حذار.. لم يبق غير ورقة التوت
زهير سالم*
عجيب أو مخيف أمر الإدارة الأمريكية!! تلك الإدارة التي لم تجد حلاً للتعنت الصهيوني المضاد للسلام إلا في مطالبة القادة العرب بالمزيد من (المبادرات) و(التنازلات).
وبينما يمعن المسئولون الصهاينة في إطلاق التصريحات المستفزة التي تصادر كل ساحات السلام المنشود...
وبينما ألغى نتنياهو في حديثه عن الدولة الفلسطينية كل المدلولات اللغوية لكلمة دولة أو كيان..
وبينما يتقدم الاستيطان على الأرض الفلسطينية وتتسع المستوطنات، ويعلو الخطاب الاستيطاني داخل أرض فلسطين وخارجها..
وبينما تهود في فلسطين التاريخ والجغرافيا والأرض والإنسان وتباع أرض فلسطين الأميرية للمستوطنين والسماسرة..
وبينما تهدم في القدس الدور والأحياء، ويسلخ ساكن القدس من داره، ومن حيه، ومن مدينته ومن هويته..
وبينما تمارس كل هذه السياسات (الإيجابية جداً!!) في دعم عملية السلام على الساحة المحلية..
وبينما تتمرد الإدارة الصهيونية على الإدارة الأمريكية، وترفض كل توجهاتها والتماساتها...
بينما يحدث كل هذا وذاك تستدير الإدارة الأمريكية إلى الطرف العربي لتضغط عليه مطالبة بالمزيد من المبادرات وبالمزيد من التنازلات !!!
نعم عجيب أمر الإدارة الأمريكية هذه التي لم تجد في المبادرة العربية، وفي المواقف العربية القطرية ما يكفي للتأسيس لعملية السلام!! لينطلق المسئولون الأمريكيون والأوربيون من كل حدب ينسلون لإقناع القادة العرب بتقديم المزيد من التنازلات أو المزيد من المبادرات مكافأة للموقف الصهيوني، أو تشجيعاً للقادة الصهاينة على المزيد من التشدد. وكأن لسان الحال يقول: كلما اشتددتم ارتخينا، وكلما شددتم رخينا، وكلما تقدمتم تراجعنا، وكلما رفضتم أو غضبتم استرضينا..
عجيب أمر الإدارة الأمريكية..
ومخيف أمر (الإدارة) العربية التي لا تزال هي والانتلجنسيا المستفيدة منها تكتشف وجوه الحكمة والصوابية، وبُعد النظر فيما تطلبه أو تفرضه الإدارة الأمريكية أو جنودها المجندون: على القادة العرب أن يُعدوا شعوبهم للقبول بالسلام تقول السيدة هيلاري كلينتون. لم نمدد أيدنا بالسلام إلى الإسرائيليين كما ينبغي يؤكد حاكم عربي.
البرنامج الذي تعمل عليه الإدارة الأمريكية هو أن تجعل الشعوب العربية تغفر لقاتليها وتبارك لاعنيها.. ولكن المشكلة الحقيقية هي أن هؤلاء القاتلين واللاعنين لا يغفرون لمن يقتلون ولا يباركون من يعلنون.
المخيف في أمر (المبادرات العربية)، أنها لم تبق على أجسادنا غير ورقة توت..
أعلم أن الكثير من القراء سيجادلونني في هذا، ويتهمونني بالتفاؤل المفرط. وأن بعضهم سيتبرع لي بتلسكوب ( هابل الالكتروني ) لأدله على مكان ورقة التوت على أجسادنا العارية..
إن تفاءلنا أو تشاءلنا أو تشاءمنا.. فإننا سنجمع جميعاً على مقولة: حذار.... فالمطلوب خطوات إلى الوراء تستدرك بعض التفريط..
(*) مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية