لماذا؟.. لماذا؟.. لماذا؟
م. صبيح اتاسي
لماذا يغض الطرف عن قتل آلاف العرب بينما إذا قتل فرد أو بضعة أفراد من اليهود يهتز العالم ويعتبرها جريمة لا تغتفر ؟ .
إذا قام بضعة شباب من الفلسطينيين بعملية ما لعدم استطاعتهم الاستمرار في تحمل معيشة العوذ و الفقر والمذلة , فقيام الطائرات الإسرائيلية بالغارات على المدنين الآمنين بغزة يعتبر ردا وليس مجزرة و عقوبات جماعية ؟ .
فهل يعتبرونا بشرا ؟ .
???كيف يمكن أن يروا في سيلان أحدث الأسلحة على إسرائيل حتى مجانا -عن طريق المساعدات – أمرا طبيعي , و بنفس الوقت يروا أن تطويق الفلسطينيون لدرجة التقنين في الدواء و الغذاء كي لا يتمكنوا من التسلح للدفاع عن انفسهم موقف حيادي متزن ؟؟؟ .
و المؤلم أننا أصبحنا نرى هذه الأمور أمرا عاديا ولا نحتج عليها بكل مناسبة لنعلن رفضنا لها . أليس هذا ما يوصلنا إليه نسياننا جوهر قضيتنا ؟ .
لماذا تقوم أجهزة الإعلام العربية بتغطية الأحداث بعيدا عن جوهر المأساة ؟ .
لماذا تعرض أجهزة الإعلام العربية دائما إمكانياتها التصويرة بمرافقة مراسلين يجيدون فقط إظهار إمكانياتهم الإنشائية كأنهم أمام مدرس اللغة العربية , و لا يقدمون أي تحليل يربط تطور الأحداث بجوهر المأساة لكشف الواقع و الحقيقة ؟ .
لماذا لا نفضح و بكل مناسبة , إيمان الصهاينة المقدس بنقائهم العنصري حسب العقيدة اليهودية و " الكتاب المقدس " مليء بالنصوص التي تثبت ذلك بما لا يقبل الشك أو التأويل ؟
لماذا لا نتشبث بإظهار الحقيقة ؟
أليس جوهر القضية هي عنصرية العقيدة اليهودية وهذا ظاهر بجلاء في كتابهم المقدس التلمود (العهد القديم من الكتاب المقدس) , ويظهر فيه أن سبب كبر المجازر قد يعود للأوامر المقدسة المتكررة في " الكتاب المقدس " لليهود بإفناء خصومهم بغد النظر عن الحجج السخيفة التي يموهون فيها حقيقة أهداف أعمالهم !!!
لماذا تسمح لهم أجهزة الإعلام العربية بترويج السخافات الصهيونية على قنواتها مع إظهار الاحترام لهم بشكل يختلف عن معاملة المعلقين العرب – يظهر ذلك بالمقاطعات أثناء الحديث – و لا يتبعون تلك السخافات بتعليقات تفندها ؟
يثير اليهود و بشكل دائم الشعور بالذنب لدى الأوربيين مدعين أنهم مضطهدين عنصريا لكونهم يهود فقط , ويستغلون ما قام به هتلر معهم و بشكل خاص ما يدعى " بالمحرقة “ مدعين أنه اضطهاد عرقي بدوافع عنصرية فقط , و يسمونه “ معادات السامية “ و يستغلون تلك التسمية لتهمة أي إنسان يتجرأ بتوجيه انتقاد لهم بأنه معاد للسامية أي ضد اليهود . لماذا لا يعمل العرب على كشف الحقيقة التي يحاول اليهود طمسها أن ما قام به هتلر معهم كان انتقاما لخيانتهم لألمانيا خلال الحرب العالمية الأولى . إن صدور وعد بلفور في وقت لا هم لإنكلترا فيه سوى الحرب العالمية الأولى , في2 تشرين الثاني (نوفمبر ) 1917 مؤشر كاف إلى أن وعد بلفور كان ثمنا لخيانة ألمانيا ؟. ألا يخفف كشف تلك الحقيقة من الشعور بالذنب لدى الأوربيين و بشكل خاص الألمان ,حيث يثير اليهود هذا الشعور بالذنب بشكل دائم و يستغلونه لخدمة أغراضهم العنصرية الدنيئة !!!
أود أن الفت نظر أجهزة الإعلام العربية أن تكرار إظهار الحوادث اليومية مع الإهمال الكلي لجوهر القضية التي تظهر الدوافع و الأسباب الحقيقية لتلك الحوادث قد يصل إلى درجة العبث بالقشور .
مصيبتنا
بعض الحكومات العربية تعتمد على مستشارين أميركيين
+
البعض الآخر يعتمد على مستشارين روس
&
المصيبة =أن كل من الأمريكيين و الروس يعتمدون على مستشارين يهود .
فهل تعجب لما نحن فيه و السبب لعدم إزعاج المستشارين أنفسهم بدراسة أسباب ( التطرف ) و الازدياد في عدد ( المتطرفين ) ؟
وهل ترى أن اعتماد بعض فصائل المعارضة العربية على الأميركان , يمكن أن يساعدها أو يساعد حركات التحرر العربية أو يعطي نتائج لصالحها ؟
تترك الحوادث و الأخبار الكثيرة التي نعيشها انطباعات مؤسفة عند البعض , إذ يقولن أن " اليهود أذكياء " . قد يترك هذا الطرح انطباعا أن اليهود أرقى منا بيولوجيا , فهم بذلك يقعون بشرك العنصرية بدون إدراك منهم أن التمييز العضوي في تكوين الشعوب هو أساس العنصرية البغيضة .
يعلمنا التاريخ أن قمة الحضارة الإنسانية تنتقل من مكان إلى آخر ومن أمة إلى أخرى فلا توجد أمة مميزة عن بقية الأمم , إنما يوجد زمن محدود تتفوق فيه أمة ما حضاريا . فاليهود يتفوق اليوم علينا حضاريا , وقد وصلوا إلى قمة حضارتهم , واليوم هم في بداية الانزلاق إلى الأسفل و هذا واضح في التطورات الحادثة في الرأي العام العالمي . فإن حضارة تقوم على مقدسات عنصرية لا يمكن أن تدوم طويلا .
لسنا متخلفين عضويا عن بقية البشر كما يحاول البعض إيهامنا , لقد كنا في قمة الحضارة الإنسانية لمدة ستة مئة سنه . تحاول الدعاية المغرضة أن تصور أنه لا دور حضاري لنا و أنه حكمنا " بالسيف فقط " . فهم ينسون كعادتهم أن نار " محاكم التفتيش " و وحشيتها التي كويت بها شعوب أوربا لقرون طويلة إنما صممت و شكلت في إسبانا بهدف محاربة المسلمين و العقيدة الإسلامية تحت حكم السيف المسيحي . إذا تمعن الإنسان في أساليب التعذيب الوحشية التي اضطرت " محاكم التفتيش " لابتداعها لمحاربة تشبث الناس بالدين الإسلامي لربما استوحى أن الإسلام هو أكثر الأديان مناسبة للإنسان . يجب أن لا ننسى أن "محاكم التفتيش" تشكلت من رجال الدين المسيحيين و بإشراف الكنيسة وتحت حد السيف المسيحي وليس تحت حد سيف الإسلام كما يدعون .
لم استطع أن أجد تفهما لحثالة و لدنأت ما يحدث في بلادنا العربية سوى تسلل المخابرات الأجنبية إلى القيادات و تأثيرها في القرارات عند الحكومات و بعض التنظيمات . فبدل التعاون على العدو , نخدم إسرائيل و الأعداء عن طريق التحارب فيما بيننا , لقد انقسمنا إلى فئات تحارب وتذبح بعضها بعضا , حتى أن بعض الحكومات تقوم بهدم الوطن و تخريب البيوت على رؤس أصحابها و إبادة مواطنيها , و كأن الحاكمين من أعداء الوطن وليسوا جزء منه , هذه أعمال لا يمكن تفسيرها إلا بحقد دفين على شعبها , تقوم هذه الحكومات بهذه الأعمال بالنيابة عن إسرائيل وخدمة لأعداء الوطن , فهي بذلك توفر على الأعداء تحمل تبعيات و نفقات قتالنا و تبرأهم من تحمل مسؤولية الضحايا .
لكن ذلك لا يعني أننا أقل تطورا بيولوجيا من الآخرين , ذلك يعني أن قياداتنا - بعد تسلل الأعداء إليها - يصرون على أن نتذوق العيش في عصور الانحطاط , نعم نحن نعيش اليوم في عصر انحطاط . فنحن بحاجة إلى منطلقات جديدة و حديثة ترينا الواقع على حقيقته و تبين لنا الطريق لأخذ مكاننا في الحضارة الإنسانية , فمع أننا ديمقراطيون و نلتزم بحق التعبير لكل إنسان عن رأيه إلا أنه يحق لنا كذلك أن نهمل و لا نكترث بالمطروحات التي تهمل اصل المشكلة و تكتفي العبث بالقشور , لتثير نقاشات بيزنطية توزع المسؤولية عن المتسبب لتلك الضحايا و الخسائر في هذه الحادثة أو تلك , كما أن طرح أصل المأساة من عدمه قد يصلح للتمييز بين المخلص و المندس .
إن الرضوخ و الاستسلام للضغوط الهادفة لعدم عرض جوهر مأساتنا و حقيقة قضيتنا على الرأي العام العالمي في كل مناسبة هو خيانة لشعبنا و استهتار بأرواح شهدائنا.