الإخوة والإخوان
معمر حبار
قل عن الإخوان المسلمين ماشئت، فستجد من يوافقك ويؤيدك، وفي نفس الوقت من يخالفك ويعارضك. وكل منهم حمل سلاح التهمة ضد الآخر. فالمؤيد متهم، والمخالف متهم.
وقد سبق لصاحب الأسطر أن كتب مقالا بعنوان: " مصر.. بين أحمق ومجرم" ، وبقدر ماتلقى الدعم والتأييد، تلقى في نفس الوقت هجوما ممن لم يعجبه هذا الوصف، وتمنى لو وصف به خصمه.
هذه الأسطر لاتعالج كره الانقلابيين في مصر للإخوان، فقد تكشف الأيام سر هذا التكالب، الذي لم تشهده الحركة على يد عبد الناصر والسادات ومبارك، فقد كان المنحنى يعلو وينخفض في الشدة أحيانا وفي اللين أحيانا أخرى. ومن قرأ مذكرات المؤيدين والمعارضين، يدرك ذلك جيدا. فهذا يتحدث عن التحالف، والآخر يتحدث عن السجون والمعتقلات وأساليب التعذيب والتنكيل.
والسؤال المطروح، لماذا بعض دول الخليج تعامل الإخوان بهذه الشدة والقسوة؟، رغم أن العلاقة بينهم كانت حسنة إلى وقت قريب؟.
لو كان التعامل مع حركة داخلية، لقيل شأن داخلي لادخل للأجنبي فيه، ولا يحق التطرق إليه. لكن التعامل تجاوز الحدود، ووصل كما ذكرت منذ يومين الصحف الجزائرية، أنه طلب من الجزائر، اعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية، وقد رفضت الجزائر هذا الطلب، حسب ماجاء في الصحف الجزائرية.
مهما كان الخلاف، ومهما كانت جرائم الإخوان أو حماقاتهم، فإن الوضع لايتطلب هذا الكم الهائل وغير المعقول من حكم الإعدام في حق أزيد من 500 فرد.
والمتأمل في تجربة الجزائر في التسعينات من القرن الماضي، وبغض النظر عن حسناتها وسيئاتها، فإنه يلاحظ أنه لم يكن هذا العدد من الأحكام، بل إن الجزائر بسطت الأيدي لأبنائها واحتضنتهم، وإن كان البعض يرى بعض النقائص التي يجب استدراكها.
هناك عداوة شديدة من طرف السوريين ومازالت تجاه الإخوان، وكانت عداوة ظاهرة بيّنة من طرف التونسيين تجاههم، وقد خفّت في أواخر حكم بن علي، ولم تعد واضحة بيّنة مع الرئيس مرزوقي.
وللإجابة على سؤال، لماذا أهل الخليج، يحاربون الحركة بكل هذه الشدة والقسوة، رغم مايقال عنها من المؤيدين والمعارضين؟، وجب معرفة مختلف الأطراف المتعاملة مع الإخوان، وهي ..
فريق يرفض الإخوان، لأنهم ينازعونه في الدين، فوجب توقيفهم ومحاربتهم.
وفريق يرفضهم، لأنهم ينافسونهم في الدين والدنيا. فوجب صدّهم وتشويه صورتهم.
وفريق يرفضهم، لأنهم بالنسبة له، يحجر على حرياتهم. فاستلزم مهاجمتهم وتجريحهم.
وفريق يرفضهم، لأنهم قدّموا البديل في التسيير، وهو لايريد أن يكون غيره بديلا.
وفريق يرفض طريقة حكمهم، بغض النظر عن حسناتها ومساوئها، لأن الانتخابات النزيهة في نظره، تجعل الناس يرفضون غيرها من أساليب الحكم والتسيير، وهو يدعو إلى طاعة ولي الأمر، ولو كان من كان.