مرآة العالم ملوثة بالدم
مرآة العالم ملوثة بالدم
مصطفى الأحمد
ما يُعاش في العالم العربي شيء فاق حدود الجنون ، حقيقة من واقع يزداد سوءً يوماً بعد يوم . من تخدير للعقول وسلب طاقات الإرادة الحرة للإنسان من تشويه للأفكار . والمحاولات الشنيعة للقضاء على القيم النبيلة والأخلاق الحسنة ، بزرع بذور الفتن التي لاحصر لها ولالون و كيفية إستغلالها بترك الناس غرقى في توافه الأمور وسط بحار جهل أمواجها سموم تموج بين الأقطار سموم باطنها أخطر من ظاهرها بما تحمله بطياتها من أضرار في توسيع دائرة التعصب بنشر أفكار عنصرية ولدت الحقد والكره في نفوس الكثير شيء بات خارجاً عن الأنضباط العقلاني من خلال نظرة إنحطاط وتدني قيمة الإنسان إتجاه أخيه الإنسان ،
من ممارسة ظلم وطغيان ومجازر تشمئز منها النفوس وتقشعر لها الأبدان . لبث الرعب والخوف في النفوس من خلال أفعال بشعة وجرائم وحشية لا تمت بصلة إلى أي دين من الأديان . وقصص معاناة قاسية وظواهر كثيرة سيئة ، من القتل والدمار والتشريد الذي أودى بحياة الكثيرين بسبب سيل جارف يصب في بوتقة المصالح العليا على حساب الشعوب ضحاياه . من فئات المجتمع كافة وخاصة الأطفال وكبار السن . جرائم وحشية ترتكب ضد الإنسانية تريد أخماد روح التسامح والإخاء في التعايش الإيجابي بين البشر وتشويهاً لصورة الإنسان. ببث سموم التفرقة والعداوة بين الأمم والشعوب تحمل بداخلها كل الحزن والمأسي تدل على العجز الذي وصل إليه الإنسان في عالمنا اليوم في ظل عصر العلم والمعرفة والتطور
في أبشع صور سجلها التاريخ تصب في مرآة العالم بطابع وطوابع معتمة ومموهة
لقد أصابت الإنسان بشلل وتركته فاقد للوعي في دهشة وحيرة يسأل نفسه الى أين تتجه الإنسانية ؟ وأين تقف من هذا الأنحدار الذي يمارس على أرض الواقع من سموم وأمراض لوثت الهواء ، شيء بات مخجل ومعيب بسبب الفشل القائم في التصدي والحد من الظلم والتعذيب والإهانة التي تمارس بحق الإنسان ، نعم أننا نصحي وننام على أخبار وظلم طردت صدق الإبتسام . ورحلت الأحلام من النوم سكنت ظلام الإزدحام
نلوم الإنسانية . لكن يغيب عن الذهن أنه بدون عطاء الإنسان لحياة أفضل في دوام إستمرار الخير للإنسان لايمكن أن يكون للإنسانية تقدم وأزدهار و أن أعباء العالم حمل ثقيل وعند تركه على عاتق الإنسانية فحسب أوجهة معنية ويبقى الإنسان منعكف على نفسه هناك من يهتم. من يفكر ليس .من شأني .هذا بعيد عني .أعيش حياتي لا يهم ما يحدث . فذاك شيء طبيعي سيحدث معه إختلال في الإتزان مما يدور من متغيرات مجرى الحياة والشاهد القريب والظاهر ما نراه كل يوم من إزدياد ملحوظ في البطش والظلم بحق الإنسانية وتفشي وسريان الأمراض وأرتفاع لهيب النار في الأقطار
لقد سرقنا الوقت من الوقت بعذر وبلا أعذار. والكل يطلب ويريد السلام ليعم الخير في العالم بالتمام وبدون تحطيم الحدود الباطنة والحواجز الوهمية التي تمكنت بداخلنا من الصعب أن تجد تقارب وتفاهم وتعاون متبادل في إحترم الإنسان للإنسان
وأن من أسباب التأخر في التقدم في شتى مجالات كثيرة . العناد والإصرار على إطفاء الأنوار فقط أنا أنا أنا ؟ وهي من أكبر أسباب ما يعاش من ظلم وحرمان و حقوق مخفية و حقوق مفقودة . لخير عطاء الإنسان لأخيه الإنسان لنعيم حياة وإزدهار ، ومن كثرة الطمع أختفت القناعة ولم يعرف لها عنوان . أصبح الدافع الأكبر في كل خطوات وقرب هو ربح ومال . وتكبير للصور من قول في مقال . لايأتي بالفائدة فقط خلق فراغ لتمكين فراغ وشتات وضياع ..
إن من أسباب أمراض العالم وتوسع إنتشارها حب الأنانية عند الكثير واللتفات للكسب والتجارة من بابها على حساب البشرية ، و مانعيشه من متغيرات الزمن أحدثت شلل مسبق للعقول صاحب معه ملل في أوقات أجبرت الرفض على القبول ، مانعيشه وسط منحدر متقلبات الحياة مؤشر إنقراض قيم نبيلة كانت أمام مجرى العيون ، ونورها بدأ يختفي . وبكثرة أقنعة ظاهرها أبيض وباطنها أسود . لمصالح وقت أعدمت الثقة بين الناس . وعطور تخفي سموم . وبذور باطنها شوك فرقت وأبعدت الناس عن الناس .. وتبخرت جيد الأفكار من كثرة قصص وروايات تافهة وصنع خيال و كلمات مركبة لا تقدم للأدب ثقلٌ بمسار وهذا مؤشر لإنحراف الأدب عن طريقه طالبا ً للشهرة والمال ليس لبناء حياة للأجيال ، بعيداً عن صدق الرقابة الحرة في تقديم و إختيار ما هو أفضل لحياة الإنسان وبالطبع صاحبه مع الوقت تدني في الذوق وتلاعب في مشاعر البشر . ومن أسباب كثيرة نتيجة فراغ وحرمان وعزلة من أضطرابات أثقال وهموم الحياة من تدهور للأحاسيس شكلت غطاء لسد كثير مما هو مفقود جعلت الإنسان يتجه بحبه وإهتمامه للحيوان أكثر من إهتمامه وتفكره إتجاه نظره ؟ نظرة لإخيه مما يهدد حياة الإنسان
إن مايحدث من تشتت في عدم التركيز لمعرفة الحقيقة أو الأقتراب منها ما تقوم به وسائل الإعلام في أعطاء متسع من الوقت في تحليل وتكبير الأحداث التي تدور برسم وتفسير ودوران حولها وإشغال الناس بها بضياع وقت يُحدث في الرأس صداع غافل به عن صدق محتواها وزيادة البحث في إيجاد الحلول إلى أن أصبحت مملة إنفجر أمام العيون حدث أخر جديد وهكذا . ومعاملة الجمهور بالتسلية على أنه طفل صغير يزعجونه من جانب ويسعدونه من جانب أخر ويسدلون الستار على لوحة ، ويفتحون النافذة على مسرح ،ويخمدون نار لكن يشعلون حولها نيران ،حروب نفسية تترك الإنسان بمكانه حائر وحول نفسه له دوران في تخبط وشتات تائهاً بعيداً عن نفسه غير مرتكز على عنوان
ما نعيشه من أسباب أزدياد وتفشي الجهل الأعتماد على ثقافة قيل وقال وعدم تقصي الحقائق ، والأقبال والعبث في مستنقعات توافه لا تغني ولا تفيد والوقوف على العناوين والسير معها أين أتجهت و من أثار الجهل بعض الأشياءالثمينة التي لم يتسنى لها الوقت أن تدفن وتُنفى من النفوس الطيبة من مجاملات بعيدة عن المكان والزمان ونفاق لا يليق بروح الأنسان وخطابات رنانة وفقاغات كلام ، وشعارات بعيدة عن الجدية وصدق المضمون ، بضياع أوقات كلها تصب في بحر ميت لاحياة به
و بغياب نور الصدق وبفقدانه ضاعت عقول كثير وهاجرت أناس كثير و أناس باعت نفسها برخيص منهم من أجر فكره وقلمه .منهم من باع لأطماع على حساب حياة الأبرياء . منهم من أجبرته الظروف على الأختفاء في الظل . ومنهم من إعتزل ربما تأثر ربما لم يتأثر . ومنهم من لايُعرف له عنوان من وراءسياسة القمع والإستبداد رمته سجين الجدران . ومنهم من رحل عن الحياة بسبب تعذيب وحرمان وبلا إعتبار رمي في قطار النسيان ومنهم من ساعدته الأقدار وفر هارباً يحمل بداخله صدق أفكاره وصمت حريته وحزنه حزن يحرق القلب ويقطع العروق منهم من وصل بر الأمان وكثير منهم أمواج البحر رمته وأطفئت نور عنوان . نعم هنا بلادي بلاد العرب . الباب مغلق أمام كل حر ولكل فكر فقط .ما يتماشى تحت سلطة أولياء الأمر ليس للتقدم . بل للبقاء على قيد الجهل ، أليست هذه بلادنا بلاد أهلنا وأجدادنا . ألا يكفي أني إنسان
ألا يكفيك أنك الإنسان .
ألم يهاجر عباقرة و أدباء ومثقفون . و أليس يوجد مثلهم كثير مرميون في السجون . وكثير من هم مبعدون و منسيون . أليس هم أنوار علم . شعوب العرب من أنوارهم محرومون ووو . إن الحال حزن من الحال والحُزن حزن فيما يدور مما دار . وما يحزن أننا مازلنا وسط بحور جهل تتلاعب بنا أمواجها
تغنى الليل والناس نيامٌ نيام وعلى نغماته جف نهر الاحلام أختنقت العطور وطار الإبتسام
إعتكف القمر وحل الظلام إنتحرت الكلمات وأصبحت حطام في بلاد العرب أطنان كلمات وكلام
إزدحام الصمت أزعجه منام وقال ممنوع الكلام ممنوع الكلام إسرح و أشرب ونام
وإياك إياك حتى الأحلام وبكى الليل وقال أما زلتم نيام أما زلتم نيام
إلى أين تتجه بلادنا الى أين يتجه العالم اليوم وأين نحن نقف من جراء ذلك الإنحدار في الإنتحار الزائف ؟ الذي يجر معه الإنسانية الى الهاوية المظلمة . لا يمكننا إيقاف هذا الأنتحارالمجهول ؟ لكن بوسع العقول الكبيرة لمن لديهم الفكر والوعي بتصحيح و إنجاز يصب في خير الإنسانية لنعيم حياة أفضل في إنقاذ الكثيرين من الغرق ...
نعم لا يمكنك أن تفرض أفكارك وأراءك ٠ وربما الكثير لا يتقبل ما تقول . لكن يمكنك أن تنبه الى حد ما في صحوة فكر تخدم الإنسانية إن كنت تعيش على كوكب الأرض . مع أخيك الإنسان ، عسى أن يستفيد منها ولو إنسان واحد فقط ... ربما بوسعه تغير الكثير مما ليس بوسعك أنت . أن كوارث العالم دليل غياب العدل بين البشر .الإنسانية ليست سوى عن العشق والفن والتفاخر ومسابقات وتكريم وجوائز
الإنسانية طفل لطيف يحتاج العناية دوما ً . بالتجديد والبناء لتبقى صورته البريئة نقية واضحة في وسط السماء
حتى تنعم الإنسانية تحت سماء صافية خالية من السموم والغبار . من كل أفات وأمراض ظاهرية وباطنية تريد النيل من البشرية . وبمقومات العطاء الإنساني الحر بالتعاون ووحدة الفكر والإخاء عطاء نعيم . وسلام وخير يعم جميع العالم
بكل أرضه وبحاره وغاباته وأنهاره وسمائه وغيومه ومداره . رثاء للإنسانية مما يدور من حقيقة حية
والإنسانية أساس الحياة
مهما أرتفعت الأصوات وأختلفت اللغات وكثرت الطرق
وزاد البرد والشتات وفرقت الحدود النبات تبقى الإنسانية
الإنسانية أصل الثبات