الموقف الوسطي
الموقف الوسطي من الانتفاع من العلوم الإنسانية والاجتماعية عند الآخرين:
"...أما العلوم الإنسانية والاجتماعية فكان على أهل الاختصاص من علمائنا ومفكرينا أن تكون لهم شخصيتهم المستقلة في دراستهم لهذه العلوم، وفي بحثهم لمختلف جوانبها، فيقفوا منها موقف الفاحص الناقد، لا موقف المستسلم التابع، وأن يجتهدوا قليلاً بالرجوع إلى تراثنا الرحب ، وسيجدون فيه الكثير مما يضيء لهم الطريق، ويكشف لهم الغامض . وكلما ازدادوا بصراً بمواريثنا الثقافية الصحيحة وبالينابيع الصافية من بينات القرآن، وهدي النبوة، وسير الأفذاذ من أبناء هذه الأمة استطاعوا أن يحلوا كثيراً من العقد في هذه العلوم، وأن يضيفوا إليها الجديد النافع، وأن يخلصوها من النزعات المادية، والنظرات التي تتسم بالتعصب وضيق الأفق .
وبهذا تكون لنا ( مدارس إسلامية ) في هذه العلوم : المدرسة الإسلامية في علم النفس ، والمدرسة الإسلامية في علم الاجتماع ، وهكذا ...
وهذا هو الاصطلاح الذي أرجحه ، بدلا من اصطلاح (علم النفس الإسلامي) و(علم الاجتماع الإسلامي) ونحوهما ...
وأنا لا أريد بهذا أن نطرح كل ما أنجزه الغرب في هذه العلوم ، ونبدأ من الصفر وحدنا ، فالعلم حلقات متصلة يأخذ بعضها ببعض ، كما يصحح بعضها بها . وقد أخذوا منا قديماً . ولا غبار علينا أن نأخذ منهم حديثاً .
ولقد كتبت فيما كتبت ، أننا يمكننا أن نستفيد من ( ماركس ) في الاقتصاد، و( دوركيم ) في علم الاجتماع ، و ( فرويد ) في علم النفس ، فليس كل ما كتبوه باطلاً، كما ليس كل ما كتبوه معصوماً .
المهم أن يكون لنا حق النقد، وحق الاختيار، وأن نأخذ وندع من الفكر الغربي وفق معاييرنا نحن، وأن نخرج عقولنا وأنفسنا من (جحر الضب ) الذي وقع فيه عبيد الفكر الغربي بشقيه : الليبرالي والاشتراكي.. ." ا.هـ.
من تقديم العلامة الدكتور #يوسف_القرضاوي لكتاب د. مالك البدري : " التفكر : من المشاهدة إلى الشهود: دراسة نفسية إسلامية ".
وسوم: العدد 700