خواطر شاهد عيان، الخاطرة المفقودة

د. محمد أحمد الزعبي

د. محمد أحمد الزعبي

كوزير للإعلام  في حكومة الدكتور يوسف زعين  إبان  حرب 1967 ، ذهبت إلى المقر الذي كانت تتواجد فيه "القيادة السياسية " لحرب حزيران ،  ( والتي لم أكن من بين أعضائها ، لأسباب أوضحتها في  توضيح  سابق لي("الحوار المتمدن" تاريخ 11/12/2011 ) حيث كان يتواجد  في المكان الذي ذهبت إليه كل من الدكتور نور الدين الأتاسي  ( رئيس الجمهورية والأمين العام لحزب البعث / حركة 23ى شباط  19665 ) واللواء صلاح جديد ( الأمين العام المساعد لشؤون القطر السوري في الحزب )والدكتور يوسف زعين(رئيس الوزراء) والدكتوابراهيم ماخوس ( وزير الخارجية )، وكان هذا بعد  صدور   البلاغ  العسكري  رقم 66 الشهير ، بلاغ الإعلان عن سقوط القنيطرة  بيد إسرائيل قبل أن تسقط  فعلاً، (انظر الخاطرة الثالثة من خواطر شاهد عيان  في مركز الشرق العربي  بتاريخ 23/08/2011  ) حين اتصل مندوب سوريا  الدائم في الأمم المتحدة  ( جورج طعمة )من نيويورك ليبلغ وزير الخارجية ابراهيم ماخوس ، أن مجلس الأمن  يناقش إصدار  قرار حول الحرب بين مصر وسوريا وإسرائيل ، وأنهم يريدون معرفة الحدود التي وصل إليها الجيش الإسرائيلي في سوريا ، لأن السفير الإسرائيلي يصر على أن إسرائيل لم تحتل مدينة القنيطرة ، وكان جواب ماخوس له وبصوت عال ومنفعل :  " كذابين ، لقد احتلوها "  ، وبعد حوالي العشر دقائق عاود ( جورج طعمة ) الاتصال ليكرر أن السفير الإسرائيلي مازال يصر على أن جيشهم لم يدخل القنيطرة ، وليكرر ابراهيم ماخوس له نفس الجواب    " كذابين احتلوها " .  وحلاًّ لهذه الإشكالية اتفق أعضاء مجلس الأمن على  تكليف كبير مراقبي الهدنة  بين سوريا وإسرائيل ( آنذاك ) أن يذهب بنفسه إلى القنيطرة ليتأكد من أنها محتلة أم غير محتلة  . اتصل هذا المسؤول الأممي ( لا أذكر إسمه )   بالدكتور ابراهيم ماخوس ليأخذ منه موافقته على الدخول إلى مدينة القنيطرة ، وهنا قال السيد ماخوس مخاطبا الحضور : " طالما أن الجنرال  (... .. )يريد  أن يأخذ الإذن مني للدخول إلى المدينة ( القنيطرة ) ، فهذا يعني انها فعلاً غير محتلة  ( !!! ) .

هذا ما سمعته بأذني ورأيته بعيني  ، وأتمنى ألّا يكون عامل الزمن قد لعب دوراً ما في  مدى دقة نقلي     ( من الذاكرة ) لهذا الخاطرة  ولا سيما أن المرحومين نور الدين الأتاسي وصلاح جديد  قد غيبهما الموت بعد أن قضيا حوالي ربع قرن  من  الزمن في سجون الأسد،(سجن المزة العسكري )  وأن  المرحوم ابراهيم ماخوس قد  توفي  في ديار الغربة.