الإسلام واليهودية وكبرياء الغرب
محمد هيثم عياش
هناك فرق كبير بين الدين الاسلامي والديانتين اليهودية والنصرانية ، فلاسلام دين التوحيد جاء لينفي أبوة الله لأحد من عباده وبنوة المسيح ابن مريم وعزير كما جاء ليؤكد بأن كل شيء ما خلا الله فهو باطل ، إضافة الى أن الاسلام يرفض فكرة وراثة الاثم الممزوجة بتعاليم الديانة المسيحية وذلك من خلال الآية الكريمة / ولا تزروا وازرة وزر أخرى / والآية الكريمة التي تؤكد بأن المسلمين لا علاقة لهم بما فعلته الامم قبلهم ضمن الآية الكريمة / تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يفعلون / كما أن الاسلام لم يقاتل اليهود لسبب تافه بل لغدرهم بالمواثيق والعهود التي كانت بين الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وقبائل اليهود الذين كانوا يعيشون في المدينة المنورة وخيبر وغيرها من القرى ، كما أن الاسلام لم ينتشر بحد السبف في العالم والدليل على ذلك وجود الكثير من الكنائس والصوامع القديمة في بعض البلاد الاسلامية الموجودة قبل ظهور الاسلام .
كان هذا موضوع ندوة دولية دعا اليها وزير الدولة للشئون الثقافية في دائرة المستشارية الالمانية بيرند نويمان في قصر الحكومة الالمانية الواقع في منطقة بيرسبيرج القريبة من العاصمة برلين ابتدأت يوم الخميس من 5 تموز/يوليو وانتهت هذا اليوم الجمعة من 6 الشهر الجاري بمشاركة لفيف من أهل العلم والصحافة والثقافة من الاديان الثلاثة الاسلام والمسيحية واليهودية نوقش من خلالها اسباب زيادة الكراهية لليهود من قبل المسلمين والسيحيين والاتهامات الموجهة بمعاداة الاسلام للسامية ، فقد ازدادت ظاهرة الاقاويل بأن السامية اصبحت مستهدفة من قبل المسلمين والتحذير من تعاون بين جماعات اسلامية مع القومية الاوروبية مثل النازية وغيرها .
وأوضح صحافي مسلم يعمل مراسلا لوكالة أنباء اسلامية عربية بأن الاسلام لم يعادي المسيحية واليهودية مثل معاداة هذان الدينان للاسلام وقد كان الحوار الاسلامي المسيحي اليهودي منذ العهود الاولى للنبوة فقد حاور الرسول صلى الله عليه وسلم وفدا نصرانيا جاؤا الى مكة قبل الهجرة واعتنق النجاشي الاسلام بعد أن تبين له بأن صفة الرسول محمد والبشارة به موجودة في الانجيل واعتنق الكثير من اليهود الاسلام جراء الصفة الموجودة في التوراة والاوامر باتباعه ، كما أن المسلمين وخاصة العرب منهم غير معادون للسامية ، فالعرب هم اولاد سام بن نوح كما يذكر علماء لتاريخ ، الا أن معنى السامية لدى اليهود جاءت من تعاليم الصهيونية العالمية التي تؤكد بأن السامية الرفعة والعلو وليس معناها الجنس . وأوضح هذا الصحافي الذي أرغم على المشاركة لاعتذار أحد علماء المسلمين الحضور في هذه الندوة بأن القرآن الكريم الذي أخبر عن اليهود وما فعلوه بالانبياء والمرسلين وحرصهم على إثارة الفتن والنعرات والحروب كان بمثابة التعريف بهم وليس الحض على قتالهم ، نافيا في الوقت نفسه ادعاءات الكاتب الالماني رولف شتولتس وغيره من الصحافة الشعبية والمعادين للاسلام بأن فيالسعودية شرطة دينية خاصة بملاحقة النصارى واليهود وان السعودية لا تسمح لهؤلاء بممارسة طقوسهم بل يسمح لهم بإقامة شعائرهم في بيوتهم ولا يوجد في المملكة العربية السعودية محاكم تفتيش لإرغام غير المسلمين باعتناق الاسلام على غرار محاكم التفتيش التي جرت في اسبانيا وأرغمت المسلمين وغير النصارى على اعتناق الكاثوليكية وقتلت من رفض ذلك وأخرجتهم من تلك البقاع حتى ان اليهود غادروا الاندلس مع المسلمين وعاشوا معهم في المغرب وذهب بعضهم الى تركيا بدعوة من السلطان بيازيد الثاني .
واعتبر الكاتب الالماني رودولف راداتس صاحب كتاب / الله واليهود/ التعاليم الاسلامية هي وراء قوة النازية مشيرا بأن الله حث في القرآن الكريم المسلمين بقتال اليهود وان ما يعانيه المستوطنون الصهاينة في فلسطين المحتلة اضافة الى اليهود في العالم من اضطهاد وتهديد بالقتل هي من تعاليم الاسلام اذ اقتبس دعاة القومية الاروبية الحقد من الاسلام والقرآن مشيرا بأن التعايش السلمي واحلال السلام في منطقة الاوسط لا يمكن تحقيقه اذا ما قام زعماء الدول العربية بتغيير مناهج الكتب الدينية والمدرسية التي تحمل حقدا على الاسلام / متطرقا في الوقت نفسه الى اتفاقية التعاون التي تمت في برلين بين معهد كونراد أينادور للدراسات والمساعدات الدولية مع المنظمة العربية للثقافة والعلوم الـ /يسيسكو/ والتي نصت بتغييرات على مناهج هذه الكتب وتأكيد رئيس هذه المنظمة المنجي بوسنينه السعي لتغييرات مناهج الكتب بأنها السبيل الوحيد التي يمكن أن تؤدي الى التعايش والسلام بين معتنقي الديانات السماوية .
الا أن الصحافي المسلم تساائل عن مدي الهجوم على الاسلام واتهام المسلمين بالمعاداة للسامية وما تحمله الكتب المسيحية عن اليهودية وخاصة الانجيل من حقد يفوق كل هذه الادعاءات ، ففي الانجيل وبالتحديد في / سفر متى / اتهام صريح لليهود بأنهم أهل الفتن والدعوة الصريحة لمحاربتهم ، فهو يقول نقلا عن أقوال الله في اليهود في ذلك السفر :، يا أورشليم أوشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين إليها كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا/ الى قوله / بضرورة مقاتلة المفسدين وأهل الفتن .
وانتقد مندوب الكنيسة الكاثوليكية للحوار مع المسلمين واليهود يوسف تارير الحملات الاعلامية المسعورة ضد الاسلام والتي تتهم المسلمين بالمعاداة للسامية واصفا هذه الحملات بمثابة حرب دينية اعلامية ستكون نتائجها حرب حقيقية موضحا ان اليهود الذين تعرضوا في اوروبا قبيل الحرب العالمية الثانية كانت الحملات الاعلامية وراء ما تعرضوا له من مآس على يد النازية والقوميات الاروبية مشيرا بأن الاسلام من خلال وجهة النظر اليهودية لا يختلف عن وجهة نظر الاعلام الغربي ضد الاسلام مطالبا الفعاليات الامنية وخاصة دوائر حماية الدستور والامن العام السعي لعقد ندوات تبين من خلالها وجهة ااسلام وضرورة التعايش مع المسلمين والحوار بين الاديان الثلاثة بدل الدعوة الى ندوات تعتبر اساسا رئيسيا للكراهية .
وعزا نيلس مينكمار الحملات العشوائية ضد الاسلام الى مباركة حكومات الغرب مشيرا الى انه اذا ما اعتنق نصراني او يهودي الاسلام يصبح بنظر الاعلام متطرفا اما اذا اعتنق البوذية او الهندوسية وأديان فلسفية أخرى فلا يكون له أي اكتراث معلنا بأن ما يجري في العالم الاسلامي وفي اوروبا من حملات ضد الفكر الاسلامي يعود الى كبرياء الغرب فالنصرانية انتشرت في اوروبا بحد السيف وللتاريخ شواهد على ذلك اذ ان المانيا والى فترة تاريخ ظهور القيصرية الفرانكية تحت عائلة / بيبين / والقيصر الالماني الاوربي كارل الكبير المعروف عند العرب بـ /شارلمان / لم تكن كلها مسيحية وانتشرت هذه الديانة بحد السيف على يد القيصر المذكور مشيرا الى أن هناك ظاهرة اجتماعية في المانيا تعتبر خطيرة موضحا انه اذا ما اراد مسلم يحمل مؤهلات علمية لا بأس بها العمل في دائرة او مجموعة صناعية ما يخضع الى تجارب مجحفة بالعكس من زميله الالماني الغير مسلم فانه يستطيع الحصول على هذه الوظيفة دون تلك الشروط المجحفة معلنا بأن الغرب وخاصة في المانيا يعاني من عقدة نفسية وهي الكبرياء على حد أقوالهم.