كلمة في العنوسة

كلمة في العنوسة ...

لبنى شرف / الأردن

[email protected]

باتت العنوسة مشكلة تؤرق مجتمعاتنا بشكل كبير وملحوظ ، وأنا لا أريد أن أخوض في أسباب هذه المشكلة ، ولكني أريد فقط أن أذكر أحد الحلول والذي يقع على عاتق الآباء ، فبدلاً من أن يقف الآباء موقف المتفرج ، لماذا لا يبحثون هم عن أزواج صالحين لبناتهم ؟! هل هناك حرج في هذا ؟ هل هناك حرج في أن يعرض الأب أو الأخ أو العم ابنته أو أخته أو ابنة أخيه ، أو حتى ابنة أخته على رجل صالح قد ارتضى دينه وخلقه ؟! ، لا حرج إطلاقاً ، بل ربما أن الأصل أن يكون مثل هذا الأمر شيئاً طبيعياً بين المسلمين ! فهذا الخليفة عمر ـ رضي الله عنه ـ يعرض ابنته على أبي بكر وعثمان ـ رضي الله عنهم أجمعين - ، ولا يجد حرجاً في ذلك ، وهذا التابعي الجليل سعيد بن المسيب يعرض ابنته على طالب علم ممن يحضرون حلق العلم عنده .

ولكن ، ماذا لو أن المرأة هي التي تعرض نفسها على من ترى فيه الصلاح والتقوى ؟!! ، ربما تكون هذه الصورة غريبة بل مستهجنة عند البعض في زماننا !! ، مع أن هناك من عرضت نفسها على النبي ـ عليه و آله الصلاة والسلام - ، بل إن أمنا خديجة ـ رضي الله عنها وأرضاها ـ قد عرضت نفسها عليه ولكن بطريقة ذكية وحصيفة ، بحيث يكون الرسول ـ عليه و آله الصلاة والسلام ـ هو الذي يطلبها وليست هي التي تطلبه . فهل لو عرضت امرأة في زماننا على ولي أمرها رغبتها في الزواج من رجل صالح ، فهل سيساعدها في هذا الأمر ، أم تراه سينهرها ؟!! .

لقد تغيرت مقاييس ومعايير الزواج في زماننا ، وأصبحت مادية بدرجة مقيتة ، فبعض الآباء لا يكتفي بأن يقف موقف المتفرج كما ذكرت ، بل إنه يقف حجر عثرة أمام زواج ابنته ، ويحرمها من الزواج والذي هو حاجة ومطلب فطري عندها بحجة أنه لابد من أن تساهم في نفقات البيت وفي تعليم إخوتها ، أي بعبارة أخرى يريد الأب أن يسترد ما أنفقه على تعليم ابنته منــها !!! . إن هذا الأب مسكين فعلاً ، لأن الرحمة قد نُزِعت من قلبه ، فلم يدرك معنى الأبوة الحقيقية !! ، فأي أبوة هذه التي تقاس بالدرهم والدينار ؟!!! ، وكيف لهذا الأب أن ينتظر أن تنزل عليه رحمة ربه وهو يظلم أقرب الناس إليه ؟!.

 أدعو الله أن يفطن الآباء لدورهم في حل مشكلة العنوسة ، وأن يُرَضّي كلاًّ بما قسم له .. و الحمد لله رب العالمين .