لكي لا تدفع الأمة المسلمة ثمن تخاذل حكامها

لكي لا تدفع الأمة المسلمة ثمن تخاذل حكامها

أمام المشروع الصفوي الطائفي ..؟!

زهير سالم*

[email protected]

أما إنكار وجود مشروع صفوي طائفي يهدد الأمة المسلمة في أخص خصوصياتها : عقيدتها وشريعتها وثقافتها وتاريخها وحاضرها ومستقبل أجيالها فهو من إنكار الشمس رأد الضحى ، والمطالبة بالإتيان بالدليل على ضوء النهار ..

وأما محاولة احتواء هذا المشروع بقبلة على رأس او على يد وجبين فهي سياسة مثيرة لغرائز الطامعين تحرك شهوتهم  وتبعثهم على الإمعان في الطموح ، فما بعد النظرة والابتسامة والسلام والكلام إلا ما قال شوقي من الموعد واللقاء ليس على فرش المهانة فقط بل والدياثة أيضا ..

وأما التعويل على الآخرين – أمريكيين وأوربيين أو روس ويابانيين – في حماية العقيدة ،  وصون البيضة ، والدفاع عن حقيقة هذه الأمة فهو العجز عينه وهو الهوان نفسه وهو الهزيمة ذاتها وهو الضياع والاضمحلال وذهاب الريح والوقوع بين براثن عدو لئيم حاقد لا يُرجى ولا يُؤمل وإن استُرضي لا يرضى وإن استُعتب لا يعتب ..

وحين يستشعر الإنسان العربي اليوم الخطر ، ويعاين التهاون والتخاذل والعجز عند من اعتده لهذا اليوم ، وكان يأمله ويرجوه ، يرتد بصره حسيرا ، فينفر مبادرا للحفاظ والذود فيقع عن غير وعي منه في حبائل منصوبة أحسن أعداء هذه الأمة الإمساك بطرف طِوَلها فيدوّمون به في متاهات الغلو والتطرف والتوظيف في مشروعات ضلالة فيها الكثير من الرهق والعنت والانحراف عن الجادة ، وفقدان البوصلة فيزيدون طين هذه الأمة بلّة ، وجراحها جراحا وأساها أسى ..

ويجد الإنسان الفرد المتلظي على ما يحل بأمته ، المشفق على مصيرها مما يعاينه من تكالب أعدائها ، وتخاذل حكامها ؛ نفسَه بين دوائر من العدوات ، وأطباق من المتربصين فلا جهده يوازي جهدهم ولا كيده ، إن كاد ، يقوم لكيدهم حتى صار في نفرته لنصرة أمته وبالا على نفسه وعلى أسرته وعلى مجتمعه وعلى أمته التي خرج في الأصل نصرة لها ...

وبين أولئك الحكام المتهاونين وهؤلاء الأفراد المضطربين نبتت نابتة بين ظهراني هذه الأمة من علماء سوء ، مردوا على المداهنة والنفاق ،  وأدمنوا على شرعنة الضلال ، وتزيين الهوان ، وتشويه فقه الحلال والحرم،  فالحلال عندهم ما وقع في شهوة صاحب عصا ، والحرام ما زوى صاحب العصا عينا عنه . فلا همَّ لنابتة السوء هذه إلا أن تربت على هوى ، أو تعين على ضلالة ، ولو كان في ذلك قيادة هذه الأمة إلى الهاوية وسقر

وحين قال الفقهاء الوارثون إن مهمة  ولي الأمر ( حفظ البيضة ) فلأنهم كانوا يدركون أن حقيقة الأمة محمية بأقرب ما يكون إلى البيضة التي يكسرها أي تهاون في أمرها ، ويذهب بما فيها إي عجز عن إحاطتها من كل جوانبها . وإذا كانوا قد كنّوا عن حقيقة الأمة  بالبيضة فكم هو حقّ هذه البيضة في الحفظ والصون واليقظة والحذر والحضور والاستعداد والتشمير والشجاعة والنجدة والجرأة والقدرة والزهد في الصغائر والسمو إلى المعالي ورفض الذلة والمهانة وطأطأة الرؤوس على أقدام الأعداء .

إن تخاذل الكثير من القائمين على أمر الأمة من الوفاء بما يقتضيه موقعهم هو الذي فرق أمر الأمة ، وبعثر وحدتها ومزق شملها ، وجعل أبناءها أيدي سبا تتفرق بهم السبل ، ويسهل على عدوهم اصطيادهم وتضليلهم وتوظيفهم من حيث يشعرون أو لا يشعرون ..

واليوم وهذا الأخطبوط الإيراني الصفوي الطائفي الحاقد يضرب بكل أذرعه على جبهة الأمة وصدرها في الشام والعراق ويتوغل إلى اليمن والبحرين ويغرز مخالبه في تونس ومصر وما زال الحكام الحاكمون والفكهاء المترفون يزينون للأمة القعود والتخاذل والتهاون والاستسلام والخضوع والرضى بما يمن عليهم عدونا الذي اتخذوه صديقا من فتات . وكثير من هؤلاء الحكام إن أطعناهم ، ونحن إلى طاعتهم أحوج أضلونا وأضاعونا وإن عصيناهم قتلونا ومن ديارنا أخرجونا ..

إن كل ما سلف يعظّم دور المتعاونين على البر والتقوى من علماء الأمة الحقيقيين ، وقادة الرأي والفكر وأهل الديانة والكياسة والفهم والاستعداد للتضحية وكذا دورجنود الأمة الأوفياء البررة المخلصين ليكونوا في وعيهم وتجردهم وإخلاصهم وفي وعيهم وإدراكهم وفي جهادهم ومراسهم الأنفَ الحميّ والقلبَ الذكيّ والصارمَ المرهف . حتى يصدوا الهجمة ويحبطوا الكيد ويحفظوا البيضة ...

( وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر )

تعليق : حقيقة الرجل كل ما يجب عليه أن يحميه . وكذا حقيقة الأمة كل مايجب عليها أن تحميه . قال عبيد :

نحمي حقيقتنا وبعض القوم يسقط بين بينا .. 

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية