِدَع .

 وقال فاسق لأبي عمران النخعي : اسمع مني كلمة يا أبا عمران .

 قال أبو عمران منتفضاً : ولا نصف كلمة .

 وقال الفُضيل بن عياض : من أحبَّ صاحب بدعة أحبط الله عمله وأخرجَ نور الإسلام من قلبه ،

ومَنْ زوّج كريمته من مبتدع فقد قطع رحمها ،

ومَنْ جلس مع صاحب بدعة لم يؤتَ الحكمة ،

وإذا علم الله عزَّ وجلَّ من رجل أنه مُبغض لصاحب بدعة رجوتُ أن يغفر الله له .

 وقال صلى الله عليه وسلم :

 (( مَنْ وقَّرَ صاحبَ بدعةٍ فقد أعان على هدم الإسلام )) .

وأقول راجياً عفو ربي ومغفرته :

ليس في قلبي سوى الـ
فهو ربي ، وهو iiحسبي
لا  أوالـي فـي حياتي
لا أجـاري الفاجر iiالـ
لا  أوالي غير دين iiالـ
فهو  حِبّي ، نورُ iiعيني






إيـمـان بالله iiالـعظيمْ
وهْـوَ  بي البرُّ iiالرحيمْ
غـيـر  مولاي iiالكريم
زنـديق في سوء الكلام
مـصـطفى خير iiالأنام
ولـه مـنـي iiالـسلام