وأين نحن؟؟؟... وهل يمكن فعل شيء عملي ؟؟...

عقاب يحيى

عبر واقع ينتشر فيه الإحباط

ومن خلال انسداد الأفق على حل سياسي حقيقي

وعلى قاعدة رفض القوى الدولية لأي حسم عسكري لصالح المعارضة، أو لإنهاء نظام الفئوية والإجرام..تكثر المبادرات، والأفكار، والمشاريع، واللقاءات السرية والمعلنة..

وهناك من يدعو لما يسمى ب"الحل الوطني" الذي تتعدد فيه، وفي مضامينه، وحيثياته كثير الاجتهادات، والغمغمات، خاصة ما يتعلق منه بجوهر الأزمة : مصير النظام والقتلة ..بحيث يبدو الإرباك أقرب للعبثية، وكأن الهدف ملء فراغ في صحراء قاحلة .

ـ الأخضر الإبراهيمي في لقاء مع صحيفة الحياة، وقد بات صريحاً أكثر من السابق، لتحرره من مهمته واعتباراته الدبلوماسية، يورد عدداً من المسائل المهمة عن الذي عاشه، وعرفه واستنتجه، ومن أهم تلك النقاط قناعته التامة بأن بشار الأسد رفض ويرفض اي تنازل، أو حلول سياسية، وانه متمسك، حتى الأخير بدوره، وموقعه، ونظرته

ـ هذه الحقيقة نعلمها جيداً، وأكدتها جميع الوقائع منذ البدايات، وصرّح العديد ممن حاولوا، في بدايات الثورة، التقدّم بمشاريع إصلاحية ـ خفيفة ـ بهدف التوصل لحلول وسط، وتجنيب البلاد الدم والدمار، بأن هذا النظام لا يريد شركاء، بل أجراء..

ـ هذه الحقيقة ترسّخت أكثر حتى الفجور مع حالة الانتعاش التي تموضعت بقوة بعد أن نجا نظام الإجرام من السقوط شبه المحتّم عام 2012.. بفعل، وفضل التدخل الإيراني المباشر، ودخول قوات حزب الله واشقائه من المليشيات الطائفية المعركة، وبسبب الإنجاد العسكري والمالي والسياسي الهائل من إيران، وروسيا ـ سياسياً ـ وبما يوضح بجلاء موقفه من جنيف الذي حضره لتلغيمه، ونحره بطريقته الخبيثة، المباشرة . المعروفة، والمتوقعة .

****

نظام الطغمة الفئوية يعلم جيداً حقيقة وحدود الموقف الدولي، خاصة الأمريكي، وأنه لم يحاول مرة إسقاطه، ولم يكن جدّياًُ ابداً في الضغط عليه لفرض حلول سياسية ـ معقولة ـ تسووية ـ وأن الضغط الوحيد الذي مورس، وهو باتفاق ملغّم مع روسيا كان لأجل وضع اليد على السلاح الكيماوي، وبما يشير بقوة إلى احتمال أن تكون تلك الصفقة ـ الاتفاقية ـ شاملة، وتتجاوز الكيماوي إلى ما هو أكثر، بما فيه النووي الإيراني، ودور وحصة غيران، وروسياً ايضاً.. وفي الجوهر من ذلك : الإبقاء على النظام وفق مروحة من الأشكال التي تخضع لعمليات من التفاوض السري بين المعنيين من الأطراف المشاركة.

ـ الأمر لا يتعلق فقط بطبيعة إدارة أوباما ونهجها، ونظرتها للمسألة السورية، وبالوضع الأمريكي الداخلي، ونتائج غزو العراق وأفغانستان.. وجملة المبررات التي يسوّقها الأمريكيون.. وإنما بوجود مشاريع استراتيجية تقع إسرائيل وأمنها، ودورها في الصلب من ذلك، وتحضر إيران ـ لأسباب كثيرة ـ فيها.. وبما يشير إلى وجود خريطة جديدة لمنطقتنا تتضح معالم تخومها، وحدودها التي يراد فرضها بكثير من الوقائع .

****

ـ امام هذه المعطيات الواقعية.. أي رهان حقيقي يمكن أن يكون جدّياً، ووطنياً للوضع السوري؟؟.. وكيف يمكن التوصل لحل سياسي : وطني أو غير وطني بظل ميزان القوى الراهن، وقد جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة لتصبّ الزيت المشتعل على أية آمال فيه، وهي تعبّر بصراحة كافية عن توجهاته، وأن القرار يعني بقاء الأسد ونظامه.. خوفاً "من الفراغ" الذي "ستملآه" قوى التطرف؟؟؟؟؟..وأن هذه الإدارة لو وُضعت بين خيارين لاختارت بالقطع النظام على ما تعتبره الإرهاب ..

**

سيسأل كثير : وما العمل ونحن في هذا المأزق؟؟

وسيطرح كثير تلك الأسئلة التي يرددونها منذ أزيد من عام : وهل نترك البلد للدمار والتمزيق والحرب الأهلية ؟؟، والإرهاب.. والفلتان...إلخ ؟؟؟...

وأن علينا أن نحاول.. والبعض يحاول .. من خلفية وطنية، كما هو مقتنع، ومؤمن..

وأن لا بديل آخر سوى المحاولة.. عساه المجتمع الدولي يقتنع فيفرض ما يجري الاتفاق عليه من حلول مرنة، واقعية، على قاعدة"لامنتصر"، او"لا غالب ولا مغلوب"....

ـ ولزيادة الإحراج يطرح هؤلاء على الآخرين خياراتهم بالمعنى التشكيكي، العبثي، وانه لا سبيل آخر.. ويوجهزن أكوام الانتقاد للعمل المسلح مبرزين كل ما فيه من سلبيات، وعلى واقع الثورة، والإئتلاف، وقبله المجلس الوطني، والمعارضات كلها : قديمها وجديدها .. والنتيجة : لا سبيل سوى البحث عن حل سياسي..

***

أمام هذا الانسداد الذي يبدو عصّياً.. أرى أن الحلول السياسية المطوحة اليوم هي نوع من الاستسلام الكامل للطغمة، هذا على فرض امتلاكها نسبة ما من واقعية التجسيد لذلك أرفضها، ولذلك أدعو إلى مؤتمر وطني جامع لكافة قوى وفعاليات الثورة والمجتمع المدني ، ولذلك أيضاً يجب الإلحاح على إصلاح الإئتلاف كحاجة ضرورية لتوفير شروط معقولة لانعقاد ذلك المؤتمر، ولمحاولة الإمساك بالقرار الوطني، وبناء معادلة صحيحة للثورة توازن بين العمل المسلح والسياسي، وتخشد محتلف القدرات المتوفرة، والتي يمكن إيجادها في خط الثورة وتحقيق هدفها الرئيس : إسقاط النظام وإقامة النظام الديمقراطي البديل، واقلها : التوصل لحل سياسي لا يكون فيه رأس النظام وكبار رموز القتل جزءاً منه، وبما يرسي عملية الانتقال على أسس فعلية، وفي زمن منظور.