كيف نتجنب الطلاق الصامت

البيوت أسرار

عزة الدمرداش

[email protected]

أحب أن اعرف الطلاق الصامت أولا: هو زواج بلا زواج حياة يعيشها اثنان لكل واحد منهما عالمه، يعيشان فى بيت واحد وكأن كل منهما يعيش فى قارة أخري فى عالم آخر كل فرد عنده اهتماماته، كل فرد عنده مشاكله الخاصة، لا توجد مشاركة للأحزان أو الأفراح أو حتى المشاكل.

فى الطلاق الصامت يعيش الفرد فى بيته وكأنه فى غربة، يشعر بالوحشة من كل شئ حوله، أحيانا الخوف من الجدال حتى لا ينتهي بمشكلة جديدة يحاول كل فرد فيها أن يرغم الآخر على الخضوع له و لارادته،  فهناك من يفضل العراك وهناك من يفضل الصمت وكبت مشاعر القهر والظلم التي يشعر بها ويحاول جاهدا أن يخفيها وراء ابتسامة استسلام للأمر الواقع، ابتسامة فى الوجه بينما القلب يقطر حزنا وانكسارا ومرارة تملاء الحلق، ينتهي الحال بأن يتجنب كل من الزوجين الآخر حتى مجرد الشكوى لا يستطيع الفضفضة بها لأنها لا تجدي ولا تقدم حل، تموت الطموح والآمال والرغبات والأحلام ويحل محلها نظرات حزينة منكسرة زاهدة كل شئ لأنها أصبحت لا تملك شئ حتى التعبير عن خلجات صدرها عن أفكارها أصبحت مكبوتة خوفا من المشاكل. ولكل هذا نتائج سلبية منها الأمراض العصبية المستعصية مثل القولون العصبي وارتجاع المريء والمرارة التي تفقد كل شئ حلو طعمه، منها أيضا الهروب المعنوي كأن يعيش الفرد فى حالة أحلام يقظة دائمة تنقله من عالمه لعالم آخر يحلم به يختفي منه الظلم والقهر والكبت، منها أيضا الهروب إلى الأصدقاء والفضفضة لهم وكل واحد وحظه مع صديقه إما أن ينصح بما يرضى الله واما أن يوسع الفجوة بين الزوجين ويضعهما أمام طريق مسدود ينتهي بالانحرافات والحوادث التي نقرأ عنها فى الجرائد اليومية.

الحل: يبدأ قبل الزواج من أول الخطوبة أن يتفق الاثنان على الصراحة المطلقة فى كل شئ (وكما قالوا الصراحة راحة) والاهم الالتزام بها.

بعد الزواج الاتفاق على أن مهما كان من اختلاف فى الرأي لابد أن ينتهي عند باب حجرة النوم، ألا تؤثر أي خلافات على هذه العلاقة الزوجية المقدسة ولا يحاول أي فرد الانتقام بها من الآخر، فى الصباح يكون حوالي 80 إلى 90 بالمائة من الغضب قد زال من النفوس ويصبح الحديث هادئ وبدون انفعال، لابد من لغة الحوار الهادئ بين الطرفين لك حق الكلام وعليك حق الاستماع، عدم الرمي بالتهم الباطلة كنوع من الاستفزاز للطرف الآخر.

على كل منهما أن يؤكد للآخر حبه له قبل أي شئ وعليها يبدأ الحوار.

الزواج مودة ورحمة سكن وأمان الزوجة تشعر بأن زوجها بر الآمان الكهف الذي يحتويها وتختبئ فى دفئه وعليها أن تشعر زوجها بالأمان والسكينة وعدم النقد لتصرفاته أولا بأول مثل الجلاد حتى لا تفقده الثقة فى نفسه معها ومع الآخرين.

لابد من الحديث عن مزايا الطرف الآخر والصفات الجميلة قبل الحديث عن العيوب، قبل اللوم يجب أن يتذكر كل منهما مواقف الحب والود ويضعها أمام عينيه قبل أن يلوم على موقف واحد ممكن أن يمر بسلام أو يحتاج إلى لفت نظر بسيط بكل رقة وذوق وأدب.

الحياة أصبحت صعبة من جميع النواحي داخلية أو خارجية هموم العالم تثقل أكتافنا تحنينا تبكينا لأننا جزء من هذا العالم لا نستطيع أن ننفصل عنه بحلوه أو مره فمع دوامة الحياة حولنا لابد من السكن والسكينة التي لا توجد إلا فى بيوتنا بين الزوج والزوجة عندما يعرف كل منهما حدود الله مع الآخر فلا تحاول الزوجة أن تكون هي الرجل وصاحبة الكلمة والصولجان ولا يكون الزوج مرعب فظ غليظ القلب لا يرى إلا مصلحته ويتجاهل مشاعر وآدمية الزوجة، وألا يسفه أحدهما أفعال الآخر أو مقارنته بالآخرين بل يحاول كل منهما أن يشعر الآخر انه أهم شئ فى حياته وأنه هو الوحيد الذي يلبى احتياجات الآخر ومطالبه.

وفى النهاية أقول لكل منهما لا تكن حلوا فتبلع ولاتكن مرا فتلفظ، قال تعالى "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون" آية 20 سورة الروم.