نقابة العاملين

د. كمال أحمد غنيم

رئيس نقابة العاملين

[email protected]

اجتهدت نقابة العاملين منذ بداية الدورة الحالية في تحقيق مصالح العاملين وتفعيل النشاط الاجتماعي والروابط الإنسانية، بالإضافة إلى العديد من الفعاليات ذات العلاقة الخدماتية المباشرة، مثل توفير المواصلات، وتسهيل الحصول على البنزين والسولار، وتسهيل الحصول على فواتير جوال ضمن حملة كبيرة ومغرية، وتواصل اجتماعي حيوي غير مسبوق، ومجلة تصل اليوم إلى عددها التاسع والعشرين...إلخ وشاء الله أن يجري على يديها امتيازات مالية تواترت بصورة جلية واضحة (4.5% علاوة غلاء معيشة أولى في العام الأول، و 4.5% علاوة غلاء معيشة ثانية في العام الثاني، وربط الدينار على الشيكل بما يوازي وفق الكادر الجديد 20%، ثم جاءت نسبة 10% من بنود الكادر المتفق عليها)، والمتوقع خلال الأيام التالية أن يتم الاتفاق على: (15% نسبة الكادر الجديد على مدار ثلاثة أعوام قادمة كل عام 5% ، مع إمكانية الحصول على علاوات غلاء معيشة أخرى، بالإضافة إلى مضاعفة نهاية الخدمة ما يقارب ثلاثة أضعاف، والاتفاق على تمديد سن التقاعد إلى 65 سنة على الأقل، والإعداد الدءوب لتحقيق التأمين والمعاشات)... وذلك  يعني أن (سلم الرواتب وحده سيبلغ خلال هذه الدورة زيادة تصل إلى 54% على الأقل!!)، كما أن 107 عامل من حملة الثانوية العامة على الأقل تمّ تعديل وضعهم الوظيفي ليحصلوا على أربع علاوات تصل شهريا إلى حدود 30 دينار، بالإضافة إلى فتح مجال القرض الحسن بلا حدود ودون انتظار دور طويل كان يصل إلى خمسة شهور على الأقل، وتوسعة خدمات الجمعية التعاونية لتسهيل الحصول على أراضي وعقارات، وتفعيل صندوق التكافل الاجتماعي بشكل كبير...

  هو جبلٌ من الخدمات ينهار في لحظة عند بعض الأخوة لأن نقابة العاملين برؤيتها الشاملة لواقع الجامعة ومن خلال اطلاعها عبر لجنة الجامعة والإدارة والأمناء ولجان مختصة، ومن خلال مسئوليتها التي حققت من خلالها كل الإنجازات السابقة؛ يكاد ينهار لأن النقابة بادرت إلى التبرع بنسبة 10% لمدة محدودة مضت منها ثلاثة شهور وبقيت ثلاثة شهور! حصوة صغيرة من جبل كبير تهتز بها الثقة عند قلة من الأخوة العاملين!

  ويستكثر عليك أحدهم أن تكون مخوّلا بالحديث عن تلك النسبة الضئيلة وتلك الفترة المحدودة جدا التي لا تكاد تساوي 0000000001ر % من إجمالي ما سيحصل عليه من زيادات على مدار مرحلته القادمة! ويستكثر عليك أحدهم أن تجتهد في بلورة رؤية لا تغيب منها مصلحة الجامعة، وينسى أن ذلك الاجتهاد قائم حتى على يد اتحاد النقابات الذي نزل من نسبة 90% إلى 45% تقديرا لواقع الجامعات الصعب! والكل يعلم أن جامعتنا وحدها دون جامعات الوطن التي حُرمت من مخصصات مجلس التعليم العالي على مدار عام مضى بما يصل إلى 2000000 دينار تقريبا!! في ظل صعوبات مالية متراكمة.

  وقد خشي البعض في الإجراءات النقابية الأخيرة من البعد عن اتحاد نقابات العاملين، ويمكننا أن نعذر هؤلاء لأنهم لم يعرفوا طبيعة العلاقة الوطيدة بيننا وبين اتحاد نقابات العاملين، تلك العلاقة القائمة على التفاهم، والترابط، والوضوح والصراحة، مما يعني أننا لم ولن ننفصل عن الاتحاد، الذي يواصل مطالبته بشكل قوي للإفراج عن مخصصات الجامعة، ويدرك خصوصية حالتنا، ويقدّر طبيعة ظرفنا، وسيبقى التواصل بيننا قائما تحت إطار: ما تفرقه السياسة تجمعه الثقافة والمستوى الأكاديمي.

  وقال البعض: هل تدخلت السياسة في مبادرة نقابة العاملين، ونقول: على الرغم من حرصنا على أن ننأى بالعمل النقابي عن السياسة إلا أن السياسة تفرض نفسها على كل شيء يحيط بنا، وتضع بصماتها على لقمة الخبز وإنارة المصابيح ونسمات الهواء الذي نتنفسه، نحن نسير بين مفرداتها كما نسير بين الألغام، لكن الحل لم يكن سياسيا بقدر ما كان حلا نابعا من روح المسئولية العالية لدى الجميع: نقابة ولجنة وإدارة وأمناء وحكومة. الكل بلور رؤية نابعة من الواقع، والمشاركة في الحل، وتهيئة الظروف المناسبة.

  وقال البعض: أنتم تقدمون الأفكار لاتحاد النقابات وهم ينجزون ويحصلون على حقهم بالكامل، وأنتم لم تحصلوا على شيء لم يحققه الاتحاد... قلت: ما أغرب ذلك التصور! وما هو الاتحاد؟! أليس مجموعة من النقابات التي يمثلها رؤساء النقابات؟ وكيف تتخيلون سيرورة الفعاليات النقابية؟ هل يأتي شيء منفصل اسمه اتحاد ويملي علينا وعلى باقي النقابات ما يريد وكأن النقابات مجموعة من الأطفال لا من الأساتذة وأصحاب الرأي؟! يا صديقي إن الاتحاد يتكون منا نحن، وتتبلور أفكاره وفعالياته منا نحن، وقد كان لنقابتنا دور كبير في حشد الاتحاد وتفعيله ودفعه باتجاه تجاوز السياسي إلى النقابي شبه المحض!

  ويحلو للبعض ربط الاتحاد بإرادة رام الله بما يعنيه ذلك المصطلح من مضمون أصبح شائعا للدلالة على قالب سياسي معين، مع أن جامعاتنا جميعها تسكن بعيدا عن رام الله، ومشكلتها ليست إلا مع هيئة وطنية ما زالت موحدة تجمع الفرقاء بعيدا عن التجاذب السياسي، هي مجلس التعليم العالي، الذي تشكّل كواقع وطني صامد منذ زمن الاحتلال.

 إن نقابة العاملين الحالية اجتهدت وأنجزت ما أنجزته (54% من سلم الرواتب وحده) بالإضافة إلى منجزات إنسانية واجتماعية وثقافية تعتز بها قبل كل الماديات المشار إليها، ولكنها تبقى شأنها شأن كل شيء في حياتنا التي تعجّ بالمتناقضات قابلة لأفعل التفضيل: هل كانت أفضل نقابة أو أسوأ نقابة؟ هل كانت الأكثر رضا من العاملين أم الأقل؟ هل كانت الأنجح في مجال تعديل مسار العمل النقابي الحريص على كافة الأصعدة والنشاطات أم كانت الأنجح في المجال المادي فقط؟! هل كانت الأكثر خلافا مع الإدارة أم الأكثر انسجاما؟!

قناعتي: رضا الناس غاية لا تُدرك، ورضا الله غاية قد تُدرك... لذلك نسأل الله القبول، ونسأل الراضين من الناس حسن الدعاء، وغير الراضين حسن التسامح والمغفرة. وأقول: لقد اجتهدنا في المساهمة ببناء الجامعة من خلال إنصاف العاملين، وحرصنا على حسن العلاقة مع الإدارة والأمناء، ونشهد الله أنهم كانوا حريصين على جامعتنا، وعاملينا، ولسنا نقول إلا الحقيقة عندما نقول: لقد تميزت جامعتنا بإدارتها وأمنائها، ونسأل الله أن نكون قد نافسناهم في خدمة الجامعة وتميزنا بذلك من خلال توطيد روابطنا بالآخرين، واستكمالنا للبِنَة تمثلت في حقوق العاملين قلنا عنها: ما أجمل صرحنا لولا تلك اللبِنَة... وقد حسنت تلك اللبنة، والحمد لله، وحسن البنّاءون في كل الميادين.   اللهم احفظ جامعتنا من كل سوء.