أنا أقرع الجرس ..

قال هرقل لأبي سفيان:

أيزيدون أم ينقصون ...

زهير سالم*

[email protected]

أيها السوريون ..

أيها المعنيون المعانون  ...

يا من عانيتم أكثر من نصف قرن في انتظار اللحظة المبارك

لقد كانت هذه الثورة المباركة منّة  منّ الله بها عليكم . فلا تجعلوها فتنة على نهج  ما سبق منكم من تهاون وتقاعس وتخاذل وإخلاد إلى الأرض والنوم في عسل الأوهام والأمان والاسترسال في طريق الكارثة التي بدأت تفح ريحا كريهة تنفر منها الغرائز الفطرية ، والعقول السليمة ، والقلوب الحيّة ...

أيها السوريون ..

أيها المعنيون المعانون السوريون ..

تعلمون والله أن مكانكم اليوم من مستقبل الإسلام  ، ومستقبل الإنسان ، ومستقبل الحق ، ومستقبل الخير ، ومستقبل الجمال في وطنكم سورية ؛ هو مكان أهل بدر يوم سقط رداء نبيكم وهو يناشد ربه فيهم : اللهم إن تهلك هذه العصابة فلا تعبد في الأرض بعدها . يقولها اليوم المخلصون الصادقون : اللهم إن تخذل هذه الثورة فلا تعبد في الشام بعدها ..

فهل فكرتم وأنتم في تراخيكم وتقاعسكم ولامبالاتكم  وتوكيلكم بأموركم  هنا وهناك وهنالك ، والنظر إلى أمر هذه الثورة كذباب مر أمام عيني أحدكم ، فقال له بيده هكذا ...

هل فكرتم في : ماذا يعني أن تخسروا هذه المعركة ، وأن يكون للباطل بما جمع وأعد كرّة بعد فرّة ، وجولة أخرى في حياة الناس ، وفضاء الديار . هل لكم أن تتصورا أو تتوهموا أو تتخيلوا مآلكم ومآل أجيالكم ومآل ملايين اللاجئين الذين خرجوا أو أخرجوا من ديارهم التي هي دياركم ..

لكم أن تتصوروا أو تتخيلوا ماذا سيلاقي الإنسان ؟ وماذا سيجري على المسجد ، وماذا سيهتفون في طابور الصباح في المدرسة ؟ وماذا سيدرسون على مقاعدها ؟ وماذا سيجري بعدُ في الزنازين المعتمة ، وماذا سيقال على الفضائيات المظلمة ..

بحزن وألم مرغما  أقرع لكم الجرس لأقول :  أيها المسترسلون ، بل أيها السادرون  ، بل أيها التائهون  .. بهذه الثورة إلى أين أنتم ذاهبون ..

أربع سنوات تعلمنا وتذكرنا..

قول قائدنا طارق يوم فيما زعموا أحرق السفين : وإن امتدت بكم الأيام ولم تنجزوا لكم أمرا تبدلت القلوب من خوفها منكم الجرأة عليكم ..

حكمة لو تأملتموها ، لكان يومكم أكثر حسما من أمسكم ، وغدكم أنجز للوعد من يومكم . ولكنكم ومذ قامت هذه الثورة المباركة ما زلتم في تواكلكم وتدافعكم وتنازعكم وتصاغركم تتردون ..!!!

وقد تبدلت القلوب في حقيقة ما جرى من الحرص عليكم ، والتهيب منكم ، والثقة بكم ؛ إلى ما آل إليه أمركم : تلوككم الألسن وتدفعون بالأبواب ، ويخلع عليكم  الشر عباءته ورداءه وإزاره  ، ويُنسب إليكم العجز كله ، وإن تسألوا أنّى هذا يجيبكم العليم الحكيم ( قل هو من عند أنفسكم ) ..

أيها السوريون ..

أيها المعنيون المعانون السوريون ..

والأعجب من كل ما يُرى ومنكم ألا يدري أحدكم وهو يمشي الهوينا هل هو في صعود يرتقي أو وهد ينحدر ، ويغفل أن الماء إلى المنحدر أسرع ، وأنه لا يرتقي المرتقي درجة إلا ببَهَرُ نَفَس ، وعرق جبين ، وشعور بإعياء ، قادة ولا يميزون بين ماشية الهيدبا وبين ماشية الخيزلى ..!!

فما يزال أحدهم وهم ينحط من علُ يحدثك عن القمة ، وعن القريب الذي أصبح بتوانيه وتواكله واسترساله وضعفه بعيدا لا يكاد يتبينه  مبصر ولا يحيط بمتاه وأينه وكيفه عاقل ..

يعدوننا النصر ، ويفخرون علينا بما قدموا ، وأنجزوا ، وكل معالم الطريق تقول إننا عن طريق النصر الذي قصدنا ناكبون بل ناكسون ، يقودوننا إلى المذبح لنذبح على عيدانه ، ولا ينسون صعقنا بالكهرباء بليساعدونناعلى الاسترخاء ، وهم واثقون مطمئنون يبتسمون ..

أيها السوريون ...

أيها المعنيون السوريون أيها المعانون الذين عانوا حتى رأوا لحظة الثورة أربعة عقود ..

يقولون : إن توضيح الواضحات من أشكل المشكلات ..

وينشدون : وكيف يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل

لقد ضبحنا ونحن نحاول إقناعهم خلال السنوات الأربع أنهم ليسوا على الجادة ، وأن طريقهم يقودنا إلى الخراب ، وأن تفريطهم سيفرط أمر هذه الثورة  ، وسوف يعود على سورية أرضها وإنسانها وحاضرها ومستقبلها بالدمار والوبار ..

وهذه الساحة اليوم بين أيديكم لتقارنوا بدلالة الرقم الذي ينطق بالحق ، ولا يحابي ولا يداهن ..

هذه هي خارطة الثوار الأبطال من أهل الصدق والسداد والعزيمة بين أيدينا وأيديهم وبعد أن تحول الكثير منهم إلى متقاعدين في دول الجوار ، انظروا إليها واسألوا كما سأل هرقل أبا سفيان يوم أراد أن يتعرف على دعوة الرسول ..

قال هرقل لأبي سفيان بن حرب سائلا عن أصحاب الرسول : أيزيدون أم ينقصون ..

قال أبو سفيان : بل يزيدون ..

قال هرقل : وهكذا أمر الإيمان حتى يتم ..

ونقول وهكذا كان يجب أن يكون أمر الثورة حتى تتم لو أرادوا لها أن تتم بالخير ..

فهل ترون مجاميع رجال الصدق من الثوار يزيدون أو ينقصون . لا تنقصهم فقط الشهادة ، أو الاعتقال وإنما ينقصهم الخذلان المولد لليأس الذي لا يبالي به المعنيون ..

ولو أرادوا لكانوا – أصحاب القرار – إلى جانب الثوار كهولهم وشبابهم جنودهم وضباطهم ..

لو أرادوا لكانت ( دورة ) الشباب الطامح إلى مقام ليست تحت عنوان (كيف تصبح دبلوماسيا ناجحا ) وإنما كان المدخل إلى عالم الثورة وعالم القرار وعالم ( الدورات ) دورة عملية بثلاثة أشهر تكون فيها اليد على الزناد .

وما أظن أن فتيات يهود هن اجرأ وأشجع وأقدر من فتيات اللإسلام .

منذ ثلاث سنوات كان النداء  أن من معالم النصر أن يكون اتجاه الحركة من الخارج إلى الداخل وأن العكس يعني العكس ، يعني أننا إلى هوّة الخذلان سائرون ..

ومنذ أيام قليلة اعترفنا بالفضل لمن قتل ابن أخته في معركته القاطعة الظالمة الآثمة على أرض القلمون ، وما زلنا نبحث عن قائد سوري في كل الهيئات نوجه إليه مع التهنئة بالشهادة تحية الإكبار والإعجاب والاعتراف والإقرار ..

وإن لم فلم ....

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية