السارق والمسروق !!
سرقت ثقافتنا حين سقطت بغداد وسرقت أيضاً حين دخل الخيل الأزهر أيام الغزو الفرنسي لمصر والشام سرقها من أتى بهم الغازي على ظهر سفينته التي حملت عليها مئات من الداعرات لنشر (ثقافة) الغازي وقد اعتبرها الدكتور لويس عوض نواه لحركة تحرير العقل وخاصة عقل المرأة ، كما اعتبر المعلم يعقوب بطلاً قومياً وهو الذي ساعد الغازي فأنعم عليه بالترقيه وقربه.
سرقت ثقافتنا حين سقطت بغداد وسرقت حين دخل خيل المجرم نابليون صحن الأزهر!!
سرقوا أعظم المجامع العلمية في بغداد ونقلوا إلى بلادهم كل ما فيه من تاريخ سطرناه بقلوبنا.
اللص فاسكوا داجاما (أوباما) يملأ سفنه بالذهب! واللص البرتغالي واللص الإنجليزي واللص الأمريكي واللص الروسي. كلهم لصوص وقراصنة، لقد سرقت أموالنا وسرقت ثقافتنا.
ورحم الله الفيلسوف الفرنسي الأشهر روجيه جارودي الذي أطلق عليهم حفاروا القبور!!
سرقوا الموتى وآثارهم
وسرقوا الأحياء أيضاً ...
إنهم فعلاً حفاروا القبور ... لم يتركوا (جارودي) وما يريد حتى بعد أن مات أحرقوا جثته ولم يدفنوها وهو الرجل المسلم الذى هز سلامة أوربا كما هزها إسلام ليوبولد فايس (محمد أسد) من قبل! وهزها أيضاً الدكتور هوفمان سفير ألمانيا في المغرب (مراد هوفمان) سابقاً! الذي قال عن (حضارته السابقة) إنها مجتمع الكحول! (أنظر كتابه يوميات ألماني مسلم ـ مركز الأهرام بمصر).
سرقوا خصائصنا الحضارية ونسبوها إليهم وساعدناهم مساعدة الغافلين ونسينا أنها خصائصنا وأنها من صميم ديننا .. سرقوا منهج الإتقان في العمل وهو أخطر ما سرقوه وبنوا عليه فسادوا الدنيا وقلبوا موازين العالم !! تكنولوجيا عالية، وغزو للفضاء! وملكهم الغرور فكانت الأسلحة التدميرية والقنابل والرؤوس النووية والصواريخ عابرة القارات لقد ملكهم الغرور! أنه منهج الإتقان الذي معناه قول: رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً فليتقنه" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الإتقان! مفتاح النجاح ويضبطه الإيمان وإلا تكون الكارثة!
إن القضية هى الإيمان والعمل وقد لخصتها سورة العصر:
(ِإلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) قرآن كريم.
إنهم سرقوا خصائصنا!
لقد اتقنوا العمل ولكنه العمل بلا ضابط الإيمان فكانت أعمالهم وبالاً عليهم وعلى العالم أجمع عمل بلا إيمان!
صواريخ تدفع مراكب الفضاء إلى الكون الفسيح لتعرف أسراره وأخرى تعبر القارات لتدمير البشر واستلاب أموالهم وسرقة أراضيهم وأموالهم واغتصاب أعراضهم.
(حضارة) وحشية منحطة تدمر الإنسان! وكما يسميها الملحد (هربرت ماركوزه) حضارة البعد الواحد! وأشاهد الآن ما يفيد بسرقة مصحف من مسجد سيدنا عمر بن العاص بالقاهرة وذلك قبل مائة سنة تقريباً ونقله إلى بريطانيا العظمى!! ويقول الخبراء أن المصحف مكتوب بالخط الحجازي. من الذي سرق المصحف وكيف؟
مصاحفنا تسرق وآثارنا تسرق ومناهجنا تسرق!! ليس الآن فقط منذ دخلت الخيل الأزهر وجاءت إلى مصر داعرات فرنسا ليشكلوا أول نواة للـ (.....)! إنها غزوة للترويح والانفلات وكسر منظومات القيم، دعوة لإعلاء الباطل وتزين الانحطاط والسفول.
لقد استطاع إعلام (روبرت مردوخ 92 سنة) الاسترالي المولد البريطاني الجنسية ومؤسس الإعلام الصهيوني والمتصهين أن يدرخ العالم المسلم وأن يفتن أهله بشكل قبيح ومنحط وقذر.
الصهيوني (روبرت مردوخ) على قيد الحياة!!
سرقوا الإتقان وصدروا لنا التفاهة والإنحلال، سرقوا الإتقان وصدروا لنا الدعارة والشذوذ.
ومن قال أن الدعارة والعري هي من مقدمات النهضة؟! قاله ماركس وهربرت ماركوزه وكل ملاحدة العالم الذين فتنوا الناس وألهوهم بالفاسد من كل أمر من أمورهم وأبعدوهم عن كل ما يدفعهم إلى التقدم بتقديم جرعات متتالية من الشهوات بمختلف أنواعها والتي أدت إلى كسر الهمة وفساد الذمة وسقوط المجتمعات الإسلامية وانهيار بعضها تماماً وتحولها إلى مجتمعات شهوة وشهية ولا غير.
أخذوا منهجنا (منهج الاتقان) في العمل بعد أن أهملناه وحاربناه وأنشغلنا بما لا قيمة له من (أعمال) معظمها تافه (الباليه مثلاً!) ما قيمة هذا النشاط؟ وما هو الذي يغرينا به إلا التقليد الأعمى والانبهار الذي يؤدي إلى العمى.
ننشغل كثيراً بما لا قيمة لها!.
صدروا لنا التافه وشغلونا به وأقاموا له المعاهد والجامعات وأرسلوا الإرساليات! كارثة ثقافية لا حدود لها.
أصبحنا نكرة مفاهيمنا المستمدة من ديننا وأغلبنا يصفها بالمفاهيم بالمتخلفة حتى اثقلت أدمغة الأطفال بكل تافهه وساقط من الأقوال والتصورات عن وسائل الإعلام التى لا عمل لها إلا محاربة المفاهيم المستمدة من الدين على أساس أن الدين من الموضوعات التي يعاد النظر فيها لقبوله من عدمه والواضح جداً أن الدين لا يحظى بما يجب أن يحظى بما يجب أن يحظى به من التقديس والتوقير!!
وأذكر أن وزيرة (الثقافة) التونسية خليدة مسعود وصفت الصلاة بأنه مضيعة للوقت وأن الحج وثنية كما وصفته معلمتها نوال السعداوي من قبل!!
حاله ينطبق عليها قول الأديب الكبير الدكتور حلمي القاعود:
- نار من البيت وأخرى من الضاحية!
حالة هجوم حاد على المفاهيم العقدية لإحلال (القيم البديلة) وهي (منظومة) شديدة الفساد تدعو إليها أفلام بعينها صنعها رجال الاستشراق وهو المصطلح الذي أطلق على (القراصنة / اللصوص) الذين أوهموا البعض منا أنهم طلاب علم وهم يحفرون للإنسانية قبرها كما قال الأستاذ الكبير (رجاء جارودي) في كتابه (حفاروا القبور) وأنقل للقارئ الكريم كلام (المستشرق) المجرم (أ . هـ جب) عن لغتنا وأدبنا قبل نصف قرن أو يزيد قال المجرم جب:
من كتاب تيسير اللغة العربية / طبع مجمع اللغة العربية 1944.
استمع لكلمة المجرم (كبار) كتابنا وعلى رأسهم الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي كما زعموا ولم يسكت المجرم أو يردعه واستمع له كل من العقاد وحسين هيكل وأحمد أمين وعلى كرد والغاياتي وعبد العزيز فهمي ولم يقف أمامه إلا الأستاذ عباس العقاد بكلمة انتهى فيها إلى رفض مقترح عبد العزيز فهمي وهي كلمة جادة عظيمة. رحم الله الأستاذ عباس محمود العقاد وتجاوز اللهم عن سيئاتنا وسيئاته إنك أنت الغفور الرحيم.
لقد أدى الانبهار بالتقنية الغربية إلى (عبادة) التقنية من دون الله وهي في مفهومنا العقيدي كفر بالواحد الأحد الذي لا شريك له أساس دين الله الذي أنزله وأسمه الإسلام دينه في الأرض وفي السماء لا دين سماوي غيره، دين كل الأنبياء من لدن آدم عليه السلام حتى سيدنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم. دين واحد وشريعتان كبريان هما شريعة التوراة والشريعة القرآنية وهي الخاتمة والمهيمنة وكانت شريعة سيدنا عيسى عليه السلام شريعة مكملة لشريعة التوراة كما بين الإمام محمد عبد الله دراز في كتابه العظيم مقارنة الأديان وهو مرجع هام لكل باحث في أمر الدين رحم الله مولانا محمد عبد الله دراز رحمة واسعة.
ومن أغرب القضايا التي أثقلت العقل المسلم قضية (الأديان الثلاثة) اليهودية والنصرانية والإسلام نقول أنه لا يوجد إلا دين واحد أنزله الله اسمه الإسلام نادى به جميع الأنبياء عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه.
وغيره من أديان هي من وضع الناس لذا أطلق عليها الأديان الوضعية ولا علاقة لها بالدين السماوي مطلقاً. وتخضع الشرائع السابقة لهيمنة الشريعة القرآنية الخاتمة لكل الشرائع.
لقد أفسد القراصنة حياتنا العقلية فلا يرى معظمها إلا من خلال نظارتهم ولا يسمع أكثرنا إلا لترهاتهم !!! انتقلنا من حالة (الانبهار) إلى حالة (الذوبان) فدخلنا جحر الضب كما جاء في الحديث الشريف ولقد وصف العلماء جحر الضب أنه من أقذر الجحور وأقبحها وها نحن في أقذر الجحور وأقبحها. جحور المثلية الجنسية، جحور زنا المحارم ، جحور الدعارة ... إلخ من كل انواع الحرام الذي يعرضه علينا الإعلام ليل نهار.
سرقة ونهب وفجور قام به القراصنة تحت يافطة عريضة اسمها (الكشوف الجغرافية) سرقوا المناهج العلمية وسرقوا مؤلفات العلماء من مختلف العلوم ونهبوا أجمل آثارنا إنهم حطموا أحلامنا لأننا في غفلة دائمة ساعدونا على استمرارها بتزودينا بأدوات الرفاهية والترف والمجون والخلاعة فأصبح المجتمع المسلم لا قوام له لقد انفرط العقد وتناثرت حباته! لقد أنفرط عقد القيم.
فلا أدب إلا أدب الغرب ، ولا أديب إلا (كافكا) و (كامي) ولا فيلسوف إلا (سارتر) و (نيتشه) ولا عالم إلا (إديسون) ولا مكتشف إلا (إنشتين)!! لقد أزاح (القراصنة/رجال الاستشراق) كل علماء الإسلام من الطريق وأفسحوا الطريق لملاحدتهم وملاحدتنا أيضاً أفسحوا الطريق (للسهروردي) و (ابن عربي) و (الحلاج) و (للقرامطة) و (الزنج) و (أبو نواس) وغيرهم وردموا على (ابن سينا) و (الحسن بن الهيثم) و (الفارابي) و (جابر بن حيان) وأصبح الصحيح هو ما تقدمه الأديرة والكنائس والإرساليات التبشيرية أما ما يقدمه المسجد فينظر إليه على استحياء ويرمي بأبشع التهم! حالة من الترهل الفكري والانحطاط العقلى لا مثيل لها وأنت عزيزي القارئ تسمع وتشاهد وتقرأ (آذان الظهر الآن) نعم الله أكبر.
إنها السرقات الكبرى التي قام بها القراصنة/ اللصوص كما قال (روجيه جارودي)، سرقوا ونهبوا وذبحوا الشعوب ونقلوا بعضهم إلى بلادهم لتعميرها (أمريكا وأستراليا) والاستعمار الاستيطاني هو أوضح النماذج أزاحوا الشعوب من أماكنها وأوطانها وأحتلوا الأرض. إنها رحلة الكشوف الجغرافية الملعونة التي قام بها القراصنة اللصوص ودرسناها في كتبنا وعلمناها لأجيال كثيرة فغابت عن الوعي بعد الغفلة!
غابت العقول أو غيبت بفعل فاعل، النتيجة إنحطاط عقلي عظيم ومستمر بنجاح ساحق. المغيبون من أهلنا أطلقوا على الغزو الفرنسي أنه أيقظ الأمة!! وأنه بداية النهضة!! المغيبون من أهلنا في جميع البلاد العربية والإسلامية تعاملوا مع الغزاة / القراصنة على أنهم أهل علم وبحث ودراسة كما قال (عبد العزيز فهمي) في كلمته أمام مؤتمر مجمع اللغة العربية بمصر عام 1944 بخصوص (تيسير الكتابة العربية)!!
الغزاة / القراصنة أهل علم وبحث ودراسة !!
فماذا يقول العامة من الناس إذن؟
إنبهار وترهل فكري أدى إلى سقوط منظومات القيم في قلوب وعقول الناس فكان ما كان.
وعندما يقف (عبد العزيز فهمي) أمام كبار الكتاب وفي مؤتمر مجمع اللغة العربية ليهاجم اللغة العربية ويمجد اللصوص / القراصنة وينتقص المجرم أ.هـ. جب من قدر ادبها في حضور (عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين) فماذا نقول إذن؟! والسؤال لماذا لم يرد طه حسين عليه؟!
لماذا لم يرد كبار الكتاب؟!
اللص المحترف (أ.هـ. جب) يسب أدبنا ولغتنا في حضور (عميد الأدب العربي!!) وأرجو الرجوع إلى ما قاله المجرم (جب) سابقاً.
نحن أصحاب الحضارة المسروقة.
لقد تعودنا أن نُسرق!
لقد أبتلينا بالغفلة!
لقد سب (ميخائيل نعيمه) أدبنا العربي من قبل وأتخذ من أعلامه مادة للسخرية ويمكن للقارئ أن يعود لكتاب (المرآة المحدبة) للعلامة الدكتور عبد العزيز حموده ليرى كيف تجرأ (نعيمه) على أعلام الأدب العربي وماذا قال عن أعظم شعراء الأمة الذي ينتمي إلى حضارتها. اللصوص / القراصنة الذين غادروا الأرض بعد أن نهبوا من خيراتها الكثير وتركوا من بعدهم من أستطاع أن يواصل عمليات النهب المستمر لكل الثروات تحت مسميات جذابة تبهر العقول المترهلة من نوعية منظمة (الأونرا) و (اليونسكو) و (سفير النوايا الحسنة)!!
المغيبون من أهلنا في كل البلاد العربية والإسلامية، أما آن وقت الإفاقة؟
يتبع.
وسوم: العدد 652