مؤتمر جامعة إربد الأهلية

د.محمد سالم سعد الله

مؤتمر جامعة إربد الأهلية

)اتجاهات معاصرة في اللغة والأدب والنقد (

د.محمد سالم سعد الله

[email protected]

أستاذ الفلسفة والمنطق والفقه الحضاري / جامعة الموصل

يتجه الوعي الثقافي الأكاديمي المعاصر إلى تبني صيغ جريئة في مناقشة مستجدات المشهد المعرفي ، متجاوزا الثنائيات التقليدية التي ألجمت البحث العلمي زمناً ، من قبيل : (المقدس والمدنس ، الدونية والفوقية ، الأصالة والحداثة ، ... ) ، وقد اتجهت البحوث المنتمية لهذا الوعي إلى إمكانيات حضور العقل المفكِر من جهة ، وغياب مهيمنات التفكير من جهة أخرى ، وبذلك اكتسب البحث العلمي طرائق فاعلة ، واليات غير محددة للمناقشة والتمييز والفحص والنقد ، والانتقال من مراقبة الظاهرة إلى بيان أسس اشتغالها ، وتحديد سلوكيات ناجعة لاختبارها .

وانطلاقاً مما ذُكِر أقامت جامعة إربد الأهلية من العشرين من تموز وحتى الحادي والعشرين منه ، مؤتمراً علمياً للغة والأدب والنقد حمل عنوان : ( إتجاهات معاصرة في اللغة والأدب والنقد ) شارك فيه نخبة من المفكرين والنقاد والأكاديميين العرب والأوربيين ، وقد أثيرت في هذا المؤتمر قضايا فكرية ونقدية ولغوية مهمة على صعيدي اللغة العربية والإنكليزية .

توزعت أعمال المؤتمر على جلسات أربع لكل يوم ، وقد افتُتِح بالسلام الملكي ، وتلاوة آي من القران الكريم ، وكلمة رئيس اللجنة التحضيرية عميد كلية الآداب بجامعة اربد ، وكلمة رئيس الجامعة وكلمة راعي المؤتمر رئيس مجمع اللغة العربية الأردني ( د. عبد الكريم خليفة ) ، وقد وزعت محاور المؤتمر على الشكل الآتي :

1- اللسانيات التداولية والنص اللغوي .

2- نظرية الحد الأدنى في دراسة اللغة

3- المغايرة والاختلاف في الأدب

4- منطلقات النقد الثقافي وتجلياته.

5- الترجمة وحركة المثاقفة.

وقد كانت هناك قاعتان لمناقشة البحوث ، قاعة لمناقشة بحوث اللغة العربية وأخرى للبحوث التي كُتبت باللغة الإنكليزية ، وسنقتصر في عرضنا هذا على البحوث التي قُدمت باللغة العربية نظراً لاتساع حجم المشاركة في المؤتمر .

حوت الجلسة الأولى بحوثاً سبعة هي : ( برنامـج الحد الأدنى وتخصيص الملكـة اللغويـة ، د. محمد غاليم / المغرب ) تناول فيه اقتران النمذجة النحوية في برنامج الحد الأدنى بتصور للملكة اللغوية ، ويدقق في مجالها النوعي ، ويقيد خصائصها الجوهرية إلى أقصى حدّ ، ساعيا إلى تمييز مظاهرها التي تتعلم من المحيط من المظاهر التي تنتج مباشرة عن هندسة الذهن، وتمييز الأجزاء الخاصة بها من الأجزاء التي تنتمي إلى ملكات معرفية أخرى . وبحث ( الأسس النظرية للسانيات التداولية والياتها الإجرائية على الخطاب التواصلي ، د. أحمد عزوز / الجزائر ) تناول فيه مصطلح التداولية بوصفه دراسة تُعنى بصفة خاصة بالكيفية التي بها تستعمل اللغة عند الحديث ، أو هي دراسة استخدام اللغة داخل الخطاب والسمات المميزة التي تؤسس وجهته الخطابية في صلب اللغة . وبحث ( وعي النقد ونقد الوعي في المقامة الموصلية : قراءة تداولية ثقافية ، د. جمال مقابلة / الأردن ) تحدث فيه عن مقامة الهمداني بوصفها جنسا أدبيا قامت في بدء أمرها على نقد الواقع ، وتمثل ذلك في شكلها ومضمونها ، وقد أفاد الباحث من منهجية التداولية ، وطروحات النقد الثقافي في قراءة النص وتحليله . وبحث ( قيمة الألسنية التداولية في الخطاب العربي ، د. مها خير بك / لبنان ) تحدثت فيه عن تحديد مفهوم القيمة بوجود معيار موضوعي ذي أساس عقلي مؤسس على ثوابت الأصول ومتغيرات الفروع ، فيتم بالمعيار المعتمد الكشف عن الحقائق المعرفية والإنسانية التي يضمرها الخطاب اللغوي ، وعن الأهداف التي يرغب المرسل في نقلها وتبنيها ، وأكدت الباحثة أنّ التداولية تشير إلى وجود علاقة ثابتة بين فكرة رئيسة حول موضوع ما ، والأفكار الجزئية التي ترتبط بالفكرة الرئيسة . وبحث ( التداولية وعناصر المقدرة الاتصالية ، د. نادية رمضان / مصر ) ذكرت فيه أنّ الاتجاه التداولي ينتمي في البحث اللغوي إلى اللسانيات المعاصرة التي تُعنى بدراسة الاستخدام والضوابط التي تحكمه ، ودور المقام أو السياق غير اللغوي في التواصل الإنساني ، وقد ركز هذا الدرس على ركيزتين هما : المتكلم والمتلقي ، وتؤكد الباحثة أنّ الاتجاه اللساني التداولي استعان بمناهج العلوم الإنسانية الأخرى : كعلم النفس وعلم الاجتماع والفلسفة والأنثروبولوجي ، ولا خلاف في ضرورة الاستعانة بالمناهج الشكلية في اللغة : كالبنيوية والتحويلية والعلائقية ، حتى يتحقق التكامل في تناول الخطاب من حيث الشكل والدلالة ، وقد عرفت الباحثة التداولية بوصفها دراسة المعنى في المواقف المختلفة أي بالإشارة إلى حدث معين أو مستخدم معين للغة . وبحث ( التثوير والتنوير في لغة الشعر العربي المعاصر ، د. فريد العمري / الإمارات ) تناول فيه مناقشة قضية الشكل الشعري وتحديد محتواه ، آخذا بالحسبان أن بنية الشعر تعطيه حقيقته وماهيته فيما لو التبس الأمر بأنواع أخرى من الكلام كالنثر ، ودرس البحث أيضا ما تواضع عليه البلاغيون في باب الشعر من تقسيمات لا تنفرد بجزئياتها إلا بقدر ما تكون ناجزة ، من حيث قدرتها على إعطاء نسيجها الذي فكت عنه ماهيتها وهي : الموسيقا والصورة واللفظة والجملة النحوية . ثم بحث ( د. مصطفى الحيادرة / الأردن : الأبعاد التداولية وأثرها في نشوء ظاهرة الترادف ) حاول الباحث في هذه الدراسة الوقوف على الأبعاد التداولية التي تقود إلى ظهور الألفاظ المترادفة في اللغة العربية التي تتعدد وتبرز بتنوع المرسل والرسالة والمتلقي والموقف الذي تقع فيه الرسالة والظروف النفسية والمعرفية وثقافة البيئة التي تقع الرسالة ضمن دائرتها . وقد كان لنا مداخلات في هذه الجلسة منها : يتسم البحث المنطلق من دول المغرب العربي ـ في الغالب ـ بسمتين هما :

1- ابتكار اشتقاقات لغوية ما أنزل الله بها من سلطان .

2- الزخم الاصطلاحي في صعيد الجملة الواحدة .

تتجه السمة الأولى إلى إدراكات منطلقة من النص غير العربي أولا ( بفعل الترجمة أو التعريب ) وقد لا يكون اللفظ المنقول إلى اللغة العربية دقيقا أو محددا بشكل علمي ، وتتناول السمة الثانية حشدا من المصطلحات المتتالية المتتابعة ، حتى يقف القارىء مندهشا أين القصد وأين المعنى والدلالة ، إن العنوان الذي بين أيدينا : ( الأسس النظرية للسانيات التداولية وآلياتها الإجرائية على الخطاب التواصلي ) يكتنز المصطلحات الآتية : النظرية ، اللسانيات ، التداولية ، الإجرائية ، الخطاب ، التواصلية ) ولكل من هذه المصطلحات الستة ميدان معرفي ذو خصوصية منهجية وعلمية ، والحاصل فيما ذكر أن هناك أزمة اصطلاحية تصطبغ بها النماذج المتعددة ، نتمنى من السادة الأفاضل تقديم حلول ناجعة لتجاوزها .

والمداخلة الثانية كانت مع بحث الدكتور أحمد عزوز : لا يمكن الحديث عن جذور فلسفية في بحث علمي يراد له الدقة ، لأن أبجديات الفكر الفلسفي غير معروفة وغير مقيدة ، لا سيما وان تطور هذا الفكر مرّ بمراحل غير مدونة ، لذلك فإن الحديث عن الجذور الفلسفية يتجه بالحديث عن الأسس الفلسفية ، ثم الحديث عن الأصول الفلسفية .

والمداخلة الثالثة كانت مع الدكتور الحيادرة : عندما نتحدث عن أبعاد تداولية فنحن نتحدث عن أبعاد منهج نقدي ، السؤال : هل تحولت التداولية إلى منهج نقدي دون استئذان ، وان كانت منهجا فما آلياتها ، ثم هل هناك ترادف في اللغة ؟ ، أجيب إنّ الترادف في اللغة خرافة ، لأن لكلّ لفظة مدلولا يتسم بالخصوصية ، ولا يمكن أن يحلّ محلّه مدلول آخر ، حتى وان ترادفت معنى ـ وهو نادر ـ فإنها لا تترادف صوتاً وفونيماً .

وحوت الجلسة الثانية التي تحدثت عن النقد الثقافي البحوث الآتية : ( النقد الثقافي : أسسه وغاياته ، د. صلاح الدين صالح / مصر ) وضّح فيه أنّ النقد الثقافي يعتمد على عدد من الأسس تتمثل بالشكلانيين الروس واهتمامهم بالأدبية ، ثم تناول النقد الماركسي ومدارسه الحديثة التي تتمثل في مدرسة فرانكفورت والمادية الثقافية والتاريخانية الحديثة ، ثم المنهج السيميائي وأهميته في رسم عالم النص ، ثم يهتم بحل مشكلة أثارتها البنيوية ، وتتلخص في أنّ هذه الأخيرة تناقش ما في داخل النص في ضوء مبدأ الثنائيات المتعارضة وترفض اللجوء إلى المرجع ، ثم تناول التفكيكية التي أوضحت أنّ دراسة المتعارضات تبوح للمفسر أو للناقد بنقاشات لم يلتفت إليها الكاتب ، ولكنها تشير إلى اللاوعي عنده ، وينصب اهتمام التفكيكية على اللاوعي أو اللاشعور لأنه هو الذي يفسر لنا المسكوت عنه في النصوص والخطابات . وبحث ( منطلقات النقد الثقافي وتجلياته ، د. حفناوي بعلي / الجزائر ) إذ أكد فيه أنّ الدراسات الثقافية كسرت مركزية النص ، ولم تعد تنظر إليه بما انه نص ، ولا إلى الأثر الاجتماعي الذي قد يظن أنه من إنتاج النص ، لقد صارت تأخذ النص من حيث ما يتحقق فيه من أثر أنظمة ثقافية ، فالنص هنا وسيلة وأداة ، وحسب مفهوم الدراسات الثقافية ليس النص سوى مادة خام يستخدم لاستكشاف أنماط معينة من مثل : الأنظمة السردية والإشكاليات الأيديولويجة وأنساق التمثيل ، وكل ما يمكن تجريده من النص، لكن النص ليس هو الغاية القصوى للدراسات الثقافية ، وإنما غايتها المبدئية هي الأنظمة الذاتية في فعلها الاجتماعي في أي تموضع كان ، بما في ذلك تموضعها النصوصي والخطابي . وبحث ( تجليات النقد الثقافي المعاصر في الجزائر ، د. محمد العيد تاروته / الجزائر ) تناول فيه قسمين : هدف الأول إلى إعطاء صورة عن النقد الأدبي المعاصر في الجزائر من حيث اتجاهاته والمحطات التي تدرج فيها ، ومن حيث أبرز أعلامه واهم مؤلفاته حتى الآن ، وعمد الثاني إلى محاولة تتبع الآراء النقدية التي دارت حول رواية (الزلزال ) للطاهر وطار التي يعدها الدارسون علامة على تنوع ثقافة الكاتب ، وهو ما أسهم في تنوع التلقي ، وخلص الباحث إلى أنّه لم تعد هناك مهام متوازية بين عمل الناقد وعمل الأديب ، وإنما هناك محاولة للتعبير عن مصير الإنسان صاحب المصلحة الأساسية في كل ما ينتجه المثقف ، سواء أكان أديبا أم ناقدا ، فالإنسان في النهاية هو خليفة الله في الأرض ، وهو محور الاهتمام . وبحث ( مسؤولية الشعر عن سمات الشخصية الثقافية العربية عند الغذامي ، د. أيمن الأحمد / الأردن ) تحدث فيه عن طروحات الغذامي من حيث تحميل الشعر العربي مسؤولية كثير من النقائص في الشخصية الثقافية العربية من مثل : الانفصال بين القول والفعل ، وتقبل الكذب ، والتفكير غير العقلاني ، وقبول الطاغية ، وقد رفض الغذامي في غير مناسبة ـ كما يشير الباحث ـ أن يكون الغذامي قد ذهب في أطروحته إلى جعل الشعر سببا في بعض أمراض الشخصية الثقافية العربية ، وبيّن أن ما قاله لا يعدو كون بيت الشعر حاملا للنسق ، وهو العلامة الكاشفة لهذا النسق ، وقد حاول هذا البحث تعميق النظر في طروحات الغذامي هذه ، وما أُثير حوله من ردود وتعليقات . وبحث ( أبجديات النقد الثقافي : جدلية كسر الأجناس وإفلاس النسق ، د. محمد سالم سعد الله / العراق ) تناولنا فيه معطيات النقد الثقافي من خلال أبجدياته ، أي من خلال تناول بعض النقاد لمفرداته في مرحلة الولادة والتكوين ، وقد أخذنا (رولان بارت) نموذجا لذلك من خلال ثلاث مراحل : ( مرحلة ما قبل البنيوية ، ومرحلة البنيوية والسيميائية ، ومرحلة ما بعد البنيوية ) ، ثم درسنا قراءات نقدية ثقافية أسهمت بشكل فاعل في تنمية مستوى الدرس الثقافي الشمولي ، وذلك من خلال قراءتين هما : (قراءة لاكان لفرويد ، وقراءة التوسير لماركس) ، ومن الجدير بالذكر أننا بدأنا بحثنا ببيتين من الشعر نعارض فيهما قصيدة أبي تمام (السيف أصدق إنباء من الكتب):

الجرحُ أصدقُ إنباءً من اللّعــــــبِ
حُـمّـلـتُ آهـاتٍ في البحثِ iiأسطرُها

فـي دّمـهِ الـوّدُّ بـينَ عراقٍ ومغتصبِ
وعـيــــاً ونـقـداً لدى فؤادٍ متعبِ

أثار بحثنا جملة من القضايا المفاهيمية المتعلقة بمصطلح النقد الثقافي ، ومنها :

1- تحديد النسق على المستوى المعرفي من حيث كونه متواليات معرفية متعايشة مع النسيج العلمي والبيئي المحدد ضمن رقعة إقليمية معينة ، وعلى المستوى اللغوي بوصفه إمكانيات دلالية تمنح التركيب معانٍ عدة ، ولهذه الأخيرة ارتباطات منها : ثقافية واجتماعية وسياسية ونفسية .

2- تحديد أبجديات النقد الثقافي والمتمثلة بمعطيات بارت ، وبعض القراءات المعاصرة له.

3- تحديد مفهوم ( كسر الأجناس ) والدعوات المعرفية المعاصرة إلى تداخلها .

4- تحديد معنى ما أطلقنا عليه : ( إفلاس النسق ) ودور ذلك في البناء الثقافي المعاصر.

وضمت هذه الجلسة أيضاً بحثاً في نُظُم التثاقف حمل عنوان : ( استخدام نظرية الأنظمة المتعددة في دراسة التثاقف ، د. أحلام صبيحات / الأردن ) تناولت فيه الباحثة وصف مفاهيم كل من الأنظمة المتعددة ونظريات التثاقف ضمن مجال الأدب ، وعُدّ ذلك محاولة لتقديم رؤية أدبية جديدة لإخضاع نظر الأنظمة المتعددة التي وُلدت في زمن متأخر عن ولادات التثاقف ، وأرادت الدراسة الوصول إلى نتيجة مفادها إضافة نماذج تطبيقية على المجتمعات العربية ، ثم مواجهة الترجمة مع الدراسات المقارنة ، فضلا عن محاولة الربط بين نظريات التثاقف ، ونظرية الأنظمة المتعددة .

وضمت الجلسة الثالثة البحوث الآتية : ( التفكير النقدي الأدونيسي والإستشراق ، د. عبد الرحيم المراشدة / الأردن ) تحدث فيه عن الأصول التي استقى أدونيس منها مادته وأفكاره ، ومن ثم حاول وضعها في إطار الدرس النقدي الحديث ، وبيّن علاقة الفكر الأدونيسي بمسألة الإستشراق التي كانت شاسعة في بدايات وأواسط القرن العشرين ، ثم بيّن علاقة أدونيس بالحداثة ومفهوماتها. وبحث ( الوافدات من الشواعر ، د. هناء فاضل / العراق ) تحدثت فيه عن عدد من الخطيبات العربيات اللواتي امتلكن ناصية الفصاحة والبيان ، وامتزن بدخولهن على الأمراء والخلفاء ، وعرض حاجاتهن وقضاياهن أو شكواهن . وبحث ( شعرية الاختلاف والتمرد في الشعر العراقي الحديث ، د. فيصل القصيري / العراق ) إذ تحدث عن نزعة الحداثة والرغبة بالتمرد اللتين اصطبغ بهما واقع شعر الحداثة في العراق ، مذ حمل لواءَه السياب وزملاؤه ، وعُدّ ذلك مصدرا لتفجير اللغة الشعرية ، وخروجا عن الشكل الشعري السائد والتقليدي ، فضلا عن تناول الباحث ثورة الشعر الحديث على مظاهر التخلف الاجتماعي والقمع السياسي الذي مارسته وتمارسه السلطات الدكتاتورية لإيقاف صوت الشاعر ومصادرة حريته في التعبير . وبحث ( المغايرة والاختلاف في الشعر العربي القديم حتى العصر العباسي ، د. عدنان كريم / العراق ) تناول فيه استنباط النقاد لمصطلحات جديدة أدبية بعد كل مرحلة زمنية قد تتجاوز القرن أو أكثر ، ولذلك تحرك المصطلح الأدبي بمستوى الإدراك والوعي بظهور الظاهرة الأدبية في مرحلة النشأة والحديث عنها بوصفها دافعاً للمغايرة والاختلاف .

وخُصِصت الجلسة الرابعة لبحث قضايا الترجمة وإشكالاتها ، وقد ضمت البحوث الآتية : بيت الحكمة وبيوت العلم وأثرها في حركة الترجمة والتأليف ، د. يحيى الجبوري / الأردن ) تحدث فيه عن دور بيت الحكمة المعرفي والثقافي في عملية الترجمة ، ونقل المعارف إلى اللغة العربية فضلا عن بيوت أخرى إسلامية أسهمت في حركة معرفة الثقافة الإسلامية بالأمم الأخرى ومحصلة نتاجاتهم المعرفية . وبحث ( ترجمـة المصطلـح وتعريبـه بين التبايـن الثقافي ووعي الذات ، د. محمود حسينات / الأردن ) بيّن فيه الباحث أنّ مشكلة ترجمة المصطلح وتعريبه ليست قضية علماء اللغة وحدهم ، بل إنها قضية أصحاب الاختصاص كلّ في مجاله ، ولا بد من تضافر الجهود للوصول إلى نتائج ملموسة تخدم قضية الترجمة والتعريب ، وتنقل أمتنا إلى موقع متقدم بثقافتها وحضارتها . وبحث ( الترجمة والتواصل الثقافي والمعرفي ، د. حسين رحيل / الأردن ) وضّح فيه أنّ الترجمة شكلت على امتداد قرون أداة فاعلة للتواصل بين الأفراد الذين ينتمون إلى لغات وثقافات مختلفة ، وأكد أنّ الترجمة لا تزال تشكل ركيزة مهمـة للتواصـل بين الثقافـات لكنّ ذلك لا يعني الانفتاح على الآخر دون قيود ، وبهذا تعد الترجمة وسيلة للنمو في ميادين متداخلة وهي الثقافة والعلم والمعرفة ، فهي ـ أي الترجمة ـ أداة لا غنى عنها لاستيعاب المعارف والعلوم والنمو الثقافي .

أما جلسات اليوم الثاني فقد ضمت الأولى منها ـ المتعلقة بالتحليل التداولي ـ البحوث الآتية : ( التحليل التداولي في الخطاب الشعري ، د. عمار ساسي / الجزائر ) تناول فيه الباحث إشكالية تطبيقية تخص التحليل التداولي للخطاب الشعري من خلال نموذج قصيدة ( فلسطين على الصليب ) لمفدي زكريا . وبحث : ( الوظائف التداولية في الخطاب الشعري في ضوء نظرية الأفعال الكلامية ، د. نعمان بوقرة / الجزائر ) تحدث فيه عن جانبين :

1- التعريف بنظرية الأفعال الكلامية في اللسانيات الغربية ، وتحليل الخطاب وموقعه من المنظومة البلاغية واللسانية التراثية .

2- الجانب الإجرائي للنظرية بتطبيقها في قراءة نقدية لسانية لخطاب شعري حديث ، تمثله قصيدة الشابي والموسومة بـ( فلسفة الثعبان المقدس).

وبحث : ( جمالية الأدب بين التداولية والاختلاف : دراسة في ضوء علم الإشارة ، د. عشتار داؤد / العراق ) قدمت فيه الباحثة تساؤلات عدة عن طبيعة الأدب وكيفية تلقيه ، وعن القائم بعملية التأويل ، ثم هل يمثل النص قراءة من المنشىء لسياق ثقافي معين ، أم انه قراءة من قارىء لنص أحكم إغلاقه ، أم انه قراءة من النص نفسه لذوات القراء بتعدديتهم واختلاف مشاربهم ، فمن أين يكتسب النص تعدديته القرائية ، وانفتاحيته على مستويات عدة ، ثم ما هو التأويل ، ... ونحو ذلك من الأسئلة التي أثيرت في سياق دراسة جمالية الأدب بين التداولية والاختلاف . وبحث : ( طبيعة العمل الفني والياته وإشكالية الإبداع ، د. أسماء صابر / العراق ) تحدثت فيه الباحثة عن جدلية الوعي والواقع الفني ودور كل منهما في صياغة وتشكيل سُبل الإبداع ، وأكدت أن التجربة الإنسانية هي وسيلة لاكتشاف المجهول ، لكنها في الوقت نفسه لا تحدّ العقل ولا تقيده ، لأنّ الإنسان كائن حر ، وليس ظاهرة طبيعية آلية تسيرها قوانين الطبيعة أو الغريزة ، وله حرية الاختيار والسلوك انطلاقا من فهمه لذاته ولحياته . وبحث : ( الذرائعية الأدبية المفهوم والإجراء ، د. سامي عبابنه / الأردن ) تناول فيه قضايا مهمة تتعلق بالدرس التداولي الذي أطلق عليه ( الذرائعية ) وهي التسمية الأقرب إلى مسار النهج العلمي لهذا النوع من الدراسات ، وقد حدد الباحث الذارئعية الأدبية بوصفها إمكانيات تتعامل مع النص الأدبي بوصفه نصا لغويا وفقا لموقعه في عملية الاتصال ـ كما تتصورها الذرائعية الأدبية ـ التي تقوم على جانبين هما : ( نظرية للنصوص الأدبية ) ، و( نظرية للتواصل الأدبي ) ، إذ تركز الأولى على أنّ الأدب اكتسب تميزه النوعي عن مجمل الفعاليات الكلامية واللغوية بوصفه فعالية إنتاجية تقع في إطار سياق اجتماعي تاريخي ثقافي ، تسعى إلى تحقيق غاية أدبية ، وتهتم الثانية بما يعرف بالكفاءة الأدبية التي تُمكِن المؤلف من أن يكتب نصا لغويا أدبيا ، وتخول القارىء للتعامل مع النص الأدبي وفقا لأدبيته . وبحث : ( التقديم والتأخير في نسق الفاصلة القرآنيـة وأبعادها التداولية ، د. خالد بني دومي / الأردن ) تناول فيه أمرين : الأول متعلق بالحديث عن الفاصلة القرآنية والغرض الذي تحققه في النص من خلال جانبي الإيقاع والدلالة ، والثاني مراعاة الأبعاد التداولية لأنساق الفواصل القرآنية التي وردت على أحوال التقديم والتأخير ، وقد أولى النص القرآني ـ كما ذكر الباحث ـ هذه الأبعاد التداولية كلّ عناية واهتمام ، فجاءت السياقات القرآنية ترجمة حية للمقولة البلاغية : ( لكلّ مقام مقال ) .

وقد كانت لنا مداخلتان في هذه الجلسة ، واحدة مع بحث ( جمالية الأدب بين التداولية والاختلاف ) الذي جمع بين أربعة ميادين معرفية هي : التداولية بوصفها إمكانيات فلسفية تقترب من التواصلية ، ومصطلح الاختلاف القائم على معطيات التفكيك ، والإشارة القائمة على معطيات السيميائية ، والجمالية المنطلقة أساسا من إفرازات ( الفن للفن ) ، فكيف تمت صياغة هذا التشكيل علميا ، وما مسوغ الجمع بين هذه الميادين ، التي يمتلك كلّ واحد منها خصوصيته في النقد والتحليل والإجراء والتطبيق ؟! .

والمداخلة الثانية كانت مع بحث ( الفاصلة القرآنية ) ، إذ تساءلنا ما هي الأبعاد الذرائعية لدراسة التقديم والتأخير في الفاصلة القرآنية ، وقلنا أننا نؤمن شخصياً أن أسرار التقديم والتأخير في الفاصلة القرآنية تخضع لأبعاد دلالية لا تداولية ( ذرائعية ) ، لا سيما إذا علمنا أن الذرائعية انطلقت أساسا من إمكانيات فلسفية لاستغلال كلّ شيء بأي وسيلة كانت ، ثم هل يستطيع الباحث تجريد التداولية عن مرحلة ولادتها الفلسفية التي لا تنسجم بوصفها آلية تحليلية تُطبّق على النص القرآني ، الذي ذكرتَ أنه نصٌ محفوف بالمخاطر ، وقد شعرنا أنّ التداولية تحولت إلى أيقونا تصطبغ به بعض البحوث دون تحديد منهجي أو إجرائي لأبعادها الحقيقة كما هي ، لذا يمكن القول أنّ من أراد دراسة التداوليـة فعليه أنّ ينطلق من الفلسفة إلى الفلسفة ، وليس من الفلسفة إلى النقد ، لأن التداولية ليست منهجا نقديا .

وضمت الجلسة الثانية البحوث الآتية : ( التفسير الأسطوري للشعر الجاهلي : رؤية منهجية مغايرة ، عبد الرحمن الوصيفي / مصر ) تناول الباحث فيه رؤى مغايرة في المنهج التفسيري للأساطير في الشعر الجاهلي ، محاولا الوصول إلى منهج عربي خالص لتفسير نصوص الأدب الجاهلي ، بعيدا عن الفرضيات التي لا أساس لها من الصحة ـ حسب تعبيره ـ كما ويهتم البحث بالأساطير الحقيقية التي تناولها شعراء العصر الجاهلي ومحاولة وضع تأصيل علمي لهذا المنهج . وبحث : ( المستويات الدلالية في نظرية النظم ، د. هدى الحديثي / دبي ) تحدثت فيه عن سبل المعنى ومستوياتها الدلالية في نظرية النظم عند عبد القاهر الجرجاني ، وقد تجلى ذلك كما ذكرت الباحثة في مستويين : ( مستوى العلاقات التركيبية ، ومستوى العلاقات الدلالية ) إذ تتكون البنى النحوية في المستوى الأول بتنوع أشكالها اللغوية ، ويكشف المستوى الثاني عن المعاني الناشئـة في النفس من خلال التعبير بظاهـرة الألفاظ عن معان أخرى ، وهذا ما اصطلح عليه ( معنى المعنى ) . وبحث : ( متغيرات البنيـة وأثرها في توجيه المعنى في النص القرآني ، د. رسول حسن / دبي ) تحدث فيه عن المتغير اللفظي بوصفه عنصرا لغويا يحدث أثرا أسلوبيا في التركيب ، وتحدث أيضا عن صور تنوع الخبر في النص القرآني على صعيدي : المستوى التركيبي المتمثل بصور التقديم والتأخير والذكر والحذف والتعريف والتنكير ، والمستوى البياني المتمثل بصور التشبيه والاستعارة والكناية إلى جانب جرس الألفاظ ، وكلّ ذلك محكوم بسياق المقام في النص القرآني ومقتضى الحال ، التي يشكل المتلقي فيها عنصرا أساسيا ، وبذلك يصل الباحث إلى دور المتغير اللفظي بوصفه عنصرا أسلوبيا يتجلى في النص القرآني مبينا قيمته التعبيرية والدلالية . وبحث : ( ثنائية المرأة والديار : المعلقات السبع المشهورات أنموذجاً ، د. سعاد محجوب / دبي ) تناول البحث بالتقصي أثر الظروف المحيطة وقتئذ بالشاعر في تميزه وتفرده ، وكيف طوّع الشاعر هذه الظروف لخدمة النص الأدبي ، حتى يحقق ما يصبو إليه من إبداع وتألق ، بينما حاول البعض أن يحقق ذاته وإبداعه من خلال مجاهرته بمغامراته ولهوه كامرىء القيس . وبحث : ( أثر المثاقفة في مسرح سعد الله ونوس ، د. حسن العمري / الأردن ) قدّم الباحث فيه تأثر المسرحي ونوس بالمسرح العالمي ، وقد كوّن تجربته من خلال التأثر بالظروف التي مرت بالمسرح العالمي من ظروف قد تشبه ـ إلى حد ما ـ الظروف التي تمر بها الدول العربية ، وأخذ الباحث مثال هذا التأثر ( باييخو ) المسرحي الإسباني الذي عبر عن مراحل الاحتلال التي رافقت الإنسان الاسباني ، وقد عدّ ونوس مثال مسرح ( باييخو ) مثالا حيا على المثاقفة بين الشرق والغرب ، سواء من حيث الموضوعات أو التقنيات المسرحية .

وحوت الجلسة الثالثة البحوث الآتية : رواية الثلاثة للشيخ البشير الإبراهيمي : نمطية الأداء وانزياح الخطاب ، د. حسن الكاتب / الجزائر ) هدف هذا البحث إلى التوقف عند انزياح الخطاب الإبداعي في ( رواية الثلاثة ) لأحد أعلام النهضة الجزائرية وثورة التحرير الوطنية فيها ، وقد وصف الباحث هذا الخطاب بكونه تجليا للمغايرة التي تطبع الأدب الخالد المتجاوز للنمطية الدامغة للقالب الموروث . وبحث : ( الرواية السير ذاتية : اختلاف الأجناسي والمغايرة النوعية ، د. محمد صابر عبيد / العراق ) اشتغل البحث على تحليل عنصر الاختلاف الاجناسي والمغايرة النوعية من خلال مجموعة من المداخل تأتي في مقدمتها تحليل معمارية الراوية على أساس هذا التداخل الاجناسي بين نوعين سرديين ، ثم قراءة أقنعة السرد الروائي بمواجهة أقنعة السرد السير ذاتي ، وصولا إلى استكشاف حساسية جديدة في المنظور السردي ـ حسب تعبير الباحث ـ ، وقد اختار البحث نموذج رواية ( الحديقة السرية ) لمحمد القيسي لمقارباته النقدية . وبحث : ( الاغتراب النسوي في الشعر الجاهلي ، د. أحمد الزغبي / الأردن ) تناول البحث مفهوم الاغتراب العام ، والعوامل المشكلة للاغتراب النسوي في الشعر الجاهلي ، ووسائل مواجهة الاغتراب النسوي .

وفي الجلسة الرابعة قُدِّمت البحوث الآتية : ( السياب والشعر الصيني ، أ.خالد علي مصطفى / العراق ) تحدث فيه الأستاذ خالد عن وجود تأثرات موصولة بالشعر الصيني في شعر السياب استنادا إلى قرائن نصية ، إذ كان السياب على علم بمجموعة من الشعر الصيني ترجمها إلى الإنكليزية الشاعر (عزرا باوند) الأمريكي ، وعند المقارنة بين تلك النصوص تتضح صورة التأثر . وبحث : ( في جماليات التحليل الثقافي : روميات أبي فراس الحمداني نموذجاً ، د. أمل نصير / دبي ) عدت الباحثة أنّ النقد لثقافي من أبرز الاتجاهات النقدية التي ظهرت بعد البنيوية ، وهو فرع من فروع النقد النصوصي ـ كما تقول ـ وهو يُعنى بنقد الأنساق المضمرة التي ينطوي عليها الخطاب الثقافي بكل تجلياته وأنماطه وصيغه . وبحث : ( ظاهرة الحذف في اللغة العربية وأبعادها التداولية ، د. عطا موسى / الأردن ) وتناول عرض المواضع التي يتجلى فيها البعد التداولي للحذف ، لإلقاء الضوء على ما تشتمل عليه التراكيب والدلالات ، وما تنطوي عليه من ربط محكم بالمواقف الاجتماعية المختلفة . وبعد هذه الجلسة تُليت التوصيات والمقترحات للموسم القابل .