المشروع النووي يحتاج إلى قرار سياسي
د. باسل برقان
جمعية أصدقاء البيئة الأردنية
إن أزمة الطاقة بالأردن أدت إلى إرهاق كاهل الدولة بالديون الداخلية والخارجية. فملف الطاقة لا يحتمل أي تأخير لأخذ قرارات مصيرية لحل مشاكله. وإن فكرة تشكيل مجلس وطني للمشروع النووي ما هو إلا مماطلة في حل ملف أزمة الطاقة بالوطن. هيئة الطاقة الذرية أنشئت منذ سبعة سنوات وصرفت ما يقارب مائة مليون دولار وأثقلت خزينة الوطن بدين قيمته 174 مليون دولار على مفاعل نووي بحثي (قرض كوري وطلب تميل جديد من الهيئة) وبدون جدوى إقتصادية لهذا المفاعل الذي من الواضح بأن إنتاجه من النظائر المشعة الطبية ولمائة سنة لن يغطي كلفة المشروع.
الإنقسام في مجلس الوزراء على المشروع النووي مبني على المعلومات التي تقدمها هيئة الطاقة الذرية فقط. فالهيئة تُفتح لها أبواب مجلس الوزراء وتحضر الخبراء وتقدم المعلومات التي تريدها. أما خبراء البيئة والطاقة المناهضون للمشروع النووي فقد أرسلو المئات من المخاطبات والإحتجاجات والملاحظات على سوء إدارة المشروع وتجاوزاته وتغوله على أجهزة الدولة، ولم يحظى هؤلاء الخبراء إلا على 30 دقيقة مع دولة الرئيس في بداية عام 2014. وبالرغم من أنه تم الإتفاق بين خبراء البيئة والرئيس على تشكيل لجنة تحقيق بالمشروع النووي إلا أن هذا لم يتبلور.
لا توجد فرصة متاحة للبحث والجدل أو لتبادل وجهات النظر كون الحكومة ترفض الجلوس مع الخبراء وتصر على توفر يورانيوم تجاري بالرغم من أن 3 شركات دولية إنسحبت عن إستكشاف أو تعدين هذا العنصر لعدم جدواه بالأردن. وبسبب إبتعاد الدول الغربية عن مصادر الطاقة من المحطات النووية إنخفض سعر اليورانيوم عالمياً إلى الحضيض حيث أصبح الأن 27 دولار للباوند (كان 140 دولار للباوند عام 2007 قبل فوكوشيما).
إن حل أزمة الطاقة متوفر وجاهز وبحاجة فقط إلى قرار سياسي. فعلى 500 كم مربع في جنوب الأردن يمكن إنتاج طاقة من محطة شمسية تضيء كل الأردن. وعلى مساحة مماثلة أيضاً تنتج طاقة لتحلية جميع كميات المياه التي تستهلكها منازل الأردن. وهذه كلها تبنى وتشغل خلال أشهر وتحل أزمة الطاقة. ويمكن خلط الطاقة المتجددة السيادية مع الصخر الزيتي ليصبح لدينا خليط إستراتيجي وطني بدلاً من إستيراد تكنولوجيا نووية ليس لدينا عليها أي سلطة أو خبرات. وهذه الحلول لن تمس الخزينة والمال العام كونها مشاريع مقدمة من إستثمار وأموال القطاع الخاص.
فلماذا نحن بحاجة "لمجلس وطني للنووي" ولمحطة نووية ستبنى بعد ما يزيد عن عشرة سنوات من تاريخ إيجاد التمويل اللازم لها (إن وجد)...؟؟ بإمكاننا حل أزمة الطاقة اليوم وبحلول سريعة ومستدامة ونظيفة وأرخص كلفة وأكثر إنتاجاً سبقتنا عليها مملكة المغرب الشقيقة وبأداء مميز في الطاقة المتجددة وتحذو حذوها الإمارات العربية ومصر....!!