أدب الأطفال

بقلم: محمد الحسناوي  

 

[email protected]

هل عندنا أدب للأطفال ؟ الجواب بأمانة : ليس عندنا أدب للأطفال . وفي البحث عن السبب تواجهنا

 حقيقتان . أولاهما : جهلنا أو تجاهلنا لأهمية ( الطفولة ) . ثانيتهما : استخفافنا بأدب الأطفال أولاً وأخيراً .

أما أهمية الطفولة فقد أكدها الإسلام الحنيف ، وكشف عنها العلم الحديث ، لا سيما علم النفس ، حيث تُرسى أسس الشخصية للإنسان في طفولته المبكرة .. يتلقى عفوياً قيم الأخلاق والعادات والمعتقدات عن والديه وعن البيئة الصغيرة المحيطة به .. كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه . وفي حديث شريف آخر : تخيروا لنطفكم ، فإن العرق دسَاس .

ومن علامات الاستخفاف بأدب الأطفال خلوّ أدبنا القديم من أدب الأطفال إلا ما ندر أو جاء في سياق ( ترقيص الأطفال ) من أراجيز جاهلية وإسلامية ، وما زال هذا الاستخفاف ساري المفعول حتى يومنا هذا .

ربما كان أمير الشعراء أحمد شوقي أول من افتتح هذا الباب حين نظم عدداً من القصائد عن الحيوانات ، وربما كان الأديبان كامل كيلاني وعبد التواب يوسف أبرز الأدباء الذين تفرغوا كلية لأدب الأطفال لاسيما الفن القصصي ، ولكن هل بلغت شهرة هؤلاء وتفوقهم مبلغ ما وصلت إليه شهرة كل من      ( لافونتين) و( الأخوين غرين ) في الأدب الغربي و( طاغور ) في الأدب الشرقي ؟

نحن نشهد اليوم إقبالاً على إنتاج أدب الأطفال في ظهور مجلات الأطفال وتخصيص برامج لهم في الإذاعة والتلفاز والأشرطة السمعية والمرئية على حدّ سواء ، بل نشهد توجه أدباء كبار إلى هذا الفن الخطير المفقود ، فقد كتب الشهيد سيد قطب وزميله عبد الحميد جودت السحار ( سلسلة القصص الديني ) للأطفال ، ثم ازداد هذا الإقبال مؤخراً حجماً ونوعاً .

بقي أن نقول كلمة أخيرة في أدب الأطفال ، وهي أن هذا الأدب ليس بالسهولة التي يظنها( المتعجلون ) .

 إن لكل مرحلة من عمر الإنسان خصائصها النفسية والاجتماعية ، وإن عالم ( الطفولة ) .. عالم زاخر بما يشبه السحر والألغاز والأخيلة العجيبة في بواكيره ، وبروح البطولة والمغامرة في أواخره ، هذا من حيث الإجمال ، أما من حيث التفصيل ، فإن الثراء والتنوع يبلغان في حياة الطفل وخياله حدّاً لا يدركه إلا الموهوبون ، والمستفيدون من معطيات علم النفس الحديث ومن الثقافة الإسلامية الصافية .

 فلنرحب بأدب الأطفال ، ولنشكر أدباءه الموهوبين في مضماره ، ولنطمئن إلى أن ساحة من الساحات سوف تستكمل حاجاتها الجميلة المنشودة في أمد نرجو ألاّ يطول انتظاره ..