لماذا تغييب الحوار بين الإخوان والسيسي في مصر وبين العشائر السنية والنظام الطائفي في العراق

ولماذا الحرص على الحوار بالنسبة لليمن وليبيا وسوريا؟

يبدو أن تعامل العالم بقيادة صناع القرار فيه  بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأقوياء والضعفاء على حد سواء يشي بازدواجية  الكيل والمكيال  في التعامل مع ما يحدث في بلاد الربيع العربي حيث تسعر الحرب في بعضها في حين يدعى إلى الحوار في البعض الآخر .فخلال هذا الأسبوع احتضنت مدينة جنيف السويسرية  الحوار بين الحكومة اليمنية  الشرعية التي انقلب عليها الحوثي والرئيس المخلوع، الشيء الذي قدح زناد حرب أهلية في اليمن . كما أن الحوار جار على قدم وساق بين الأطراف المتصارعة في ليبيا منذ مدة . ويدور الحديث بين الحين والآخر عن حوار في جهة ما  بين النظام السوري والقوى التي تحاربه. وفي المقابل لا حديث عن حوار بين الإخوان المسلمين ومتزعم الانقلاب على الشرعية والديمقراطية في مصر ، ولا عن حوار بين النظام الطائفي في العراق  وسنة العراق . ولا شك أن الدعوة إلى حوار بين الأطراف المتصارعة في بعض أقطار الربيع العربي دون غيرها تعكس إرادة القوى صانعة القرار بزعامة الولايات المتحدة وحلفائها الصقور والحمائم ، ذلك أن هذه القوى تنشر الاستبداد و الحرب حيث تشاء ، وتدعو إلى الحوار حيث تشاء مع أن الوضع واحد في أقطار الربيع العربي حيث اندلعت ثورات شعبية على الأنظمة الفاسدة فيها والتي كانت تخدم مصالح الولايات المتحدة وعلى رأسها أمن واستقرار الكيان الصهيوني ، وتأمين وصول ثروات البترول . ولا تعنى القوى الغربية بالديمقراطية في أقطار الربيع العربي بل تتنكر لها من أجل مصالحها مع أنها تدعي الوصاية عليها في العالم ، وتسوق لشعارها .ولقد كان من المفروض أن تتبنى القوى الغربية الديمقراطية الفتية في مصر التي شهدت أول مرة انتخابات نزيهة وشفافة لا يمكن الطعن في مصداقيتها كما كان الأمر في السابق ، وهي تجربة انتخابية أفضت إلى انتخاب رئيس مدني لأول مرة إلا أن هذه القوى الغربية تنكرت لهذه الديمقراطية لأن رياحها هبت بما لا تشتهيه سفنها، فغضت الطرف عن جريمة انقلاب عسكري فاضحة ، وسكتت عن استبداد شنيع بل أضفت على هذا الانقلاب الشرعية ، وصار زعيمه يستقبل استقبالا رسميا في العواصم الغربية  وغيرها، وتفرش له البسط الحمراء . ولم تدع جهة ما في الغرب إلى فكرة فتح حوار بين أصحاب الشرعية في مصر وبين المنقلبين عليها كما دعت إلى ذلك بين الشرعية في اليمن وبين المنقلبين عليها من حوثيين وأنصار الرئيس المخلوع .وهذه ازدواجية مكشوفة في الكيل والمكيال . والمثير للاستغراب أن جهات إقليمية وعلى وجه التحديد الخليجية والتي أيدت الانقلاب على الشرعية في مصر ومولته، هبت لحماية الشرعية في اليمن ،وفي نفس الوقت دعت للحوار بين الشرعية  في اليمن وبين المنقلبين عليها في حين لم تدع إلى نفس الحوار  بين الشرعية في مصر وبين المنقلب عليها . ومعلوم أن الدول الخليجية ملتزمة بما يمليه عليها الغرب المهيمن ، والذي يرفض جملة وتفصيلا الحوار مع ما يسميه الإسلام السياسي الذي لا يخدم مصالحه . ولا شك أن احتضان الغرب للحوار بين شرعية اليمن والمنقلبين عليها من حوثيين وأنصار المخلوع تحكمه المصالح الغربية المنتظرة من الحوار مع دولة إيران التي تتبنى الحوثيين  بخصوص ملفها النووي الذي يحرص الغرب على ألا يكون مصدر تهديد للكيان الصهيوني في حين لا يوجد ما يقتضي احتضان الحوار بين شرعية مصر والمنقلبين عليها لعدم وجود من يتبنى إخوان مصر بملف كالملف النووي الإيراني . ولا شك أيضا أن قبول الغرب  للحوار بين النظام المستبد في سوريا وبين ثورة الشعب السوري عليه تحكمه نفس المصالح طالما أن دولة إيران تعتبر طرفا أيضا في الحرب الدائرة في سوريا ،وقد سكت الغرب عن ذلك لأنها  تمارس ضغطها عليه من خلال موضوع ملفها النووي أيضا . والغرب أمام  الحرص على مصالحه لا تعنيه ديمقراطية  فتية تضيع في مصر،  ولا ثورة شعب مضطهد يريد الحرية والانعتاق في سوريا .وينهج الغرب نفس النهج في العراق حيث لا يدعو إلى حوار بين سنة العراق المضطهدين والنظام الطائفي الذي نصبه بالقوة على إثر غزوه العراق. ولقد وقفت العشائر السنية ما يزيد عن حول كامل تتظاهر سلميا للمطالبة بفتح حوار مع النظام الطائفي إلا أنها سحقت من طرفه بالقوة العسكرية ، وسكت الغرب سكوت الشيطان الأخرس عن ذلك . ومن أجل التمويه على جريمة إبادة سنة العراق، وطمس فكرة الحوار بينهم وبين النظام الطائفي اختلق الغرب ما يسمى بعصابات داعش الإجرامية ، وهي صناعة مخابراتية مكشوفة . ويموه النظام الطائفي في العراق بحربه ضد عصابات داعش من أجل إبادة سنة العراق الذين يحملون ظلما وزورا مسؤولية جرائم داعش مع أنهم أول ضحايا هذا التنظيم الإرهابي، ذلك أن هذا التنظيم حين يدخل مناطق سنة العراق  يعيث فيها فسادا ، وحين يحل محله ما يسمى الحشد الشعبي الطائفي يعيث فيها فسادا أكبرا بذريعة معاقبة السنة لمجرد مرور عصابات داعش بمناطقهم . ونفس الأسلوب يتعامل به أكراد العراق واليزيديين مع سنة العراق يحملونهم مسؤولية جرائم داعش ، وذلك بعلم العالم الذي لا يحرك ساكنا لوضع حد لجرائم إبادة سنة العراق ،وهم بين مطرقة داعش وسندان النظام الطائفي وحشده الشعبي . ويبدو أن ورقة داعش أصبحت تستعمل في كل أقطار الربيع العربي ، ذلك أنه سرعان ما انتشر هذا التنظيم الإرهابي من العراق إلى سوريا إلى ليبيا وغيرهما . ويسكت الغرب عن جرائم الأنظمة المستبدة  والطائفية في أقطار الربيع العربي  كما هو الشأن بالنسبة للنظام المصري والسوري والعراقي بحجة أنها تحارب تنظيم داعش الإرهابي دون الاحتفال بضحايا هذه الأنظمة والذين لا علاقة لهم بداعش بل هم أول ضحايا داعش . وأخيرا على القوى الغربية صانعة القرار في أقطار الربيع العربي وحلفاؤها التابعين والذين لا حول لهم ولا قوة مراجعة سياسة الكيل بمكيالين، علما بأن الحرب الحقيقية على التنظيم الإرهابي داعش تبدأ بنهاية الأنظمة المستبدة والطائفية في أقطار الربيع العربي ، وبالحد من النفوذ الإيراني في المنطقة العربية ، وبانتهاء الاحتلال الصهيوني للأرض العربية .