تقريب المذاهب أم تنقيحها ..؟
تقريب المذاهب أم تنقيحها ..؟
د. حامد بن أحمد الرفاعي
بدعوة كريمة من سماحة الإمام محمد مهدي شمس الدين/رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الأسبق في لبنان يرحمه الله تعالى..جرى بيننا حوار افتتحه سماحته قائلاً:يا(معالي) الدكتور حامد أنا معجب بمهاراتكم في ميادين الحوار مع الفاتيكان وغيره..وإني لأتطلع للاستفادة من خبرتكم لنتعاون بشأن"التقريب بين المذاهب"فقلت:أشكر لسماحتكم كريم ثقتكم وبكل تأكيد وحدة الكلمة أمر جليل والسعي إليه أجل..إلا أنني- وأرجو ألا أصدم مشاعركم النبيلة-لا أؤيد مقولة التقريب بين المذاهب قال:لِمَ..؟وما البديل..؟قلت البديل:تنقيح المذاهب قال:ما المقصود بالتنقيح..؟قلت:أن يقوم أتباع كل مذهب بتنقية مذهبهم مما يؤذي مشاعر أتباع المذاهب الأخرى ومما يتنافى مع ما جاء به رسولنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومع مالتزم به الخلفاء الراشدون ومن اقتفى أثرهم رضوان الله عليهم جميعاً..فبمثل هذا العمل تتجه الأمة تلقائياً نحو وحدة الصف والكلمة بعون الله تعالى..وهنا دخل مدير مكتبه ليخبره بأن معالي الدكتور ناصر الدين الأسد/رئيس المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية سابقاً في الأردن يستأذن بالدخول..وعندما دخل الدكتور ناصر لّخص سماحته ما بدأنا به وذكر له وجهة نظري وسأله:ما رأيكم بذلك..؟قال:أحسب أن مقترح (معالي)الأخ الدكتور حامد وجيه وغير مسبوق..وبتقديري سيكون موضع ترحيب من الجميع..قال سماحته:فما الذي يؤذي أهل السنة من مذهب أهل الشيعة.؟قلت:هذا التساؤل يؤكد أنكم لا ترون حاجة لمراجعة مذهبكم أليس كذلك..؟قال:تعليق لا أرفضه..؟وأريد أن أسمع منكم..قلت:دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية يقرر:أن المذهب الجعفري الإثنى عشري والإسلام أمر واحد..قال:ما هو دليلكم..؟قلت المادة الثانية عشرة تنص:"الدين الرسمي لإيران هو الإسلام (و)المذهب الجعفري الإثنى عشري وهذه المادة تبقى إلى الأبد غير قبلة للتغيير"قال:وهل الواو موجودة..؟قلت:تساؤلكم يؤكد ما أعترض عليه..فتداخل الدكتور ناصر قائلاً:لقد اعترضت على هذه (الواو)عندما أرسل إليَّ سماحة الإمام الخميني يرحمه الله مسودة الدستور يستشيرني بشأنه..فوضعت خطاً أحمراً تحت الواو واقترحت حذفها..فقلَّب سماحته بصره ثم قال:وماذا عندكم غير ذلك يا دكتور حامد..؟قلت المادة الثانية تنص:"يقوم نظام الجمهورية على أساس:"الإيمان بالله الأحد(لا إله إلا الله) وتفرده بالحاكمية والتشريع ولزوم التسليم لأمره..وتنص في الفقرة(أ)منها:"الاجتهاد المستمر من قبل الفقهاء جامعي الشرائط على أساس كتاب وسنة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين"من دون ذكر لاسم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم واسم القرآن على الإطلاق لا في هذه المادة ولا في الدستور كله..وهنا تدخل الدكتور ناصر ليقول:يا سماحة الإمام أنا سعيد بهذا الحوار العلمي الهادئ الذي لم أشهد له من قبل مثيل..لذا أجدني متشجعاً لأسأل عن صحة ما يتردد على الألسن:(أن الشيعة لديهم قرآن حجمه أضعاف القرآن الذي لدى السنة) فما صحة ذلك..؟فقال سماحته:لدينا كتاب نسميه كتاب(فاطمة)قال الدكتور ناصر:لماذا لا يُطبع وينشر لتنقطع دابر الإشاعات..؟فقال سماحته:يبدو أن الأمر لم يحن وقته بعد..؟؟؟!!!ثم قال سماحته:ما علة رفضك يا دكتور حامد لمسألة التقريب..؟قلت:لأنها تفتح باباً للفتنة كبير..قال:وما ذاك..؟قلت:إلغاء المتغير المتجدد مذهب أهل السنة لصالح الثابت الدائم المعصوم بنظركم مذهب أهل الشيعة قال :وكيف..؟قلت الجواب في المادة الثانية عشرة من الدستور..قال:سأراجعها..فقلت لسماحته:أرجوا أن أكون قد أفلحت في تجلية وجهة نظري بشأن رفض مقولة(التقريب بين المذاهب)..؟قال:بكل تأكيد لذا لا زلت أطمع في الاستفادة من مهارتكم في جمع كلمة المسلمين..قلت هذا شرف كبير وشهادة أعتز بها من عالم جليل ومفكر كبير مثلكم حفظكم الله..وإنه ليشرفني السعى بمعيتكم لتحقيق هذا الواجب النبيل انطلاقاً من التنقيح وليس من التقريب..فإن كان الاختلاف بين السنة والشيعة اختلافاً عقدياً..؟فيصح به لكم اعتقادكم ولنا اعتقادنا..وإن كان اختلافاً اجتهادياً..؟فيصح بشأنه لكم اجتهادكم ولنا اجتهادنا فتعالوا إلى كلمة سواء للنهوض بقدسية أمانة الاستخلاف في الأرض وعمارتها وإقامة العدل والأمن والسلام..وللعلم الحوار دام لساعات ولعلي أنشر تفاصيله فيما بعد والله المستعان.