هل نحن أسرى ؟

عبد الله زنجير /سوريا

(عضو رابطة أدباء الشام)

[email protected]

عدت من صلاة الجمعة متسائلا مع ذاتي : هل نحن أسرى ؟

الخطيب هو سيد الموقف و الموضوع ، يطول أو يقصر ، يبشر أو ينفر ، يحمس أو يهدئ ، يبكي أو يضحك ، و قد يفاجئ المصلين بما لا يخطر على بال أحد !!! في كل ذلك نحن مطالبون بتمام الإصغاء والصبر والمرابطة

لسنا مع اجتهاد العقاد - رحمه الله و غفر له - في مقاطعة المساجد و المنابر ، و لكن تجب العودة من جديد لآداب خطبة الجمعة ، مثلما ورد بها الهدي النبوي ، دون زيادة ولا نقصان

في خطب الرسول صلى الله عليه وسلم ، بلاغة و فقه و حسن أثر ، يجدر أخذها بالحسبان من قبل المعاهد والكليات الشرعية و وزارات الأوقاف ، وإلا سيستمر تلاشي هذه الرسالة رويدا رويدا ، لاسيما في ظل الضغوط التقافية والفكرية والسياسية

دعونا نتساءل : مالذي يمنع عقلا و عرفا أن تحدد خطبة الجمعة بمدة معينة ؟ ومالذي يحول دون إعلان مسبق لموضوع الخطبة ؟ ومالذي يحظر مناقشة الخطيب بعد الصلاة ببعض ما أورده ، دون أن يتهم المناقش بقلة الأدب ؟

في الشام هناك خطيب اشتهرت على لسانه : اللهم صل عليه وعلى والديه .. جاء بحديث موضوع فراجعه بعدها أحد المصلين ، شكره الشيخ و طلب منه أن يأتي الجمعة اللاحقة ليرى تصحيح القصة ، جاء هذا المسكين ببراءة و سلامة طوية ، فأشار له الشيخ متسائلا عمن يكذب أحاديث الرسول ، وظل يشير له ، حتى أثار عليه الحضور ، فتعرض بعد الصلاة لتكسير العظام

ذكر لنا بأن العلامة الداعية الشيخ جميل عقاد رحمه الله ، كان يركز في خطبه على حديث واحد فقط يفسره و يحفظه للمصلين في إطار من التبسيط و خفة الظل .. كما أنني حضرت بصحبة والدي رحمة الله عليه مرات عديدة خطبة شيخ حلب عبد الله سراج الدين  رحمه المولى ، حيث كان لا يزيد عن دقائق قليلة تدور حول حديث نبوي معين ، ومن شاء الزيادة يجلس للدرس بعد الصلاة

خطبة الجمعة هي من أروع مآثر هذا الدين ، وهي أهم أسلحته المتاحة في مواجهة العلمنة والتغريب ، و هذه الخطبة المناط بها عرض قضايا المسلمين و توحيدهم و توجيههم ، باتت بحاجة ماسة للمراجعة والمتابعة ، ريثما تستعيد دورها اللائق و مكانتها الكبرى . ولنتذكر ما أحدثته أشرطة الشيخ كشك من صيحة وصحوة في مصر والعالم العربي ، وحتى لا نكون أسرى لمن يدعو بالهلاك على ثلاثة أرباع البشرية ، أو يتصدى بكل عنف للتلفزيون ويسميه ( العجل الفضي ) أو يهاجم كرة القدم كلما أتيحت له الفرصة

اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ، ويهدى فيه أهل معصيتك