حوار الأديان بين الأمنيات والوقائع

د. ياسر سعد

[email protected]

شارك 17 رئيس دولة وحكومة، بينهم عدد كبير من الدول العربية بالإضافة إلى إسرائيل والولايات المتحدة الأربعاء في اجتماع، ضم نحو 60 دولة، للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك حول القيم المشتركة بين الأديان وثقافة السلام.

الدعوات للحوار والتفاهم والتي تقرب ما بين الثقافات والشعوب وتجعل من التواصل بديلا عن الصراعات والحروب، دعوات طيبة وتستحق الإشادة. إلا أننا وبعد عقود من تلك الدعوات والمبادرات يحق لنا أن نتساءل عن جدواها وعما قدمت وعما نريد ويريد الآخرون منها؟ ولماذا يقف المسلمون وهم ضحايا حروب عدوانية واحتلالات بغيضة مواقف دفاعية ضعيفة، فيما يتصدر القتلة والجناة المشهد العالمي كدعاة للحوار والسلام.

إسرائيل والتي تشارك في المؤتمر الحواري تحاصر غزة وترتكب بحقها جرائم ضد الإنسانية وتغلق معابرها وهو التصرف الذي وصفته الأمم المتحدة بشكل تزامن مع المؤتمر بأنه "أمر مشين وغير مقبول". كما إن الدولة العبرية والتي دنس جنودها منذ أيام القرآن الكريم في مخيم العروب قرب الخليل، تهدد بحفرياتها ومخططاتها المسجد الأقصى. أما الولايات المتحدة فقد شنت وما تزال حروبا على بلاد عربية وإسلامية وصفها جورج بوش في بداياتها بالصليبية، كما إن جنودها تورطوا غير مرة في العراق وأفغانستان بتدنيس المصاحف وانتهاك حرمة المساجد.

  وإذا كان الحديث عن الحوار مع الفاتيكان يمثل حجر زاوية في حوار الأديان، فإن مواقف الفاتيكان وتصريحات رموزه غير الودية تجاه الإسلام والمسلمين كثيرة وتلقى بظلال قاتمة على مسألة الحوار وجدواها. فالبابا بنديكت السادس عشر هاجم النبي محمد بقسوة بمحاضرة ألقاها في جامعة الألمانية في سبتمبر 2006. في حين قال الكاردينال جان لويس توران، المختص بشؤون الإسلام في الفاتيكان والذي يشارك في المؤتمرات الحوارية في مقابلة مع صحيفة لا كروا الكاثوليكية، بأن المسلمين لا يقبلوا أن يناقش أحد القران بعمق لأنهم يقولون انه كتب بإملاء من الله. وأضاف "مع هذا التفسير الجامد يكون من الصعب مناقشة فحوى الدين".

وفي الوقت الذي يوضع فيه المسلمين وتصريحاتهم ومناهجهم تحت المراقبة المجهرية، فإن أحد لا يثيره التصريحات أو الفتاوى والتي تنال من الإسلام والمسلمين وتزدريهم. فالحاخام موردخاي إلياهو الحاخام الأكبر الشرقي لإسرائيل اعتبر إبادة الفلسطينيين بشكل كامل، "فريضة من الرب يتوجب على اليهود تنفيذها". والحاخام عفوديا يوسيف الزعيم الروحي لحركة " شاس"، كرر وصفه العرب بالثعابين، وهناك فتاوى حاخامية عديدة تبيح للمستوطنين سرقة محاصيل الفلسطينيين وتسميمهم.

ثم هل هناك دين أو مذهب يتعرض لما يتعرض له الإسلام من حملات متواصلة تستهدف الإساءة إليه واستفزاز أتباعه؟ فلا يكاد يمر حينا من الزمن إلا ونسمع عن رواية أو فيلم أو مسرحية أو كتاب يتطاول على الإسلام ومقدساته، وتكون تلك الحملات مشفوعة باسم حرية التعبير.  

وإذا كان بعض قادة المسلمين مدفوعين للحوار بحسن نية ولدفع ما يلصق بالمسلمين من صفات ووصمات سلبية، فإن هناك أطرافا في الحوار تريد استغلاله سياسيا لأهداف أبعد ما تكون عن مراميه وغاياته المعلنة.