سردار شمخاني منسقاً أعلى للعدوان على سوريا

في سابقة  هي الأولى من نوعها ، أقدم مجلس الأمن القومي الإيراني تعيين أمينه العام، علي شمخاني، في منصب المنسق الأعلى للشؤون السياسية والعسكرية والأمنية بين إيران وسوريا وروسيا. و الذي يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى، لماذا قامت إيران باستحداث هذا المنصب ؟ وما هو دورصاحبهه؟  ومن هو علي شمخاني الموظف الذي سيشغل هذا الموقع المهم والمحوري ؟.

من هو الأدميرال شمخاني

 لنبدأ بالسيرة الشخصية للأدميرال علي شمخاني  كما يحب أن يعرف هو نفسه ....  قبل تعيينه لهذا المنصب شغل عدة مواقع مهمة ومحورية في النظام الإيراني ، أهلته لتولي هذه المهمة التي أوكلها له  الولي الفقيه المدعوم بمهمته الإلهية المقدسة في سوريا -  كما أعلن عن ذلك شمخاني نفسه .

 ينحدر “علي شمخاني” من مدينة الأحواز العربية، وقد درس الهندسة الزراعية في بداية تعليمه الجامعي ، ثم استطاع تنفيذ رغبته وطموحه – كما يقول – ليدرس العلوم العسكرية – حيث حصل على الماجستير في الإدارة والعلوم العسكرية، و كان له دور مهم ومحوري  في تدمير  الحركات المعارضة للثورة الإسلامية سنة 1979 .

أوكلت له العديد من المناصب العسكرية في  أثناء  الحرب الإيرانية العراقية مثل قائد القوات العسكرية في الأحواز ، وقائد بالإنابة للقوات الإيرانية المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (598) المتعلق بإنهاء الحرب بين إيران والعراق. كما تولى منصب قائد القوات البحرية، ثم  تعيينه  وزيراً  للدفاع في عهد الرئيس خاتمي من 1997  إلى 2005م

يمتلك الأدميرال شمخاني سجلاً حافلاً من الجرائم  بحق الشعوب الإيرانية ؛ لا سيما الشعب العربي ، الذي يعتبره أحد أدوات النظام الإيراني في التنكيل والقمع

 و هو يعبر عن كرهه للعرب ، ويرفض الحديث  باللغة العربية في المحافل العامة  بالرغم من معرفته بها .

أسباب إحداث المنصب :

لا شك بأن إحداث منصب المنسق الأعلى للشؤون السياسية والعسكرية والأمنية بين إيران وسوريا وروسيا ،  تكليف “شمخاني”،به إنما أريد من خلاله نقل ملف العلاقات والتنسيق العسكري والأمني  من  عهدة  المؤسسة السياسية إلى المؤسسة العسكرية و ذلك على شمخاني – رجل خامنئي الحديدي-  الذي ما زال يشغل منصب أمين عام مجلس الأمن القومي ، مما سيمنح  العمليات العسكرية الإيرانية  طابعاً أكثر فعالية وقوة ،  والتي  ستؤدي في النهاية إلى نجاح إيران في مساعيها  من أجل تحقيق انتصارات أكبر على الأرض السورية ، بعد الخسائر الفادحة التي تكبدتها ، وتستنزفها يومياً ، وبهذا بات  ملف التنسيق حول سوريا في عهدة “مجلس الأمن القومي”، الأمر الذي يضفي صبغة أكثر أهمية ، وسيعطيه طابعاً تشاورياً  أكبر بين مختلف مؤسسات صنع القرار الإيراني .

ومن المؤكد أن اختيار “شمخاني” الذي يملك شبكة علاقات ممتازة مع الجيش و مع المؤسسات الاستخبارية والأمنية الإيرانية ، سُيسهم في مزيد  من رفع مستوى التنسيق الميداني فيما يتعلق بالعمليات في سوريا مع الحرس الثوري الذي ينتمى إليه شمخاني أصلاً  .

 كذلك أراد مرشد الثورة من خلال استحداث هذا المنصب ، تقسيم المسؤوليات وتوزيعها بين القادة العسكريين الإيرانيين ، فقد جاء تعيين شمخاني عقب تعيين   قائد ميليشيا”فيلق القدس” الجنرال قاسم سليماني مستشاراً عسكرياً للحكومة العراقية الذي أوكلت له مهمة تنسيق  العمليات  العسكرية على الأرض في العراق .

 ومن اللافت للنظر أن تعيين شمخاني  جاء بعد اجتماع عسكري جمع وزراء دفاع إيران وسوريا وروسيا عقد مؤخرا في طهران ً ، حيث تم رفع مستوى التنسيق بين الأطراف الثلاثة تم الاتفاق على رفع مستوى التنسيق بين الأطراف الثلاثة “من أجل توجيهضربات أقوى للإرهاب وتنظيماته” وللوقوف بوجه الدول الداعمة له في سوريا  ، والاتفاق على الإستراتيجية العسكرية العامة ، وتنسيق الأدوار وتوزيع المهمات بشكل ينسجم مع التطورات الميدانية الجارية  ؛ خاصة بعد غضب طهران بفعل الخسائر التي تكبدتها قواتها ومليشياتها ؛ وفي مقدمتها حزب الله ، من هنا جاء هذا الاتفاق ليترجم على الفور من خلال تعيين شمخاني في هذا المنصب المهم والفعال .

إن تعيين شمخاني  كمسئول عن السياسة الخارجية الإيرانية العسكرية والأمنية وربما السياسية ، ربما سيسهم في مزيد من تقليص الدور الخاص لوزارة الخارجية الإيرانية تجاه الأزمة السورية ، والذي هو مهمش أصلاً ، وسيسهم بشكل أكبر في انخراط إيران في سوريا ، و سيؤدي إلى إعطاء هامش أكبر للسيطرة على القرار العسكري والأمني السوري  ،و السعي إلى توافق مشترك أكبر مع الجانب الروسي ؛ لأن طهران تدرك تماماً أن التسوية النهائية سوف تكون بيد موسكو وطهران اللتين ستتحدثان نيابة عن النظام السوري المتهالك أصلاً  .

ولا شك بأن إيران على وفق هذا التعيين لشمخاني  ، ستقوم بمراجعة الخطوط الرئيسة  لسياستها العسكرية والأمنية ، بعد مشاورات موسعة وتنسيق تام بين المؤسسات العسكرية والأمنية ، والسعي لبناء شراكة أوسع مع الجانب الروسي- والأميركي- الإسرائيلي  لذبح  الشعب السوري ، تحت عنوان مكافحة الإرهاب ؛ بعد تصريحات شمخاني النارية عن ضرورة تبني إيران لسياسة أكثر فعالية تجاه المخاطر التي باتت تحيط بحدودها نتيجة الأزمات الإقليمية ؛ وفي مقدمتها الأزمة السورية .

من الجدير ذكره أن شمخاني يمتلك رؤية مذهبية مخيفة بالنسبة لما يجري في سوريا ، وهو  بهذا ينسجم تماماً مع الطروحات الخاصة بالهذيان المهدوي ، وقرب ظهور إمام الزمان من خلال دلالات وعلامات ما يجري في سوريا ، حيث يعتبر شمخاني  أن “ولي الفقيه” (علي خامنئي) يستمد قراراته من “الوحي الإلهي”، سيما قرار التدخل العسكري في سوريا، لهذا يعتبر نفسه جندياً ومتطوعاً في هذا المشروع  الإلهي المقدس .

يؤمن شمخاني بفكرة الاتصال بين إمام الزمان والمرشد خامنئي ، وقد عبر في أكثر من مناسبة أن خامنئي لا ينطق عن الهوى ، وهو يتحدث بلسان وحال المهدي الذي يتواصل معه باستمرار دائم ، ويتبادل معه الرأي والمشورة بشكل شبه يومي ، وأن مشروع إيران يجب أن يتوسع في سوريا ، لأنها ستكون بوابة لتحرير فلسطين  والمنطقة ، معتبراً أن الأنظمة العربية لا تقل سوءاً عن إسرائيل ، وأن إيران ستجند مختلف طاقاتها وإمكاناتها بالتعاون  مع  المجتمع الدولي لمعاقبة وتقييد الدول التي تساعد بشكل خفي أو علني، على تعزيز قوة الإرهاب التكفيري.

د. نبيل العتوم   

رئيس وحدة الدراسات الإيرانية

مركز أميه للبحوث والدراسات الإستراتيجية

وسوم: العدد 673