أبو تريكة يهزم الانقلاب!
أ.د. حلمي محمد القاعود
شهدت حفيدتي خديجة ( سنتان ونصف سنة ) هجوم الانكشارية على بيتنا بعد منتصف الليل ( فجر الأحد 3/5/2015 ) ، فأصيبت بالتبول اللاإرادي . كان انكشارية الانقلاب الملثمين المسلحين قد سحبوا أمامها ابني الصحفي ، وهو عمها الذي تناديه بابا أحمد . رأتهم وهم يسحبونه حافيا في صورة همجية تعبّر عن ذعر الانقلاب الفاشي الدموي من كل صوت لا يهتف له ، ولا ينافقه ، ولا يغني له : تسلم الأيادي على وقع مذابحه وفشله الذريع في إدارة الدولة ومعالجة مشكلاتها .
ولأن الغباء جندي من جنود الله يسخره لفضح الظالمين وكشف خيبتهم وإظهار بؤسهم الفكري والثقافي ونظرتهم القاصرة المحدودة ، فقد أعلنوا عقب الهجوم الانكشاري على بيتنا وترويع من فيه بعدة أيام ؛ عن مصادرة أموال نجم الكرة المحبوب محمد أبوتريكة تحت دعوى انتمائه إلى الإخوان المسلمين وأنه إرهابي !
قال مسئول في سلطة الانقلاب إن شركة سياحة مملوكة لأبي تريكه أسسها أحد قيادات الإخوان (الإرهابية!) محبوس على ذمة إحدى القضايا لسنة 2014 ومتهم بأعمال عدائية تجاه الدولة، ما يشير الى دعم هذه الشركة لتمويل بعض العمليات الإرهابية. وأوضح المسئول المذكور أن التحفظ على هذه الشركة جاء تنفيذاً للحكم القضائي الصادر في هذا الشأن وأيضاً تنفيذاً لأمر قاضي التنفيذ بالتحفظ على الشركة ومالكيها .
نسي المسئول الانقلابي أن القضاء الإداري وصف لجنة حصر أموال الإخوان بأنها اغتصبت اختصاص القضاء وشدد على أن قرارات التحفظ على أموال "الإخوان المسلمين" لابد وأن تصدر من محكمة الجنايات . وكانت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة قضت عدة مرات برفع قرارات الحظر عن أموال ومدارس وجمعيات تابعة لجماعة الإخوان التي أصدرتها اللجنة، كان آخرها حكم صدر برفع الحظر عن أموال مجموعة محلات "سعودي" .
المفارقة أن اللجنة المذكور تزعم أنها تلتزم بسيادة القانون، وتنفذ أحكام القضاء، بغض النظر عن أسماء ومسميات المنفذ عليهم، فالجميع أمام القانون سواء.
وقد اتخذت أبواق الانقلاب وقنواته من هذا الزعم منطلقا لتتحدث عن القانون الذي يطبق على جميع الناس، واستدعى بعضهم – وهو شيوعي رخيص – معنى حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ، وأبوتريكة لم يسرق لتقطع يده ، ولم يرتكب عملا مخالفا للقانون ، ولا يتاجر في المخدرات ، ولا يبيع الوهم للناس ، ولم يتخذ الدجل والنفاق طريقا لتحقيق مصالح خاصة أو شخصية ... هل هناك قانون في البلد؟
لاتستطيع نفايات الشيوعيين وحثالة اليسار الإجابة على سؤال : هل ستقطع أيدي اللصوص الكبار والصغار الذين يخرجون لسانهم للشعب التعيس ؟ وهل يمكن لما يسمى لجنة التحفظ أن تتحفظ على أموال المصريين المهربة في الخارج وتبلغ المليارات وتخص الفاسدين والمفسدين الذين يتحركون بأمان تام ؟
أبو تريكة شهد له جميع الناس باستثناء العملاء والمنافقين ومن يغارون من شعبيته وأخلاقه . سافرت إلى المغرب قبل سنوات ، وذهبت مع بعض الأصدقاء إلى أحد المحلات لشراء بعض الأغراض فإذا بالبائع بعد أن عرف أنني مصري يسألني عن أبي تريكة ، ويتكلم معي عن أخلاقه والأهداف التي سجلها هنا وهناك . الكرة ليست من اهتمامي ، ولكني كنت سعيدا بما يقوله المغربي وزملاؤه عن أبي تريكة الذي يحبونه أكثر من الزعماء والمشاهير الآخرين . فكرت يوما عقب هذا الحديث أن أؤلف كتابا عنه أقدمه فيه بوصفه قدوة للشباب والأجبال الجديدة . كنت أتوقع لهذا الكتاب أن يفوق كتبي المنشورة وهي أكثر من سبعين كتابا ، ويحقق توزيعا كبيرا وينتشر بين جمهرة عظمي من القراء ، ولكن أحوال الانقلاب شغلتني وأمر المظلومين وراء الأسوار أهمني ، وممارسات الانكشارية الشاذة أرّقتني ، واستغرقتني الكتابة عن بلادي التي تبكي دما .. وها هو الانقلاب ينهزم أمام أبي تريكة المؤدب المهذب الذي شهد له الناس على أكثر من مستوى وألبهم ضد الانقلاب الغشيم وعرفوا على الأقل أن من يوصف بالإرهاب ليس كذلك ..
في عام 2008 سجل أبو تريكة هدفا للمنتخب المصري في شباك نظيره السوداني من خلال بطولة الأمم الإفريقية ، انتهت المباراة بنتيجة ثلاثة – صفر ، وكشف اللاعب عن "تى شيرت" يرتديه مكتوبا عليه " تعاطفاً مع غزة" رداً على مجازر العدو النازي اليهودي بحق شعبنا الفلسطيني في تلك الفترة، وارتفعت أسهم أبي تريكه في العالم الإسلامي كله ، وذهبت تهديدات الاتحاد الإفريقي "الكاف" بإيقاف اللاعب أدراج الرياح .
تعليقا على مصادرة أموال أبي تريكة ، قالت والدة شهيد ممن قضوا في ستاد بورسعيد ضمن المجزرة المعروفة التى راح ضحيتها 74 شهيدا إبان حكم المجلس العسكرى المباشر للبلاد في رسالة مؤثرة إلى أبي تريكة عبر صفحتها على موقع "فيس بوك": "عارفين يعني ايه ابنك يتقتل وهو بيتفرج على ماتش في الاستاد، والفرقة اللي كان بيشجعها باعت دمه بعد كام شهر ... إلا واحد بس ! عارفين لما الواحد ده هو الوحيد اللي راح لـ 74 أسرة بيوتها علشان يعزيها ! وييجي عندنا ... ويلاقيني باتهم فرقته وناديه انهم سبب في قتل ابني، فيبص في الأرض وبصوت كله حزن وبكل أدب يقولي طبعا حضرتك معاك حق!" وذكرت أم الشهيد ما قاله لها أبو تريكة في أثناء زيارته للأسرة قائلة : "أنا إبنك لو احتجت أي حاجة في أي وقت اتصلي بيه فورا... ويسيب رقم تليفونه ! وتابعت: عارفين يعني ايه الواحد ده يدفع ربع مليون جنيه ويتمنع منه شارة الكابتن الى الأبد عقابا ليه علشان رفض يلعب ماتش السوبر وحق ابني لسه ماجاش ! واختتمت بكلمات مؤثرة: "عارفين الواحد ده ....... هو حبيب ابني اللي اتقتل .... ولسه صورته اللي علقها يإيده موجوده فوق سريره لغاية دلوقتي ! الواحد ده هو الغالي حبيب الغالي .... أبوتريكه ..لن يضيعك الله ياولدي أبدا إن شاء الله".
لقد نددت صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية ، بقرار لجنة "حصر وإدارة أموال جماعة اﻹخوان المسلمين" الانقلابية بالتحفظ على أموال لاعب اﻷهلي ومنتخب مصر السابق محمد أبو تريكة، متسائلة: هل اللاعب إرهابى؟!
وقالت: إن "أبا تريكة" واحد من أعظم اللاعبين اﻷفارقة في عصره، أعلن دعمه خلال 2012 لحملة الانتخابات الرئاسية للرئيس محمد مرسي، الذي انقلب عليه الجيش في وقت لاحق من العام 2013”.
هكذا يكون يكون الغباء جنديا من جنود الله فيفضح سلوك الانقلابيين ، ويكشف أكاذيبهم ، ويوضح للناس أنهم في سبيل السيطرة على مقدرات البلاد لا يبالون بأي منطق ، وهو ما يجعلهم مثل الدبّ الذي قتل صاحبه حيث أراد إنقاذه !
الله مولانا . اللهم فرّج كرب المظلومين . اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!