إيران تعقد مؤتمرا هزيلا ردا على منتدى مركز أمية العلمي حول واقع حقوق الأقليات في المجتمع الايراني
المنتدى العلمي لمركز أمية الذي عقد في استنبول يومي 17 ــ 18 أكتوبر 2015 شارك فيه 60 باحثا ناقش المشاركون من زوايا مختلفة واقع حقوق الأقليات القومية في المجتمع الايراني ، وطبيعة سياسة التمييز التي تمارسها حكومة الجمهورية الإسلامية وكذلك الانتهاكات التي يتعرض لها أبناء الشعوب غير الفارسية ، وقد اتسمت الأوراق المقدمة بالرصانة العلمية ، وتحدثت بلغة رقمية توثيقية عن التغييب القسري وعن أساليب التعذيب الوحشية في السجون وعن المحاكمات المرتجلة الفاقدة لأبسط القواعد القانونية ، وقدم أبناء القوميات شهادات حية عن حقيقة الأوضاع المأساوية في ظل دكتاتورية ولاية الفقيه
وطبقا لأهمية بحوث وحوارات المنتدى وعدد المشاركين وماصدر عنه من توصيات مهمة تناقلتها مضامينها الوسائل الإتصالية بكافة قنواتها وركزت على البيان الصادر باللغتين العربية والانكليزية ؛ الذي قدم صورة واقعية لحقوق القوميات المغيبة ، وقد أسقط بالبينة والبرهان الكثير من دعاوى ولاية الفقيه ومزاعمها بشأن الحرية والعدالة والهوية الثقافية ، واوصى البيان أن أهمية تبني الشعوب والمنظمات والحكومات في البلدان العربية والإسلامية، وفي الدول الغربية مسؤولية مواجهة الانتهكات التي تعاني منها هذه الأقليات، ومؤازرة نضالها لنيل حقوقها الطبيعية، والدعوة إلى تشكيل مجلس إستشاري (برلمان ممثل لهذه الأقليات) ليكون صوتاً معترفاً به لدى المنظمات والجهات العالمية، وأن يتبع هذا المجلس مركز معلومات توثيقي.
يبدو أن الجمهورية الإسلامية كانت تراقب باهتمام شديد مقررات المنتدى وتتابع ما نشر من الوقائع والشهادات، التي وجدت طريقها إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وماتداوله وعلق عليه المتصفحون على الشبكة العالمية ؛ لم تخف طهران غضبها من مؤتمر مركز أمية في استنبول ، لذلك بادرت عقب مرور ثلاثة أسابيع فقط لترد على المنتدى بمؤتمر هزيل ومحدود ، حاولت من خلاله أن تبعث رسالة مفادها ((إنّ حقوق الإقليات شأنٌ داخلي ايراني وليس ورقة سياسة للضغط على ايران.))
ويبدو أن مشكلة (الأقليات القومية) أثيرت داخل أروقة مجلس الشورى وجرت نقاشات حولها ، فأوعز البرلمان إلى ممثلي الأقليات الدينية أن يعهد إلى رجل الدين الحكومي المعروف (كارن خانلري) ممثل الأرمن بعقد مؤتمر صحفي في كنيسة القديس سركيس في طهران. عصر يوم 11 نوفمبر 2015 تحت عنوان “حقوق الأقليات الدينية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية” بحضور عدد من نواب الأقليات الدينية في مجلس الشورى الإسلامي من الأرمن و اليهود والزرادشت والآشور ، للرد على مايتداوله الإعلام العربي والغربي بشأن حقوق الاقليات في إيران ، ويلاحظ أن البرلمان أهمل القضية الرئيسية وهي القوميات ؛ فلم يدع إلى هذا المؤتمر أيا من ممثلي العرب والبلوش والاكراد والتركمان وغيرهم ـ
1 ــــ تحدث (كارن خانلري) ممثل الأرمن وعضو مجلس الشورى قائلا ؛ إن الكثير من وسائل الإعلام والدول الأجنبية تسعى لتشويه واقع الأقليات الدينية في ايران مدعيةً الدفاع عن حقوقنا المضطهدة ولهذا رأينا أنه من الضروري أن نعقد مؤتمراً صحفياً لرجال الدين ونواب الأقليات الدينية.
وأشار خانلري إن مسألة الأقليات الدينية في ايران موضوع مثير للجدل للكثير من وسائل الاعلام والدول الأجنبية التي لا تهتم في حقيقة الأمر بعقائدنا أو بطقوسنا، ولا يهمها إلا أن تلعب بورقة الأقليات في إيران سياسيا فهي تستغل اسم الأقليات كحجة واهية لممارسة الضغط على إيران، لهذا يجب على الجميع أن يعلموا أن الأقليات تتمتع بحقوقها الدينية والاجتماعية وغيرها في ايران ولديها قنواتها الرسمية التي تناقش فيها قضاياها.
2 ــــ أما (اسفنديار اختياري) عضو مجلس الشورى وممثل الزرادشت فذكر : بأن الثقافة الإيرانية تقوم على احترام الاختلافات الدينية والعرقية فنحن هنا نعيش إلى جانب بعضنا البعض منذ آلاف السنين، ونحل مشاكلنا بأنفسنا لا نحتاج إلى منظمات أجنبية تدافع عنا، الشعب الإيراني الذي دافع عن أرضه في جبهات الحرب لن يسمح لبعض الجهات الاجنبية باستغلال تنوعنا وتحويلنا إلى جبهات داخلية.
3 ـــــ وأشار ممثل الطائفة اليهودية في مجلس الشورى (سيامك مرهصدق) إلى إنّ تواجدنا هنا إلى جانب بعضنا البعض ما هو إلا انعكاس لتلاحم جذورنا منذ آلف سنة، ما نتمتع به نحن من حرية لا يتمتع بها الكثير ممن يدعي الحريات في كل العالم. فالقانون الإيراني يضمن للجميع حقوقه وما يواجهنا من مشكلات نحله عن طريق القانون.
4 ـــــ وقال عضو مجلس الشورى عن الآشوريين في ايران (يوناتن بت كليا) ، المسيحية في ايران تعيش منذ 2000 سنة على هذه الأرض وتجاور المسلمين من 1400 سنة. والكنائس الآشورية في كل إيران منتشرة والقانون يساوي بين الدم المسلم والمسيحي ومايروج له في الخارج لا اساس له.
5 ـــــ علق الأسقف الأرمني ( سبوه سركيسيان على هجرة الأقليات من الشرق قائلاً إننا نعتبر الهجرة اليوم هي ظاهرة عامة لا تتوقف على ايران وحسب، فالمنطقة بأكملها تشهد هجرات مختلفة، فاذا درسنا أسباب الهجرة خلال الخمسين سنة الماضية لا نجد سبباً مقنعاً.
6 ـــــ أشار أسقف الكنائس الشرقية الآشوروية مارنرساي بنيامين “إننا نوّكل لنوابنا في المجلس المشاكل التي تواجهننا، وإن أهم ما نحتاج إليه بالفعل هو الاحترام، وهو أمرٌ متجذر في الثقافة الإيرانية منذ الحضارات القديمة حتى اليوم، الإيرانيون وخاصةً الأقليات في كل مكان من هذا العالم ينبض قلبهم بحب ايران.”
ملاحظة : المؤتمر كان هزيلا بكل المعايير وكان أقرب مايكون إلى العرض المسرحي ، متجاوزا حقيقة الأوضاع التي تعيشها الأقليات القومية والدينية ، والانتهاكات التي تتعرض لها في ظل سياسة التمييز المذهبي والعرقي ـ
د.سيف الدين هاشم
مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية
وسوم: 642