ربط الإسلام بالإرهاب مؤامرة خبيثة لإطفاء نور الله والله متم نوره ولوكره المتآمرون
لا تكاد تقع جريمة في قطر من أقطار العالم حتى يسارع الناقمون على الإسلام إلى إيجاد صلة بينها وبينه إلى درجة أن كلمة إرهاب صارت مرادفة لكلمة إسلام عند هؤلاء بالرغم من اشتمال كلمة إسلام على المادة اللغوية الدالة على السلم والسلام . وإذا ما تتبعنا فكرة الربط التعسفي بين كلمة إرهاب وكلمة إسلام نجد أن البداية بدأت عند الكيان الصهيوني العنصري المحتل، والذي ألصق صفة الإرهاب بالمقاومة التي تصدت له لتحرير الأرض المحتلة . وعن الكيان الصهيوني تلقفت كيانات أخرى خاصة الغربية منها فكرة نعت الإسلام بالإرهاب . ومعلوم أن مقاومة الكيان الصهيوني على اخلاف أشكالها تحظى بمشروعيتها من خلال عدالة قضيتها ، وهي قضية لها بعد إسلامي لأن الأمر يتعلق بأرض محتلة فيها مقدسات إسلامية لا بد أن تسترجع ، ومن ثم يرى الكيان الصهيوني والكيانات الغربية الداعمة له أن مقاومته والتصدي لاحتلاله هو عمل إرهابي بسبب بعده الإسلامي . ومما جعل الكيان الصهيوني يكرس فكرة نسبة الإرهاب للإسلام وجود فصائل مقاومة ترفع شعار الإسلام كما هو الشأن بالنسبة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي وحركات أخرى . وبسبب البعد الإسلامي للقضية الفلسطينية يختلف القاموس العربي عن القاموس الصهيوني بخصوص نعت المقاومة والمقاومين، ذلك أنهم في القاموس العربي شهداء، بينما هم في القاموس الصهيوني إرهابيون . ونظرا لتبني الغرب للكيان الصهيوني منذ نشأته بل نظرا لدور الغرب في نشأته عن طريق وعود الكيانات الغربية المحتلة للوطن العربي والتي تم تفعيلها عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، فإنه اعتمد القاموس الصهيوني بدافع دعم الكيان الصهيوني، وهو قاموس يربط بين الإسلام والإرهاب بشكل تعسفي صارخ ومكشوف ، وهكذا سادت مغالطة ربط الإسلام بالإرهاب في المجتمعات الغربية وبين شعوبها ، فحتى المقررات الدراسية في بلاد الغرب تتضمن مؤشرات تدل على هذه المغالطة ، وقد تلقفتها تلك المقررات من المقررات الصهيونية مباشرة حتى صارت الناشئة في بلاد الغرب عندما تسأل عن دلالة كلمة إسلام تربطها مباشرة بكلمة إرهاب تماما كما تم تلقين ذلك للناشئة في الكيان الصهيوني . وتعكس استطلاعات الآراء في بلاد الغرب مدى تغلل فكرة الربط بين الإسلام والإرهاب في الذهنيات الغربية . ومما زاد في تكريس هذه المغالطة كون المجتمعات الغربية مجتمعات علمانية تعادي الدين أصلا ، ولهذا وجدت هذه المغالطة التربة الخصبة في تلك المجتمعات . ومما زاد في تكريس تلك المغالطة دخول الصراع العربي الصهيوني مرحلة ما يسمى بمسلسل السلام حيث راهنت أغلب الأنظمة العربية على السلام مع الكيان الصهيوني بعدما يئست من ربح رهان الحرب معه . ولما كان دخول الكيان الصهيوني مسلسل السلام من موقع الطرف الغالب، فإنه فرض قاموسه على الطرف المغلوب ،ومرر مغالطة خلط الإسلام بالإرهاب والتي قبلها الطرف المغلوب مرغما بينما ظلت الشعوب العربية تراهن على استرجاع الأرض المحتلة لقدسيتها الدينية قبل اعتبارات أخرى . ومما فرضه الكيان الصهيوني على الأطراف المغلوبة الموقعة معه على ما سمي خرائط مسلسل السلام مراجعة مقرراتها الدراسية بحيث شطب منها كل ما يشير إلى التاريخ العدواني لهذا الكيان خصوصا النصوص الدينية . ولقد بادرت بعض الأنظمة إلى تغيير المقررات التي كانت تساير فترة الصراع المسلح مع الكيان الصهيوني واستبدلتها بمقررات تساير ما سمي مسلسل السلام ، وبذلك بقيت المقاومة المسلحة معزولة أو عارية الظهر كما يقال ، ووجد الكيان الصهيوني الفرصة سانحة لوصفها بالإرهاب تمييزا لها عن الأطراف المنخرطة في مسلسل السلام معه . والغريب أن هذه الأطراف تلقفت من الكيان الصهيوني مغالطة الخلط بين الإرهاب والإسلام خصوصا عندما واجهت شعوبها مسلسل السلام بالرفض على اعتبار أن الأمر يتعلق باسترجاع أرض محتلة تتضمن مقدسات لا يمكن التفريط فيها، وأن ذلك من صميم التدين بدين الإسلام . ووجدت الأنظمة العربية المنخرطة في مسلسل السلام مع الكيان الصهيوني ضالتها في المفهوم الصهيوني للإرهاب لمواجهة المعارضة التي كانت تواجهها خاصة تلك التي تتخذ من الإسلام مرجعية ومنطلقا . ومما زاد من تكريس مغالطة خلط الإسلام بالإرهاب في الوطن العربي إفراز أول تجربة ديمقراطية في الجزائر التي سبق ربيعها ربيع باقي البلدان العربية فوز حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وهو حزب اتخذ من المرجعية الإسلامية منطلقا له ، علما بأن فوز هذا الحزب إنما كان رد فعل على استبداد حزب جبهة التحرير الذي ارتزق لعقود بحرب التحرير، ومارس باستغلالها الاستبداد الذي جعل الشعب يراهن على حزب ذي توجه إسلامي بعد تجربة حزب راهن على الاشتراكية التي أوصلت البلاد إلى وضعية الإفلاس السياسي والاقتصادي . وعن طريق مؤامرة غربية دبر انقلاب عسكري ضد فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وأحبطت أول تجربة ديمقراطية في الوطن العربي بعد استقلال بلدانه عن الاحتلال الغربي . ومن أجل التمويه على مؤامرة الانقلاب خلق الجيش الجزائري فرقا تمارس الإرهاب، ونسبها للإسلام من أجل تشويه حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ ، وحاول استعداء الشعب الذي سانده عليه عن طريق التسويق الإعلامي لجرائم بشعة تنسب له . ولقد تأكد يومئذ إعلاميا وبالتصوير خروج فرق القتل والإرهاب من ثكنات عسكرية والعودة إليها بعد ارتكاب مجازر رهيبة ضد الشعب وإلصاقها بالإسلام . وبعد التجربة الديمقراطية الثانية في الوطن العربي بمصر تكرر نفس السيناريو الذي كان في الجزائر حيث أفرز ربيع مصر فوز حزب العدالة والحرية ذي التوجه الإسلامي، فتدخل الغرب مرة أخرى مع دول خليجية للانقلاب على الديمقراطية كما حصل في الجزائر ، وتكرر أيضا سيناريو نسبة الإرهاب للحزب المطاح به عن طريق الانقلاب العسكري ، وكانت هذه التهمة هي الذريعة المبررة للانقلاب على الشرعية والديمقراطية . ولتبرير الغرب غزوه للعراق وتفكيكه بث عصابات إجرامية إرهابية في العراق تحسب على الإسلام من أجل تكريس فكرة إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام . ومن أجل إطالة عمر الحكم الشمولي في سوريا نشر الغرب أيضا العصابات الإرهابية في سوريا كذريعة لإنقاذ النظام السوري الذي ثار عليه الشعب . وكذريعة للتدخل في سوريا والعراق من طرف قوى دولية وإقليمية سواء كانت دولا غربية أو روسيا أو إيران من أجل مصالح اقتصادية بالدرجة الأولي ،ركب الجميع العصابات الإجرامية المصنوعة مخابراتيا . ولقد تأكد من خلال الأعمال الإجرامية التي وقعت في فرنسا وبلجيكا أن العناصر المتورطة فيها إنما هي عناصر معروفة بسوابقها الإجرامية وبمتاجرتها بالمخدرات وبامتلاكها لخمارات، وهي عناصر لا علاقة لها بالإسلام إلا أن الغرب يصر على نسبتها له من أجل تحقيق هدف بات مكشوف وهو تشويه الإسلام أو إطفاء نور الله عز وجل ، ومعلوم أن الشعوب العربية على قناعة تامة ببراءة الإسلام من الإرهاب كما يروج لذلك الغرب إعلاميا ، كما أنها على قناعة تامة أيضا أن الذين يمارسون الإرهاب باسمه إنما هم خوارج عنه، وعن قيمه ومبادئه السمحة ، وأنهم عناصر من المرتزقة الذين يسخرون لتشويه الإسلام، ولتوفير الذرائع لخصومه من أجل النيل منه وإقصائه خصوصا بعدما أكدت التجارب الديمقراطية التي تم الإجهاز عليها في الوطن العربي أن شعوب هذا الوطن تثق في كل ما له علاقة بالإسلام السمح. وأخيرا نقول إن ربط الإسلام بالإرهاب مؤامرة خبيثة ومكشوفة لإطفاء نور الله ، وأن الله عز وجل متم نوره ولو كره المتآمرون .
وسوم: العدد 664