المرأة ودخول البرلمان
فاطمة فاروق مشوح
إنّ مشاركة المرأة في الحياة السياسية ، يرسخ لديها مفهوم المواطنة ، ويساعد على منحها حصانة ثقافية تحول دون اختراقها بتوجيهاتٍ من الخارج تستهدف زعزعة ثوابتها الدينية والوطنية.
ولكن ما المقصود بالعمل السياسي الذي تقوم به المرأة ؟ هل يقصد به دخول البرلمان؟
برأيي أنّ عمل المرأة في السياسة يجب ألا ينحصر في زاوية ضيقة ، وهي الانتخابات البرلمانية أو رئاسة الدولة أو تولي القضاء ، وإنما العمل في النقابات المهنية ، والاتحادات الطلابية، والجمعيات الأهلية كله يفتح آفاقاً أرحب أمامها لتشارك مشاركةً فاعلة في العمل السياسي، فضلاً عن أن دخولها البرلمان ليس بالأمر السهل _ وإن كانت قد حققته في كل دولنا العربية_ ذلك أنّ بعض القوى السياسية والأحزاب تعارض دخولها البرلمان في بعض دولنا العربية .
فمثلاً بعض التيارات الإسلامية تحرم وتجرم الدور السياسي للمرأة والمتمثل في دخولها مجلس الأمة كوزيرة أو كنائب، على اعتبار أن هذه المناصب هي ولاية عامة ، والمرأة لايحق لها أن تتولى هذه المناصب.. على أية حال لاأريد الخوض في قضايا الفقه الإسلامي ؛ فكلي إجلالٌ واحترام لفقهنا الكريم .
ولكن أقول إنّ السياسة ليست حكراً على الرجل، يصنع الحدث هو، ويتخذ القرار وينفذه هو ، بل المرأة يجب أن تكون شريكةً له في هذا المجال، تماماً كما في بعض الحركات الاسلامية التي نجد في صفوفها الكثير من النساء المثقفات صاحبات الفكر المستنير والملتزمات بالضوابط الشرعية الأصيلة ؛ فنساءٌ على هذه الشاكلة يجب أن يكنّ في مقابل وفي مواجهة نساء يتبنين أفكاراً غريبة عن مجتمعنا .. أفكاراً انفلتت من عقالها الإسلامي المنضبط ، فتاهت في صحارى اليسارية والعلمانية المقفرة .
فهذه المرأة " المستغربة " تروج لأفكارٍ وثقافة غربية في مجتمعٍ يأنف مثل هذه الأفكار ، في أغلبه .. حتى لا نبالغ ونقول كل المجتمع يرفض هذه الأفكار ، فهناك من انزلق في التيار الجارف لهذه المذاهب الفكرية ، وراح يلهث وراءها لعله يصيب بعض الفائدة منها !!
ثم إنه لا أحد ينكر دور المرأة عبر التاريخ في دعم ومؤازرة الرجل والوقوف معه للنهوض بالمجتمع ، وهذا ماعرفناه عن المرأة في روسيا أثناء الثورة الشيوعية ضد حكم القيصر _ بالرغم من اختلافنا الجذري مع الأفكار الاشتراكية _ وكيف أنها أي المرأة كانت تسهم في إشعال الثورات ، وتشجع الرجال والشباب على الاستمرار في ما بدأوا به من أفكار ، وكانت تذهب بنفسها إلى كافة المقاطعات والمدن لتوزيع الكتب والمنشورات ، وتجوب القرى وتلتقي الفلاحين ، وتحدثهم عن زملائهم في المدن الذين لم ينسوا قضية الفلاحين العادلة ، ومطالبهم المتمثلة بحياة كريمة تضمن حقوقهم .
فالشاهد هنا أنّ المرأة يجب أن تكون واثقة من عدالة قضيتها ، التي تجعلها صاحبة قرار سياسي بكل اتزانٍ ووعي دون مهاترات ٍ تفقدها مكانتها وهيبتها ؛ حتى تتمكن من لعب دورٍ ريادي تتولى فيه القيادة جنباً إلى جنب مع الرجل .. طبعاً كل ذلك ضمن رؤية واضحة ومنهج إسلامي متكامل .