بين الشريعة والتعددية
عقاب يحيى
في لقاء متلفز على فضائية السحاب.. سيبثّ لاحقاً.. كان النقاش مهماً حول فكرة المحاكم الشرعية، والموقف من العلمانية، والشريعة..
هذا موضوع كبير، يطرح نفسه بقوة على الذهن لمناقشته بانفتاح لا يخشى طرح وجهات النظر المختلفة، ولا المسايرة الخائفة من التهم المعلبة.. وبالوقت نفسه..فإن أطروحات بعض العلمانيين القشريين، والسطحيين، أو المتأوربين تثير" أعصاب" الذهن الآخر فتنمي نزعات الاحتراب، والاستئصال المشترك...
وزمان.. يا ما رددنا المقولة المعروفة : أقصى اليمين يسار، والعكس أيضاً ..
ببساطة ووضوح رأيي أن التعددية هي غاية الإنسان. إقرار حقائق الواقع، ونوازع البشر، واختلاف آرائهم، ووعيهم، ومواقعهم الطبقية والاجتماعية، ومصالحهم..
التعددية تفترض الإقرار الثابت بحق الآخر في الاختلاف، وهذا ألف باء الدرس الأساس في الديمقراطية.. وبإقرار أن الاختلاف حقيقة، وغنى، وتنوّع، وأن احترامي لمعتقدات وآراء الآخر، والتعامل معه كما هو لا كما أريد.. هو مفرش النظام الديمقراطي..
ـ وأن الثورة في أساس انطلاقها، وبغض النظر هنا عن حجوم ودور المشاركات فيها لأصحاب المدارس والأفكار والتيارات السياسية المختلفة، أو لأبناء مكوّنات الشعب السوري... وديمومتها هي ثورة ضد الاستبداد، وفي سبيل إقامة نظام آخر مختلف لجميع السوريين. نظام الحق والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات.. وعلى أساس المواطنة ، بغض النظر عن الجنس، والمشرب السياسي، والدين، والقومية، والمذهب، وأن شعاراتها لخّصت ذلك بكل جلاء..
ـ إنهاء الاستبداد لإقامة البديل لا يستقيم بإحلال استبداد آخر قد يكون أكثر تشوّهاً، وعنفاً، وشمولية أيّاً تكون العناوين التي ترفع، والمرجعيات التي توظف.. تأكيداً لمسلّمة تقول : أن الحقيقة نسبية، ولا يمتلكها طرف، ولا يحتكرها أحد..
ـ وأن ليس من حق أحد : مجموعة، أم حزباً، أم قوة مسلحة، أم فرداً أن يدّعي تمثيل كل الشعب السوري، أو أغلبيته، وأن ينصّب نفسه مفوضاً باسم الدين، أو العقيدة التي يؤمن، أو من ربّ العالمين.. وكأنّ معه توكيلاً رسمياً.. تخالفه الوقائع، وحقائق الدين، ومفهوم الشورى فيه، وتطور الخطاب الإسلامي المعتدل، والمنفتح لدى عديد القوى والتشكيلات الإسلامية التي أعلنت في وثائقها إقرارها بالتعددية، وإيمانها بالدولة المدنية الديمقراطية بكل مفرداتها، ومفرزاتها .
ـ بالمقابل.. فليس من حق العلمانيين.. ومهما كانت نسبة قوتهم الفعلية، أو سطوتهم الإعلامية والكلامية فرض تلك المقولات التكفيرية، وتجريم حق الآخرين في الاعتقاد، وفي ممارسة ما يؤمنون به بكل حرية، أو ادعاء تمثيل الشعب لقسر مفاهيم معينة فيها الكثير من الهجين المخالف لتركيبة مجتمعنا، ومرجعياته.
ـ في جميع الحالات.. وبواقع وجود خلاف مستمر حول هوية الدولة القادمة.. ورفض بعض الاتجاهات الإسلامية للفظ كلمة الديمقراطية واعتبارها كفراً صراحاً.. فإن الشعب هو سيد القرار، وهو المرجعية وصاحب الحق في إقرار النظام الذي يريد عبر انتخابات حرّة، مباشرة يختار فيها أعضاء السلطة التشريعية.. والموافقة على الدستور ..