إرهابيّون لا مخطئون فقط!
بسم الله الرحمن الرحيم
أكتب هذه المقالة المختصرة تعليقًا على موقف حركة الجهاد الإسلاميّ الفلسطينيّة، وموقف الشيخ راشد الغنّوشي والدكتور فهمي هويدي من وضع (حزب الله!) على قائمة الإرهاب، وكلامي ليس لهؤلاء فقط، بل لكلّ من يُدافعُ عن الحزب، أو يتّخذ موقفًا مواربًا من جرائمِهِ وإرهابِه.
وقد لاحظتُ أنّ المدافعين جميعًا يعتمدون على ماضي الحزب، ومسرحيّات محاربة إسرائيل التي قام بها، وكان أكبرها حرب 2006، التي أدّت إلى تدمير جزءٍ كبيرٍ من لبنان، وانتصرت فيها إسرائيل، وانتصر (حزب الله!) باستيلائه على عقول كثيرٍ من أبناء الأمّة، حتّى من العقلاء المخلصين، لكن حبل الكذب قصير، فرجع هؤلاء إلى الحقّ الصراح.
ولا بأس أن نقول تجاوزًا إنّ تلك الحرب كانت حربًا حقيقيّة وليست مسرحيّة، ولكن كم دمّر فيها الحزب من مدن إسرائيل؟ وكم قتل من جيشها؟ ومع ذلك. فإنّه من مبادئ الإسلام وشرعِهِ ، ولا من منطق العدل أنّ من فَعَلَ فِعلاً (ظاهرُهُ جــهادٌ) يُصبحُ من حقّه أن يفعل أيّ جريمةٍ مهما كانت مع الاحتفاظ بوسام الجهاد إلى الأبد؟
1- إنّ حزب الله يُعلنُ على لسان رئيسِهِ حسن، وفي الفضائيّات أنّه من مدرسةِ ولايةِ الفقيهِ، ويفخرُ بهذا! وهذا يدلّ على أنّه ينطلقُ في أعمالِهِ وتصرّفاتِهِ من منطلقٍ طائفيّ بلا جدال، ويُحقّق أطماع الوليّ الفقيه الشعوبيّة.
2- إنّ دخول جيش الحزب إلى سوريّة يقتل رجالها ويذبح أطفالها ويغتصبُ نساءها ويهدمُ عمرانها ويرفع رايات (يا حسين) ويهتفُ جندُهُ: (يا لثارات الحُسين) ويُساندُ حاكمًا سرق أبوه سوريّة ثمّ ورّثَهُ إيّاها، وكان كلٌّ من الأب والابن ظالمًا مستبدًّا طائفيًّا جعل الجيش السوريّ جيشَ طائفةٍ وأسند جميع الوظائف المهمّة ذات التأثيرِ إلى طائفتِهِ، وأذلّ الشعب وأفقره وملأ السجون وأرعب النّاس، ألا يكفي هذا كلّه لإبطالِ مسرحيّة المقاومة والممانعةِ السخيفة؟
3- ولم يقف أذى جيش الحزب في سوريّة ولبنان، بل أصبح أذى جيشِهِ عابرًا للدول والأقطار، فامتدّ إلى العراق واليمن والبحرين والكويت يعيثُ فيها فسادًا وتخريبًا، ويُدرّب الشباب ويُهرّب السلاح والمتفجّرات، ويُقتّل الناس، ويغتال الأحرار في لبنان وغيرها، ويُصادر الدولة وقراراتها، ثمّ يتمطّى من بين هذه الرذائل من يُدافعُ عنه!
4- أمّا بشّار فقد أثبتت إسرائيل على لسان قادتها وزعمائها عنه وعن أبيه وعائلتِهِ أنّ الجولان أكثر المناطق أمنًا وأن حافظًا وابنَهُ حافظان لأمن إسرائيل بأمانة.
5- إنّني أكادُ أجزم أنّه لا يُدافع عن (حزب الله!) إلاّ شيعيّ مُعلنٌ أو مُسرٌّ مخفٍ لتشيّعِهِ فتفضحُهُ مواقفُهُ وتصريحاتُهُ أو جاهلٌ لم يقرأ من كتب الشيعة شيئًا، ولا يعرفُ عن عقائدِهم وفقهِهم وتاريخِهم نقيرًا ولا قطميرًا.
6- ولعلّك تسأل: ما علاقة الفقه والعقائد بموضوعنا؟ والجوابُ هو أنّ في فقه الشيعةِ أنّنا نواصبُ كافرون، كما صرّح مُرشدُ الثورة منذ أيّام، وقال: إنّ جيوشهم تُقاتلُ الكفّار! في سوريّة، وعندهُم أنّ قتلنا بلا سببٍ قربةٌ وطاعة، وأهل فلسطين من جملة النواصب؛ فكيف يُدافع حزب الله الشيعيّ عن فلسطين وهذا حكمهم عليهم، وهذا ما يُقرّره فقههم.
وعند الروافض أنّه إذا نشبَ قتالٌ بين أهل الكتاب (نصارى أو يهود) وبين النواصب فلا تجوز مساعدةُ النواصبِ على أهل الكتاب !
7- ثمّ كيف يثق العاقلُ بقومٍ يقول دينُهم: إنّ الكذب أصلٌ وركنٌ ركينٌ، فقد نسبوا إلى الصادق أنّه قال: (تسعةُ أعشار الدين في التقيّة، لا دين لمن لا تقيّة له) ! فكيف يثقُ عاقلٌ بأقوالهم وأفعالهم؟
يا أيّها الإخوة في حركة الجهاد، ويا شيخ راشد، ويا كلّ من يُدافعُ عن (حزب الله!): إنّ الثوابتَ والقضايا الكبرى لا تُباعُ بمالٍ ولا سلاحٍ ولا بتأييدٍ كلاميٍّ وخطبٍ عنتريّةٍ، وإنّني أربأ بكم جميعًا أن تقعوا فريسة خداع الروافض!
8- ألم يُبطل حزب الله جهادَهُ الباطلَ أصلاً بما يفعلُهُ في سورية؟ ألم يقل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)؟ فهل يُقاتلُ (حزب الله!) لتكون كلمة الله هي العليا؟ أم للهيمنة الفارسيّة، ولتمكين إيران من السيطرة على بلادنا وإعادة أمجاد بهمن وكسرى؟ إنّ الدلائل كلّها تُشيرُ لكلّ ذي عينين أنّ قتالهم للسعي إلى السيطرة والتوسّع على حساب أمّتنا ليس إلا .
9- أرجو ألا تُصبح فلسطين مطيّة لكلّ من يُريدُ أن يخدع الأمّة، وقد فعل هذا كثيرٌ من حكّام العرب، فكمّموا الأفواه وملأوا السجون بحجّة فلسطين، والدفاع عنها، ثمّ لم يكن منهم إلا التآمر على فلسطين وأهلها.
10- إذا كانت فلسطين غالية، فهل سوريّة بدمشقها وغوطتها المذكورة في الحديث النبويّ الشريف رخيصة لا مانع أن يجتاحَها المجوسُ بحجّة حماية المراقدِ التي لم يمسّها أحدٌ من المسلمين بسوءٍ منذ مئاتِ السنين!!
11- حتّى متى يا حركة الجهاد ويا شيخ راشد تُدافعون عن قاتلينا؟ ألا يكفي ما يحدث في اليمن والعراق وسوريّة لكي تستيقظوا؟ أم أنّكم لن تستيقظوا حتّى يذبحوا أبناءكم ويغتصبوا نساءكم ويُدمّروا بلادكم؟
12- لقد كان تأسيس (حزب الله!) أصلاً للسيطرة الإيرانيّة على المنطقة، والدفاع عن الحكم النصيريّ العميل عندما يثور الشعبُ السوريّ عليه، وقد علموا أنّه لا بدّ أن يثور يومًا ما، ولم يكن لتحرير فلسطين أو الدفاع عنها. فقام بدورِهِ في زعزعة استقرار لبنان، بالتفجيرات والاغتيالات، وقام بدورِهِ في بعض دول الخليج فأزهق أرواح الآمنين الأبرياء، وفي شرعنا أنّ من أعان على قتل مسلمٍ ولو بشطر كلمة بُعث يوم القيامة مكتوبًا بين عينيه آيسٌ من رحمة الله.
13- وهل تُصدّقون أنّ إسرائيل والولايات المتّحدة عاجزتان عن تدمير (حزب الله!) وليكن معلومًا أنّ وسائل الإعلام العالميّة، ومنها الإسرائيليّة تلمّع حسن وحزبَهُ وتُخيّل إلينا أنّ الحزب قوّة عظمى يعجزون عنها ! بينما تقف دولنا بما عندها من سلاحٍ عاجزةً عن التصدّي لها.
14- وماذا فعل حافظ وابنه مع إسرائيل أكثر من الكلام والتصريحات الكاذبة؟ فهل سوريّة أضعف من حزب الله؟ وهي التي يصلُ السلاحُ إليه عن طريقها، لكنّها تعجز عن محاربة إسرائيل ويتصدّى لإسرائيل الحزبُ الصامدُ الذي لا تستطيعُ الدول مواجهتَهُ؟
15- إنّ المسلمين عدولٌ تتكافؤ دماؤهم، ومن يسترخصُ دمَ الشعب السوريّ فهو الرخيص ! كما أنّه ليس من هذه الأمّة، ولم يفهم دينَهُ؛ فالتفريقُ بين الدم السوريّ والدم الفلسطينيّ جاهليّة جهلاء.
16- إنّني لا أرى الإرهاب ينطبقُ على فئةٍ كما ينطبقُ على حزب الله، ومؤيّدي بشار من جميع الميليشيات الشيعيّة، وإن لم تكن أفعال الحزب والميليشيات إرهابًا فما هو الإرهاب. إنّ حزب الله إرهابيّ عن جدارة وليس مخطئًا فحسب! كما يقول الشيخ راشد والدكتور فهمي هويدي!
لم يعد من المقبول الدفاع عن (حزب الله!) وعن قتالِهِ المشبوهِ، ولم تعد العباراتُ المراوغةُ تكفي للتخلّص من تصريحاتٍ فاسدةٍ، بل لا بدّ من التراجعِ الصريحِ، وإنّني أسأل لو أنّ هذا الحزب الخبيث ذبح ابن واحدٍ من هؤلاء المدافعين، الذين لا يُريدون وضعَهُ في قوائم الإرهاب فماذا يكون الموقف؟
وظلمُ ذوي القربى أشدّ مضاضةً ***على النفس من وقع الحسام المهنّد.
لا بارك الله بمن يُباركُ قاتلي، أو يُدافعُ عنه! وأنصحُ المخدوعين بالرجوع إلى الحقّ فهو خيرٌ من التمادي في الباطل.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم، والحمد لله ربّ العالمين.
أحمد الجمّال الحمويّ
نائب رئيس جمعيّة علماء حماة.
عضو مؤسّس في رابطة أدباء الشام.
عضو مؤسّس في رابطة العلماء السوريّين.
عضو الاتّحاد العالميّ لعلماء المسلمين.
وسوم: العدد 658