الزحف المقدس.... أسطورة الحج إلى كربلاء
تمضي إيران في مخططها الشيعي الدي تهدف من خلاله إلى التحريض الإعلامي والسياسي والتخريبي ضد الملكة العربية السعودية ، و للأسف بالتعاون مع دول إقليمية ووسائل إعلام ، ومنظمات دولية تعمل تحت غطاء حقوق الإنسان ، كل ذلك بهدف خلق رأي عام مضاد للسعودية ، تستثمره إيران فيما بعد بشكل شيطاني ،وهدا يتطلب منا الرد على أكثر من سؤال .
أولاــ لمادا وصل الأمر إلى درجة مطالبة آية الله جنتي بوضع قسم تحرير بلاد الحرمين ضمن متطلبات تخريج قوات الجيش والحرس الثوري الإيراني ومجندي الأجهزة الأمنية؟
ولاشك أن الأهداف الحقيقية من وراء الحملة الإيرانية المسعورة والدوافع التي تقف وراءها ستوظف من قبل إيران في مداخل الأزمات الإقليمية لتحقيق مخططاتها الرامية لتدويل الحرمين الشريفين .
لم يقف الأمر عند هذا الحد فقد بشرت الكتب المدرسية الإيرانية بقرب تحرير الحرمين من "قوى الجاهلية" في القريب العاجل ، ودعت طلابها الاستعداد للمشاركة في الملحمة الإلهية التي تسعى لتحقيق هذا الهدف المقدس .
ثانيا ــ لماذا تسعى إيران إلى تفجير الأمن في بلاد الحرمين ؟
لاتزال حادثة منى تلقي بتداعياتها على إيران ،مطالبة بتبني سيناريو خطير وغير مسبوق ، يعكس نوايا إيران التوسعية الحقيقية ، حيث مهدت لذلك من خلال حملة لانتقاد تعاطي الدول الغربية مع الموضوع ، والترويج أولاً لفكرة مفادها "أن ما شكل مصدر قلق للشعوب الإسلامية ، وما يدعو للتأمل – حسب الزعم الإيراني - هو تعاطي الدول الغربية مع الحادث.
بعد حادثة مشعر منى توجهت الأنظار وأصابع الاتهام مباشرة من جانب إيران الى السعودية، على اعتبار أنها المسؤولية الأولى عن الحادث ، ونسيت طهران أن حجاجها كانوا هم سبب افتعال الحادث بشكل متعمد ، الأمر الذي يطرح معه الكثير من التساؤلات ، خصوصاً في ظل ما أعقب هذا الحادث من ردود فعل إيرانية تعكس نوايا إيران الخبيثة لتدويل أرض الحرمين الشريفين ، خدمة لأهدافها التوسعية والتخريبية ؛ بناء على ما سبق فإن الإيرانيين شديدي الحرص على افتعال المشاكل المختلفة في مواسم الحج ، وتوظيف تلك الأحداث لأغراض سياسية بغيضة ، من أبرزها محاولة إثبات عجز السعودية عن تنظيم موسم الحج ، والحفاظ على أمن الحجيج ، بهدف التمهيد لفكرة طرح البدائل .
لاشك أولاً :بأن انخراط إيران المباشر في الكثير من الأزمات الإقليمية في : سوريا ،والعراق ، واليمن ...ومحاولات التخريب في البحرين ، و الكويت، و لبنان ، وفشل إيران الذريع في تحقيق المكاسب على الأرض من خلال مداخل الأزمات ، جعلها تتجه نحو افتعال أزمة جديدة للتغطية على إخفاقاتها وهزائمها المتلاحقة ، ما يعني أن السلطات القابعة في طهران قد وصلت إلى طريق مسدود لتحقيق أي من المكاسب الإستراتيجية على الأرض، فتوجهت إلى بلاد الحرمين لافتعال أزمة أراقت الكثير من دماء الأبرياء ، للفت الأنظار عن جرائمها الممتدة على طول المنطقة الشرق أوسطية . .
كذلك مما لاشك فيه أن انشغالات إيران في مخططات الفوضى والإغراق بها ، شكل سبباً أساسياً لانشغال طهران بشكل كبير ، لتنسى شعبها قضاياها الداخلية المهمة ، وما باتت تعانيه من مشاكل اقتصادية واجتماعية كارثية ، وتوجيه الأنظار لمشاكل خارجية ، انسجاما مع سياسة الإشغال التي تنتهجها للبحث دوماً عن فكرة الخطر الخارجي " ترس أز بيكانيكى" .
اللافت كذلك إطلاق إيران حملة واسعة منذ بداية العام لمسابقات القرعة للحج إلى كربلاء في وسائل إعلامها ، وفي الإعلام الموجه إلى باكستان وأفغانستان وطاجكستان والهند.... وبلغات هذه الدول بشكل واسع وغير مسبوق ، وبصورة توحي بوجود نية إيرانية رسمية لتوجيه قبلة الحج إلى هناك ، واستغلال ذلك لجذب أكبر عدد منهم بغرض تجنيد ما أمكن منهم للقتال في سوريا وفي أماكن عديدة ، وتسهيل مهمة تجنيدهم كخلايا نائمة في دولهم ، لتحقيق الأهداف الإيرانية التخريبية .
ثالثاً: كذلك فإنه لابد أن يتم البحث عن السبب الذي أدى إلى توجه إيران لتوظيف ملف الحجاج الآن ، والذي يتمثل بعقدة المكان الذي يشغل المرشد خامنئي للسيطرة على مكة القبلة الروحية للعالم الإسلامي ، انسجاماً مع مخططات إيران ، " نحو دولة إقليمية عظمى بحلول 2030 م " الذي تسعى لتحقيقه ؛ مستغلة حالة الضعف والتفكك العربي .
رابعاً : وهو المهم والجوهري أن إيران قامت بحملتها تلك لتمهد لطرح فكرة جهنمية مرحلية تعكس نوايا إيران الخبيثة للسيطرة على الحرمين الشريفين " مشروع دويلة فاتيكان إسلامي" ، وفق تصور أن الحاجة قد حانت لتأسيس "فاتيكان إسلامي" بحيث تضم هذه الدويله مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة ، وهو ما طرحته طهران مباشرة وروجت له بعد حادثة منى مباشرة ، بحجة عجز السعودية عن إدارة شئون الحجاج ، وتوفير الأمن لهم .
خامساً : التمهيد لسيناريو مرحلة تحقيق دولة الفاتيكان الإسلامي الذي يضم مكة والمدينة ، وقد أسهبت دولة الملالي بشرح ثمرات هذا المشروع ، ووضع أسسه ومبادئه ، وابتكار تصورات حول تأسيس دويلة فاتيكان إسلامية داخل السعودية ، وشكل إدارتها بحيث تكون مستقلة ، وتدار من قبل عالم من إحدى البلدان الإسلامية – وهو بالتأكيد خامنئي على اعتبار كونه أعلمهم - وله مستشارين من مختلف دول العالم الإسلامي لتحقيق إدارة صحيحة.
إن تأسيس دولة الفاتيكان الإسلامي – حسب رؤية دولة الملالي – سيكون لها ميزات إيجابية لتكون مرجعا ًأساسيا لجميع المسلمين في العالم ، مما يُحقق استقلال المرجعية الدينية وعدم تدخل الدول الإسلامية الأخرى في هذا الشأن ، وعلى هذا الأساس يتمكن " خامنئي "وجماعته من إدارة وقيادة شؤون المسلمين على اعتبار أنه ولي أمر المسلمين ومرشدهم الأعلى بلا منازع .
ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد أغرقت إيران في مقاربتها من خلال المقارنة بين مكة والمدينة- التي تمتلك مساحة شاسعة ، مما سيُمكنها من الاستمرار والبقاء في حال تبني فكرة الدويلة - و الفاتيكان التي لا تمتلك أكثر من نصف كيلومتر مربع وتقع في قلب العاصمة الإيطالية روما،
بحيث تُدار بشكل مستقل على يد البابا، وهو ليس بالضرورة ممن يحملون الجنسية الإيطالية ، وربما يكون من بلدان مسيحية أخرى حسب الشروط التي تتعين بالمجلس الاستشاري، وتروج إيران لهذه الفكرة حتى يمهد لها ذلك إحكام قبضتها على بلاد الحرمين ، وتحت عباءة قيادتها .
سادسا : تحقيق هدف إيران المرحلي بإحداث حالة تعبئة لشيعة الشتات ضد السعودية ومحاولة حشد الرأي العام الداخلي والخارجي الإيراني عن طريق تنسيق التصريحات والبيانات ، حيث رصدنا أكثر من 86 تصريح من كبار القادة السياسيين والعسكريين ورجال الدين التي تحرض ضد السعودية خلال الثلاثة أيام الماضية وفي مقدمتهم خامنئي وروحاني وآية الله جنتي وجواد لاريجاني ... ، و التي تطالب بإنزال القصاص العادل بآل سعود ، وتبشر بأن الانتقام الإلهي قادم لا محالة ..... والكثير من التصريحات التي لا تليق بدول ؛ مما يوحي بوجود مخطط إيران عن طريق التوسل بالخلايا النائمة المدسوسة بين الحجيج من جنسيات غير إيرانية ، والخشية هو من دخول عدد منهم بجوازات عراقية ... بغرض افتعال أحداث تخريبية قد تكون غير متوقعة ، والملفت دخول الجناح الإصلاحي حتى تياره اليساري على خط التهديدات ضد السعودية .
كذلك فإن حشد الشيعة وتأليبهم على السعودية بحجج واهية ، سُيسهل من مهمة إيران الساعية لبناء جيش المهدي المكون من 20 مليون لإسقاط الحكومات الظالمة والشيطانية في المنطقة ، كما يروق لآيات الله نعتهم .
سابعاً : الهدف المرحلي التالي إحكام سيطرة إيران على العراق من خلال إطلاق الفتاوى الحج إلى كربلاء بما يحققه من عائد سياسي واستراتيجي واقتصادي على إيران ، إضافة إلى تعزيز فكرة التغيير الديموغرافي في العراق لصالح الشيعة ، مما يسهل ضم " محافظة شيعستان كناية عن العراق " كما أطلق عليها رجل الدين الإيراني آية الله محمد تقي مصباح يزدي في أحد المناسبات .
إذاً هي أسطورة الحج إلى كربلاء التي باتت أحد مشاهد المسرحية الإيرانية التي تسعى من خلال عرضها إلى تغذية خطاب الكراهية والتخريب، وتعزيز عناصر الفرقة والخلاف ، وهي بذلك تسهم في تعرية وجه إيران القبيح التي تجهد لاستباحة المقدسات الإسلامية التي تُشكل أحد ثوابت عقيدتنا الإسلامية ، والتي هي منها براء .
د. نبيل العتوم
رئيس وحدة الدراسات الإيرانية
مركز أميه للبحوث والدراسات الإستراتيجية
وسوم: العدد 685