الأسرى في المفهوم الأمني الإسرائيلي

د. مصطفى يوسف اللداوي

الأسرى في المفهوم الأمني الإسرائيلي

د. مصطفى يوسف اللداوي

[email protected]

استقر في "العقل الإسرائيلي" أن الوسيلة الأفضل والأكثر ضمانة لتحقيق أمن كيانهم واستقراره هي قتل الآخر، أو استرقاقه بنزع حريته، وحبس نفسه، وتقييد إرادته، وتغييبه أو نفيه، وإهانته وإهدار كرامته، وحرمانه من كثيرٍ من حقوقه، ليغدو عبداً ذليلاً ضعيفاً خانعاً تابعاً لهم، منفذاً لسياستهم، وغير قادرٍ على مواجهتهم أو مقاومتهم أو الاعتراض عليهم، وبذا يتحقق جزءٌ هامٌ من استراتيجيتهم الأمنية.

لما كان قتل الأسرى متعذراً، وإن كان ينفذ ولكن ليس على نطاقٍ واسع، وسيلةً صعبة، وتشريعاً له نتائج سلبية، وآثارٌ وتداعياتٌ خطيرة، فقد لجأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى السجن والاعتقال طويل الأمد، والتعذيب الشديد وهدر الكرامة والإساءة إلى المعتقلين لضمان عدم قيامهم بتهديد أمنها، فكان التعذيب المفضي إلى الموت أحياناً هو الوسيلة الأنجع لدى "الإسرائيليين" لضمان أمنهم، والحصول على معلوماتٍ تقيهم الأخطار، ذلك أنهم يعتبرون أن المعتقلين هم القطاع الأكبر والأهم والأقرب إليهم، والأيسر بالنسبة لهم، للحصول على المعلومات، ويرون أنهم يملكون دوماً معلوماتٍ جديدة وحساسة، يحصلون عليها بطرقٍ مختلفة، وهي تؤثر على أمنهم تأثيراً مباشراً.

لهذا فقد وسعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من دائرة الاعتقال، حتى فاق عدد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية على مدى سنوات الاحتلال أكثر من مليون معتقلاً، بعضهم أعتقل أكثر من مرة، وقد منحت السلطات العسكرية لقادة وضباط المناطق بالإضافة إلى الجنود والدوريات حق الاعتقال، دون الاستناد إلى حوادث معينة تجيز الاعتقال وتسمح به، إذ أن بعض الجنود يعتقلون أشخاصاً بسبب أشكالهم، أو رداً على كلامهم، أو غضباً من اجاباتهم، أو دون أي أسبابٍ تذكر، بل كانت قوانينهم استنسابية، وتشريعاتهم آنية، تخضع للمصلحة وتنشأ في ذات اللحظة، وتعطي العسكريين كامل الحق في اتخاذ وتنفيذ القرارات.

لكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي فوجئت أن الاعتقال لا يضعف نفس الفلسطيني، ولا يفت في عضده، ولا يوهن عزمه، ولا يقلل من فعله، ولا يدفعه نحو الخوف أو الجبن، بل إن الفلسطينيين يتباهون باعتقالهم، ويرفعون الرأس عالياً في سجونهم، بدليل أن بعضهم يعتقل مراتٍ عديدة، ولا يتوب ولا يندم وفق الفهم الإسرائيلي، ولا يتعلم الأخ من أخيه ولا من قريبه، ولا يتعظ من جاره وصديقه، بل تزيد منافساتهم، وتتضاعف جهودهم، وتكثر عملياتهم، وهو ما يغيظ الإسرائيليين ويزعجهم، فهم يريدون أن يقتلوا عند الفلسطينيين المقولة العربية الشهيرة "أن السجن للرجال"، ليتمكنوا من خلال سجنهم من تحقيق مآربهم، والوصول إلى غاياتهم، وهي غاياتٌ دنيئة، لكن الوصول إليها غدا بالنسبة لهم أمراً صعباً أو مستحيلاً.

الإسرائيليون يتخوفون من الأسرى والمعتقلين ويحتاطون منهم، إذ أن الشكل التي تتم فيه عملية الاعتقال، والحشود الضخمة من الجنود وقوات الجيش التي ترافق ضباط المخابرات الذين يقومون بتنفيذ عملية الاعتقال، والإجراءات الأمنية المشددة جداً التي تتخذها "القوات الإسرائيلية" حول وفي محيط منازل المقصودين بالاعتقال، إذ يطوقون محيط البيت حتى مسافاتٍ طويلة، فضلاً عن الطريقة التي يتعامل بها الجنود مع المعتقل المكبل بالقيود من الخلف، والمعصوبة عيونه، تدل على مدى الخوف الذي يسكنهم منه، وإن كان مكبلاً ومقيداً ومحاطاً بأعدادٍ كبيرة من الجنود والحراس، فهو يخيفهم وإن كان في الأغلال، ويرعبهم وإن كان خلف قضبانٍ حديدة، وجدرٍ اسمنتية، وأبوابٍ حديديةٍ سميكةٍ صدئة، ذات أقفالٍ ومفاتيح عديدة.

تكثف "الأجهزة الأمنية الإسرائيلية" بعد اتمام الاعتقالات التي لا تتوقف، استجوابها وتحقيقها مع الأسرى والمعتقلين، القدامى والمستجدين، بحجة الحصول منهم على معلوماتٍ أمنية، وهي تصنف المعتقلين وتعرفهم، وتصف بعضهم بأنهم قنابل موقوتة، وذلك بالإشارة إلى حجم وخطورة المعلومات التي يمتلكونها، والتي في حال عدم الحصول عليها فإنها تعني تنفيذ عمليات عسكرية ضد مصالحهم، لكنها تستطيع من خلال التحقيق والحصول على معلوماتٍ من المعتقلين افشالها أو تطويقها والتخفيف من آثارها، ولهذا فهي تجيز استخدام القوة في التحقيق معهم، وتسمح قوانينها باستخدام وسائل التعذيب القاسية ضدهم، ومنها الهز العنيف الذي أقرته المحكمة العليا الإسرائيلية، وقد بررت ذلك لأجهزتها الأمنية، لأنها تسابق الزمن في التحقيق مع المعتقلين الخطرين لإحباط عملياتٍ إرهابية متوقعة.

كما تلجأ سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى اختطاف فلسطينيين ولبنانيين، وذلك بعد أعمال مراقبة ورصد دقيقة وطويلة، وعندما يصبح المختطفون بين أيدي أجهزة "المخابرات الإسرائيلية"، فإنها تجري معهم عملياتِ تحقيق قاسية وسريعة، وتستخدم ضدهم وسائل تعذيب خاصة جسدية ونفسية، لتتمكن من الحصول منهم بسرعة على المعلومات التي تريدها، قبل أن تطلق سراحهم أو تقرر الاحتفاظ بهم ومحاكمتهم.

"إسرائيل" ترى أن أمنها يقوم على استمرار عمليات الاعتقال، ومواصلة الاختطاف، وتكثيف عمليات التحقيق وتطويرها، لأن الأسرى بزعمهم بما يملكون من معلوماتٍ وأسرار، فإنهم يشكلون ركناً أساسياً من أركان المفهوم "الأمني الإسرائيلي"، وبغير هذه الوسيلة فإن استقرارهم الأمني يضطرب.

يندرج الاعتقال في "المفهوم الأمني الإسرائيلي" تحت مفهوم الإنذار المبكر، حيث تقوم "النظرية الأمنية الإسرائيلية" على ثلاثية " الردع والإنذار والحسم"، والاعتقال وفقاً لمفهومهم الأمني يندرج تحت فهم الإنذار المبكر، إذ أن من شأن الاعتقال أن يمكّن "المخابرات الإسرائيلية" من الحصول على معلوماتٍ مختلفة قد تساهم في توفير "الأمن الإسرائيلي المنشود"، أو تساعد في منع وقوع عملياتٍ عسكرية، حيث أن بعض أطراف الخلايا المتهمة بالتخطيط والإعداد قيد الأسر والاعتقال، وهو الأمر الذي ييسر على "المخابرات الإسرائيلية" الحصول على المزيد من المعلومات لإحباط أي عملياتٍ عسكرية أو أمنية محتملة.

يؤكد هذا الاتجاه قيام "مسؤولين أمنيين إسرائيليين" كبار، بمشاركة شخصياتٍ سياسية وأخرى لها علاقة باتخاذ "القرار الإسرائيلي"، بمتابعة أو الاشتراك في التحقيق مع الأسرى والمعتقلين، للتعرف منهم على حقيقة المواقف والنوايا، ودراسة الأبعاد والمخاطر والنتائج المحتملة، فضلاً عن التركيز على نوعية المعلومات التي يتطلعون إلى الحصول عليها، وقد شارك في بعضها وزراء "الدفاع الإسرائيليين"، ورؤساء أركان الجيش، وقادة وضباط عسكريون كبار، فضلاً عن مختصين في علم النفس والاجتماع وغيره.

مضت "الحكومات الإسرائيلية" في تطبيق هذه الرؤية الأمنية وطورتها، وساعدها على ذلك صمتُ المجتمع الدولي، وعجزه عن محاسبتها، أو منعها من ممارسة التعذيب ضد السكان المدنيين الفلسطينيين وغيرهم، ممن يصنفون بأنهم سكانٌ تحت الاحتلال، ويخضعون بموجب القانون الدولي إلى بنود اتفاقيات جنيف الدولية التي ترعاهم وتضمن سلامتهم، فضلاً عن القوانين والمعاهدات الدولية الأخرى التي تلحظ حقوق أسرى الحروب، ومعتقلي الشعوب الخاضعة للاحتلال.

2/2

تحرص سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أن يبقى دوماً في سجونها ومعتقلاتها أسرى فلسطينيون وعرب، ولا يهمها أبداً إن كانوا أطفالاً أو نساءً أو مرضى ومسنين، محكومين أو موقوفين أو إداريين، ولا تجد أدنى مشكلة في أن تزج بهم في سجونها الصحراوية القاسية، أو الرطبة الباردة، التي تفتقر إلى أبسط الشروط الصحية والإنسانية، وهي جاهزة دوماً لأن تفتح المزيد من السجون والمعتقلات، أو توسع القديم منها، لتتمكن من استيعاب الأعداد المتزايدة من المعتقلين الجدد، وهي إن تقوم بالإفراج عن بعض الأسرى فإنها تقوم باعتقال آخرين، وقد تقوم باعتقال نفس المفرج عنهم، في اليوم نفسه أو بعد أيامٍ قليلة، وتبرر ذلك بخطورتهم على الأمن العام، وإن كانت غير مضطرة لتبرير سياساتها، أو تفسير اجراءاتها.

 وفي الوقت نفسه تصم سلطات الاحتلال الإسرائيلي آذانها عن النداءات الدولية والاحتجاجات الشعبية والاضرابات الاعتقالية، المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين والإفراج عنهم، بل إنها تضيق عليهم، وتقوم بقمعهم ومعاقبتهم، وتعزلهم في زنازين فردية، أو في اكساتٍ خارجية، وتقيدهم أثناء عزلهم، وتحرمهم من كل حقوقهم المنصوص أو المتعارف عليها، وتعاقب أهلهم وذويهم بمنع زيارتهم، أو تضع عليهم شروطاً قاسية قبل أن تسمح لهم بالزيارات المشروطة والمقيدة والمحددة الزمان والمكان.

تتمسك سلطات الاحتلال بالأسرى لأسبابٍ كثيرة تتعلق كلها بالأمن القومي الإسرائيلي، فهي أولاً تحتفظ بهم لتفاوض وتساوم عليهم في حال نجاح المقاومة في أسر بعض جنودهم أو مستوطنيهم، فهي ترى أنهم ثمن حرية جنودهم وسلامتهم، وهو ثمنٌ جاهزٌ دوماً، ولا يكلفها كثيراً، وتستطيع تعويضه بسهولٍ وفي أي وقت، بل إنها تقوم أحياناً باستعادة الثمن الذي دفعته عيناً وشخصاً، ولكنها تساوم المقاومة عليه، لتدفع في سبيل تحرير جنودها الأسرى، أو استعادة رفاتهم أقل عددٍ ممكنٍ من الأسرى الفلسطينيين والعرب، أي أنها تعتبرهم قيمة نقدية أو سلعة تجارية تستخدمهم في الشراء والمقايضة.

وكما تعتبر الأسرى والمعتقلين مستودع معلوماتٍ يمكن الحصول عليها منهم بسهولة، لقربهم منها وسيطرتها عليهم، فإنها تستخدم قضية الأسرى في المساومة عليهم وعلى ذويهم، في سبيل إسقاط بعضهم، وربطهم بأجهزتها الأمنية للعمل معهم، مستغلة حاجة الأهل إلى الحصول على أذوناتٍ أمنية للزيارة، أو اضطرارهم للمرور عبر البوابات والمعابر الإسرائيلية، فضلاً عن ضرورة مقابلتهم لضباط الأمن والتحقيق معهم أحياناً، وهو أمرٌ يجعل احتكاك المخابرات الإسرائيلية بالفلسطينيين سهلاً وممكناً وأحياناً دائماً، مما يسهل عليهم أحياناً التغرير بالبعض وإسقاطهم في العمالة، مقابل التخفيف عن أبنائهم الأسرى، أو تسهيل زيارتهم، أو تمديد فترتها، وغير ذلك من التسهيلات التي تعتبر طعماً للإسقاط الأمني.

كما تستغل "المخابرات الإسرائيلية" الظروف الصعبة التي يعيشها الأسرى والمعتقلون، وأحياناً صغر سن بعضهم، فتضغط عليهم وتساومهم على الارتباط بها والعمل معها، وهكذا فإن السجون والمعتقلات قد تكون بالنسبة إلى "المخابرات الإسرائيلية" مراتع خصبة لبناء شبكات تعامل وجاسوسية تعمل وسط صفوف المقاومة، سواء داخل السجون والمعتقلات أو خارجها.

من جانبٍ آخر ترى "الأجهزة الأمنية الإسرائيلية" أن أمن كيانهم لا يتحقق في ظل وجود بعض الشخصيات الفلسطينية في الشارع الفلسطيني أحراراً، يمارسون أدوار التحريض والتعبئة والإثارة، ويلعبون دوراً نشطاً في تأطير المقاومة وتطويرها، وتنظيم العناصر الجديدة، ولهذا ترى من منظور مفهومها الأمني أن تقوم باعتقالهم إن تعذر قتلهم وتصفيتهم، وبهذا تبعدهم عن دائرة الفعل الحقيقية التي يتميزون فيها، وفي الوقت نفسه تحاول "المخابرات الإسرائيلية" الحصول على معلوماتٍ جديدة منهم، سواء كانت معلومات تفصيلية تتعلق بأعمالٍ أو مهام، تعطل أو تعرقل القيام بأي أعمال تضرّ بأمنهم، أو معلوماتٍ أخرى تساعد في فهم الاستراتيجيات وتبصر الرؤى الإقليمية المتشكلة في ظل المتغيرات المتلاحقة.

كما تقوم "النظرية الأمنية الإسرائيلية" على ضرورة الاحتفاظ برهائن في كل المراحل السياسية، وإخفاء أي معلوماتٍ عنهم، لاستخدامهم في أوقاتٍ مناسبة، كأوراق ضغطٍ أو ابتزاز ومقايضة للحصول على معلومات، أو لإجبار المقاومة العربية والفلسطينية على إتمام عمليات تبادل الأسرى، الأمر الذي يقحم موضوع الأسرى في صلب "العقيدة الأمنية الإسرائيلية"، كما أن الاحتفاظ بالأسرى في ""السجون الإسرائيلية"" من شأنه أن يلعب دوراً ضاغطاً على القيادة الفلسطينية على طاولة الحوار، ويجبرها على تقديم تنازلاتٍ جوهرية من أجل راحة ومستقبل الأسرى.

وقد تجلت محاولات الابتزاز و"الضغط الإسرائيلية" على الفلسطينيين وفصائلهم المقاومة في مسألة الأسرى والمعتقلين، عندما أقدمت ""سلطات الاحتلال الإسرائيلي"" على اعتقال العشرات من نواب المجلس التشريعي المحسوبين على حركة حماس، بقصد تعطيل أعمال المجلس التشريعي الفلسطيني، وممارسة الضغط على حركة حماس والقوى الفلسطينية الآسرة للجندي "الإسرائيلي" جيلعاد شاليط، ولم تكتفِ سلطات الاحتلال باعتقال النواب ورئيس المجلس التشريعي ومئات المسؤولين الفلسطينيين، وإنما قامت باعتقال عددٍ من الوزراء المحسوبين على حركة حماس، وكان من بينهم نائب رئيس الحكومة الفلسطينية.

كما أقدمت ""سلطات الاحتلال الإسرائيلي"" على استخدام الأسرى والمعتقلين للضغط على آسري الجندي المذكور، عندما أقدم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على تقليص صلاحيات وامتيازات الأسرى والمعتقلين في ""السجون الإسرائيلية""، وحرمانهم من كثيرٍ من حقوقهم ومنها حقهم في مواصلة التعليم الجامعي، وحرمانهم من الزيارة ولقاء ذويهم ومحاميهم، حتى يتم الإفراج عن الجندي الأسير، أو الحصول على معلوماتٍ مطمئنة عنه، ولهذا يرى الاحتلال ضرورة الحفاظ على درجة عالية من المرونة الأمنية، التي تمكنهم من اعتقال من شاءوا وقتما يرون أن ذلك يخدم مصالحهم الأمنية.

تقوم "النظرية الأمنية الإسرائيلية" الجديدة على فرضية تراجع الأخطار الخارجية التي تهدد أمنهم واستقرارهم، مقابل تعاظم الأخطار الداخلية نتيجة صعود وتنامي قوى عسكرية منظمة ومتشددة، ترتبط وتنسق مع قوى خارجية معادية، وتمتلك عقيدة قتالية، ورؤى استراتيجية، ولديها مفاهيم جديدة لإدارة الصراع مع ""سلطات الاحتلال الإسرائيلي""، مع عدم إهمال الأولى، لكن مع التأكيد على تعاظم دور الثانية، فوجدت أجهزة أمن سلطات الاحتلال أن المعتقلين يخدمون كثيراً في الحد من تصاعد الأخطار المتوقعة على الجبهات الداخلية، نظراً لمكانتهم الحساسة في المجتمع الفلسطيني، وتمسك الشعب الفلسطيني بهم، واعتزازه بتاريخهم وتضحياتهم، وحرصه على أن يكفل لهم الراحة ويضمن لهم الحرية.

ولهذا يرى الاحتلال أهمية المحافظة على ورقة المعتقلين، وعدم التفريط بها، أو التنازل عنها حتى في ظل فترات الهدوء النسبي، وانطلاق مفاوضات السلام، فقد تجد "إسرائيل"، خلال المفاوضات، أنها بحاجة لاستخدام ورقة الأسرى للضغط من خلالها على المفاوضين الفلسطينيين، بنفس القدر الذي تحتاجهم فيه للمساومة والضغط وفرض الشروط الخاصة، لكن الأسرى يدركون جيداً هذه اللعبة الإسرائيلية، ويحسنون مواجهتهم، بل ويفشلون مخططاتهم، ويتحدون ترتيباتهم، وينتصرون عليهم، ويفرضون شروطهم، ويجبرون العدو على الخضوع والقبول، والتراجع والانكفاء، رغم أنهم في الأغلال يرسفون، وخلف القضبان يقبعون، لكن إرادتهم قوية، وعزيمتهم شديدة، ووعيهم أكبر من أن يستغفلهم العدو ويستغلهم أو يبتزهم.