يتسولون ويا ليتهم يتوسلون!!
كلوها فإنها منتنة!!
عادل هندي - مكتب القاهرة
منظر اعتدنا رؤيته، وتعودنا مشاهدته في الميادين والمواصلات والأماكن العامة والتي يتجمع بها خلق الله بكثرة، إنه: منظر رؤية المتسولين!!. تجده وتجدها، يتسول وتتسول (( اعطوني– امنحوني– ساهموا معي– ساعدوني– حسنةقليلة تمنع بلاوي كثيرة– لله....)) وأمثال هذه الكلمات، والتي أغلبها يحرك العاطفة، لكن لأن الناس اعتادوا سماعها صارت ألفاظاً عادية، ولا تحرك حتى اللسان بالدعاء إلا القيل.
يتسولون ولكنهم لا يتوسلون
ما أعجب حالهم؟!! لو كان به إعاقة (فقد عضوا من أعضاء بدنه) أو عندها يتامى، أو هذا حاله الفقر والعوز والحاجة، كل هؤلاء: من الذي جعلهم كذلك؟ أليس خالقهم؟!! بلى: ولأمور خبأها علينا، ولحكم يريدها.
فالخلق والمخلوقات كلها من صنع يديه {هذا خلق الله} {ألا يعلم من خلق} {ألا له الخلق والأمر}. والله هو الخالق والمدبر والآمر والناهي، وما على الإنسان إلا أن يشكر ويحمد ويثني على ربه، ويأمل ويطلب، وعندها يتوسل إلى من خلقه وجعله كذلك، وإن كان غير مصاب بأي مرض ولا مبتلى بما يدعيه فليتق الله فالأمر خطير، ولا يسأل الآخرين.
ما أقبح هذه الشكوى، حين نشكو الله إلى الناس. فلماذا لا نشكو الظروف إلى الله، ونشكو الناس إلى رب الناس؟. وإذا ألمت بنا مصيبة أو ابتلينا ببلاء فليس لنا إلا الله، نلجأ إليه ونرجوه {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء}.
وقفة طريفة عجيبة:
بينما أكتب هذه السطور وأخطها في عربة مترو، إذا بامرأة ركبت عربة المترو، ووزعت على الركاب ورقة تقول فيها: (أنا سيدة زوجي متوفى في ....../ ولدى أربعة بنات وثلاثة... في المدارس وإحدى البنات مريضة بالسرطان...... والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه) {هذا هو الذي استطعت نقله سريعا من الورقة قبل أن تأتي السيدة لتأخذ الورق مرة أخرى من الناس}. والآن: قلبي رق، وتألم فؤادي، ولكن ألمي الأعظم من أمثال هؤلاء:
لماذا لا يتوجهون إلى الله؟
يتسولون وياليتهم لا يتوسلون!!
أليس الله هو الخالق؟!
أليس هو المدبر؟!
أليس إليه الأمر كله؟!.. بلى والله: فلماذا ننسى هذا كله؟ فلماذا لا نعود إلى الله، وهو أحق بالسؤال فهو يعطي وغيره يحزن إذا أعطى
الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب!!
إنه الله: يحي العظام وهى رميم!
إنه ينزل الماء من سمائه على أرضه فتخرج زرعا مختلفا ألوانه!
إنه من جعل الشمس تنير كونه، وتضيئ أرضه.
إنه من جعل النجوم هداية للحيارى في ظلمات الليل.
إنه من أجري البحار بمائها والأنهار بأفلاكها.
إنه من سخر الأنعام والخيل للركوب والزينة.
إنه من أوحى إلى النحل ومن دعته النمل.
إنه من يسير الأمور ويقدر المقادير.
فلماذا الغفلة؟
هلا دعونا الله . وطلبنا منه ما نريد، والله أيها القارئ: إن الإنسان بدون ربه لا سند له، أما وهو مع ربه في كل أحيانه وأحواله، فكل الأمور الصعبة تحل، والأمور تستقر.. فانتبه أيها المسلم: لا تتسول ولكن توسل إلى الله فحسب.
روى مسلم وأحمد، واللفظ لأحمد: {قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ}
يالله: من شدة السؤال والحياء، ينزل لحمه عن عظمه من شدة حياءه من الله يوم القيامة من أثر سؤاله للمخلوقين وتركه سؤال الخالق، وكأنه يسأله:
لم كنت تشكوني إلى الناس؟
أما علمت أني أنا الله رب العالمين؟
أعطي وأمنح، أفقر وأغني، وكله بأمري، عبدي: لم سألت الناس؟ وعندها ينزل لحمك عن عظمك أيها السائل!! ولقد كان الصالحون يسألون الله حتى ملح الطعام.
وحتى نكون واقعيين: أعلم أن هناك أناس –بالفعل- يمرون بظروف صعبة للغاية، وهناك أصحاب فقر وأصحاب ابتلاءات وأصحاب أعذار، ولذا فهناك حلول مثلى أرى أن من المناسب أن أذكرها:
1. اللجوء إلى الله والتضرع إليه.
2.التوجه لدار متخصصة أو جمعية خيرية تعينك على ذلك.
3.عمل شريف تبحث عنه تقضي به حوائجك ولا عليك أن تهتم بالأمور الزائدة عن متطلباتك الضرورية.
4.كل ما فات خاص بالصادقين في أعذارهم، أما من يمتهنا مهنة له، فليعلم أن الجزاء أشد، لأنه يحرم الفقراء الأصليين والمحتاجين حاجتهم.
وأسأل الله أن يغنينا من فضله، وأن يوسع أرزاقنا، وأن يزيدنا حرصا على دينه يارب العالمين.