جنيف السوري في انتظار طهران
الحياة:26/7/2015
يُفـــتـــرض بالمبعوث الدولي إلى سورية أن يقدّم تقريره، أورؤيته للحل، خلال أسبوع. الموعد كان قد تأجل على ما قيلفي انتظار إنجاز الاتفاق النووي مع إيران، وذهبت غالبيةالتفسيرات إلى اعتبار الربط بين الملفّين خسارة للسوريين،بخاصة مع الاشتباه بأن تقدّم الإدارة الأميركية تنازلاتللمشروع الإقليمي الإيراني تعويضاً عن التنازل الإيرانيفي الملف النووي.
أصحاب هذه التفسيرات ينسون أن الإدارة لم تمانع حضورإيران جلسات جنيف 2، وإن لم تمانع في الوقت نفسهإقصاءها عنها، غالب الظن لإدراكها سلفاً ما ستؤول إليهمن فشل.
قبل سنة ونصف السنة، كان لإقصاء إيران عن جلساتجنيف بعض الوجاهة، فالوفد الإيراني لو حضر سيستغلّالمفاوضات لبعث رسائل إلى الغرب، وأولاً لاستخدامه ورقةفي مفاوضاته النووية. كانت الجلسات ستؤول إلى الفشلالذي آلت إليه، وقد تحصد إيران منبراً إعلامياً للحديث عنمؤامرة «الشيطان الأكبر»، وتسهّل مهمة حليفها السوريالذي ظهر تائهاً آنذاك. هذا يختلف كلياً عن المقولة التيبررت إقصاء إيران، وتنصّ على أنها جزء من المشكلة ومن غيرالمقبول أن تكون جزءاً من الحل، المقولة التي لا تزال تتواترفي أدبيات المعارضة مصحوبة بوصف واقع البلاد بالوقوعتحت الاحتلال الإيراني.
ليس رداً على إقصائها عن مفاوضات جنيف، ولكن صادفأن الفترة اللاحقة شهدت تأكيدات إيرانية مدى السيطرة علىقرار النظام السوري، تأكيدات لم تتحرج القول أنها وصايةتامة، ما يلتقي مع اتهامات المعارضة. على الصعيد نفسه،يتّفق الطرفان، تحت ضغط اللياقة الديبلوماسية، علىالمطالبة بحلّ سياسي، بينما عينُ كل طرف على الحسمالعسكري، على أمل أن تسمح به الظروف الدولية. وكما هومعلوم، أكدت الإدارة الأميركية، حتى أسمعت من به صمم،ألاّ حل سوى الحل السياسي. ذلك لا يحجب فرضيةاستفادتها من الملف السوري ورقة ضغط على طاولة النووي.
الآن، لو قيّض لجنيف 3 الانعقاد، سيرى المتشائمون فيحضور إيران تراجعاً دولياً لصالح النظام، وهو قد يكونكذلك مع ملاحظة أن التراجع الدولي لا يحتاج مؤتمراً، بلتبرز ملامحه أولاً في التطورات الميدانية. التشاؤم يعنيالإقرار بأن سورية لم تكن سوى ورقة صغيرة من أوراقالتفاوض النووي، وعندما انتفت الحاجة إليها ألقتها الإدارةالأميركية بلا اكتراث، وهو استكمال لفرضية تسليم الإدارةبالمشروع التوسّعي الإيراني، كأنها كانت تعرقله من قبل.
التناقض الذي تقع فيه الأطراف المعلنة تأييدها الحلالسياسي، هو قناعتها التامة بارتهان قرار النظام لصالحالوصاية الإيرانية، ومع هذا تقبل التفاوض مع النظام«الوكيل»، ولا تقبله مع الإيراني «الأصيل». ثمة مشروعيةيتحصل عليها النظام من هذا التناقض، على عكس ما قديحدث لو أعلنت المعارضة وسواها مناطقَ سيطرة النظاممناطق تحت الاحتلال الإيراني، وأن التفاوض الحقيقي لايتم إلا مع الجهة التي تمتلك القرار. مفاوضة إيران عبر وفدالنظام وهمٌ يُدفع ثمنه بمنحه مشروعية تمثيلية، ويُدفع ثمنهبإتاحة الفرصة لإيران كي تتملّص من أدنى مسؤوليةسياسية مباشرة.
الحل السياسي الذي تصرّ عليه الإدارة الأميركية وهمٌ آخرفي غياب إيران، فالأولى تعلم تماماً عدم كفاية التنسيق معروسيا التي لا تملك حصة راجحة في قرار النظام. الفرضيةالتي روجتها الإدارة عن قيام النظام نفسه بالتفاوض علىتنحي الزمرة العليا منه ومشاركة آخرين، تبقى في حيزالمناورة اللفظية ما لم يأخذها الطرف الإيراني على عاتقه،وإذا لم تكن مناورة فهي رسالة لإيران لا للنظام.
ثم إن الفرضية السابقة تقوم على قناعة مشتركة بين الإدارةوروسيا وإيران، مفادها عدم السماح بانهيار النظام، وإذتصر روسيا وإيران في درجة أكبر على ارتباط النظامبالأسد واستحالة الفصل بينهما، ترى الإدارةُ إيرانَ قادرةًعلى ذلك.
انتظرت الإدارة الأميركية طويلاً جداً حتى جرّت الإيرانيينإلى الاتفاق النووي، وهي غير مستعجلة كي يدركوا ضرورةالانخراط في تسويات إقليمية ليسوا جاهزين لها حالياً،بسبب اعتباراتهم الداخلية. خلف ادعاءات الهيمنةالإمبراطورية، يعلم الجميع أن الطريق بين طهران وضاحيةبيروت الجنوبية لن يعود إلى سابق عهده المزدهر. سوريةبوصفها معبر إمداد لحزب الله لم تعد موجودة، وعلىالإيرانيين فهم أن مشاركة الحزب في الحرب على السوريينهي آخر «مقاولة» عسكرية يُسمح لهم بها، ومع طول أمدالحرب ستكون آخر مقاولة تسمح بها مواردهم العسكريةوالبشرية.
سيمضي وقت يُترك للقيادة الإيرانية كي تمتصّ انتصارهاالنووي المزعوم، قد يكون نفسه قرابة الثلاثة أشهر التييتطلّبها تصديق الاتفاق في الكونغرس ومجلس الشورى. منالمستبعد حدوث تطوّر مهم في الملف السوري خلال تلكالفترة، أما ما يليها فمتوقّف على مدى استيعاب الحرسالثوري وضعية إيران الجديدة، ومدى استعداده للتأقلم معسياسات التسويات التي بدأت مع «الشيطان الأكبر».
غالب الظن ألا يُسمح دولياً للحرس الثوري بالتوسّع ترضيةًلموافقته على الاتفاق النووي، حتى إذا سُمح له باستخدامالأرصدة المجمّدة لدعم ميليشياته الإقليمية، فلن يعدو كونهاستنزافاً يُضاف إلى ما قبله.
سيُعقَد جنيف 3 عندما تكون إيران مستعدّة للمساهمةالفاعلة فيه. بخلاف ذلك لا معنى لانعقاده، ولا معنى أيضاًلتكرار تأكيد الحل السياسي. في الطريق إلى جنيفالسوري، هناك محطات سابقة ستكشف ملامح السياسةالإيرانية، هناك جنيف اليمني واستحقاق انتخاب رئيسلبناني. لكن للمحطة الأخيرة السورية حساسية لا يمكنتجاوزها، ففيها تتركز المؤثرات الإقليمية والدولية التي تمنعالهيمنة الإيرانية من العودة كسابق عهدها. ولئن كانتمحاربة «داعش» أولوية قد تقرّب بين الإدارة الأميركيةوالقيادة الإيرانية، فللساحات السورية الأخرى المحاذيةلتركيا أو إسرائيل حسابات مختلفة تماماً.
للتذكير، الصفقات الوحيدة التي تكلّلت بالنجاح بين فصائلمعارضة والنظام، هي التي أُبرمت بمشاركة إيرانية ضامنةللاتفاق، وفي مفاوضات محلية عدة طالبت فصائل المعارضةبحضور إيراني إدراكاً منها أنه الوحيد الذي يضمنجدّيتها، ولا أحد من متابعي الشأن السوري خوّن أولئكالمقاتلين. في الواقع، لا يسجل السوريون سابقةً إذا فاوضواالمحتلّ وقاتلوه في آن.
*************************
جنيف السوري بانتظار طهران -الحياة(تعليق بشير-
خلال الساعات القادمة سيتقدم المبعوث الدولي ستيفان ديمستورا بتقريره الى مجلس الأمن الدولي .
ديمستورا قابل وفد الإئتلاف في جنيف قبل ذهابه لطهران وبعد مقابلة الأسد وأفاد بالتالي :
- الأسد في لقائه الأخير مع ديمستورا يرى بأنه سينتصر عسكرياً وسوف يعيد الأمور إلى نصابها ؟.
طبعاً تعليق ديمستورا بأن الرجل مازال يحلم .
- اهم شئ في اللقاء قول الاسد لديمستورا بان الحل السياسي يأتي بعد الحسم العسكري ؟.
تعليقات ديمستورا بأن الأسد شخصية مهزوزة . وذهب لطهران لأنه يعلم بأن القرار هناك ؟.
وجنيف٣ لايمكن ان تكون قبل ان يكون هناك اتفاق روسي أمريكي عليها . نفس كلام بغدانوف
في انقرة لوفد الإئتلاف ( بأننا يجب ان نحضر لجنيف٣ لكن علينا ألا نذهب اليها قبل إتفاق
جميع الفرقاء المعنيون بالقضية بشكل كامل .
أخوكم بشير
وسوم: العدد 626