هبطوا على القمر أم لم يهبطوا

ابتهال قدور *

[email protected]

ألا تذهلك مثلي تلك الفقاعات التي بلغ حجم خفتها درجة تستخف بعقولنا!!

هناك من يقول لنا اليوم أن الإنسان لم يصل إلى القمر، كل مافي الأمر كذبة اختلقتها الولايات المتحدة الأمريكية، لتقهر بها غريمتها في ذلك الوقت...

أربعون عاما انقضت على حدث تجاوز الأرض، وشاهده وتقبله أهل الأرض، لكي يأتيك اليوم من ينفي ويتحدى ويسوق الأدلة والبراهين على صحة مايذهب إليه !!!

وأمريكا صامته تترك أهل النفي لنفيهم، وأهل التكذيب لتكذيبهم، وتترك الغارقين في القاعات يزدادون غرقا حتى الإشباع...

يحضرني هنا قول المتنبي :

أنام ملء جفوني عن شواردها        ويسهر الخلق جراها ويختصم

مشكلة كبرى لاتقل حجماً عن مشكلة التخلف التي تعيشها أمتنا، هي تلك الطريقة في التعامل مع الحقائق العلمية.

بل لعل لكليهما ارتباط بالآخر، هذه من تلك، أو تلك من هذه، لايهم فالنتيجة واحدة : عدم الثقة بالعقل الانساني المعجز الذي قهر كل المسلمات الغابرة، وتجاوز بطريقة متدرجة رائعة الجمال والإبداع كل الاعتقادات البدائية، لكي ينقلنا الى عظمة تستمد حقيقتها وتناغمها وتناسبها وإعجازها من روح الخالق عز وجل ...

الانسانية بكاملها تقف اليوم على قمة مابلغته من تقنية، بعدما قطعت أشواطاً من المعاناة والسهر والمشقات..

الانسانية بكاملها تمسك بمنتوجها الحضاري الذي لايقل حجماً وكماً ونوعاً عن الصعود الى القمر...

 ولكن  على الرغم من ذلك فإن هناك من ينفي، ويطيب لي أن أوجه لهؤلاء الخطاب الإلهي: أفلا ينظرون!!!

هانحن اليوم نشهد على حقيقة عالم رقمي..عالم تحدى أسطورة المسافات، وتحدى من ثمة ارتباط الزمن بالمسافات.

هانحن نعيش شقاوات وسعادات بني البشر في أبعد أصقاع البسيطة من خلال الأقمار الصناعية، وهانحن ننتقل بأجسامنا من خلال تقنية الأبعاد الثلاثية الحديثة التي تجعلك تراني أمامك بينما أنا في مكان آخر، وهاهي الصواريخ ترحل وتجيء، وهاهي علوم الفلك والبحار والمناخ والنفوس وماذا نعدد ، وهل سنستطيع أن نحصي!!!

يدهشني التكذيب...لا لأنني أثق بأمريكا، وماتقول أمريكا، ولكن لأنني أثق بعيني وأذني ، وأثق بالمحسوس والملموس، وأثق بقدراتي العقلية، فمن ذا الذي يريد زرع الشكوك حتى في ما نرى ونسمع ونلمس ونعيش...من الذي يريد أن يقول لي وأنا على متن طائرة تحلق آلاف الأقدام فوق التراب أنت تعيشين أكذوبة!!

ومن هو الذي يريد بنا سوءاً ؟ أهو ذاك الذي يخترع ويبحث ويمضي عمره في المختبرات ثم يقدم لي الحقائق والاكتشافات على طبق من ذهب، ويطلعني على نتائج أبحاثه قائلا : وصلت الى هنا ، أم هو ذاك الذي يريد أن يزرعني شكوكاً ويفقدني الثقة في كل ماحولي مستخفا بمستوى انسانيتي الراقي!!

لنتذكر أيها السادة أننا خلقنا ونفخ بي من روح الله ، أننا خلفاء الخالق في الكون، أننا زيننا ربنا بالعقل وأرشدنا الى احترامه، ووجهنا إلى استخدامه وإشغاله والوثوق به...فعقلنا لايبدع في السكون وفي الرتابة وفي السهولة..

 وكلما أثبتنا قدراتنا وعظمتنا كان ذلك دليل على أن ربنا أعظم وأقدر...

فلا تستخفوا بعقولنا، ولا تزهدوا بقدراتنا، ولاتشككوا بما وصلت الانسانية إليه.. ذاك شكل من أشكال الكفر..منشؤه أنكم تتدعون ضعفاً وعجزاً ملازماً لبني البشر قد قضى الله بعكسه...

وصلوا إلى القمر أم لم يصلوا ... لا يهم كثيراً، حتى لو أنهم ما وصلوه ولا حطوا عليه أقدامهم، فقد وصلوا الى مايضاهي ذلك، ولكنني- مع ذلك - مطمئنة الى أنهم يجهزون الآن للوصول الى المريخ!!

أما أنتم معشر المكذبين فلتبقوا على شكوكم ولتروجوا لها لكي تزيد في تقزيمنا وتقاعسنا وانهزاميتنا، وتزيد في تعميق الهوة بيننا وبين العلوم، وتبقينا على هامش الإبداع الانساني وخياله. فلتعملوا على إبقاء عقولنا في حالة استجمام ممتدة الأجل، إلى أن يأتي الدجال بعلمه العظيم، فيقدم لنا ماكنا نحسبه مستحيلا، ويجتهد في عرضه بين أيدينا، ويستخدم العلم ليجعلنا نكفر، لأننا لم نستخدم نحن هذا العلم لكي نجعل العالم يؤمن..!!!

              

*كاتبة سوريه مقيمة في الكويت