الأقصى يتطلع لزحف المحررين لا زحف المطبعين!
ولعلماء كابن الجوزي لا لعلماء السلاطين!
بدأ في العاصمة الأردنية عمان صباح الاثنين المؤتمر الدولي الأول "الطريق إلى القدس" برعاية ملكية، طالب أثناءه عضو هيئة العلماء علي جمعة بزحف سلمي إلى القدس لإثبات الوجود وعدم ترك المقدسيين وحدهم في مواجهة الاحتلال "الإسرائيلي"، مكررا أمام نخبة من "علماء الأمة" أن زيارة القدس جائزة باتفاق المسلمين.
يفترض بمهمة علماء الأمة أن يكونوا البوصلة التي توجه الأمة في تحركاتها، وأن يكونوا روّاداً هداةً لها لشرع ربها ومعالجاته الحكيمة لكل قضاياها.
هكذا كان علماء الأمة الربانيون الأفذاذ كابن حنبل وابن تيمية والعز بن عبد السلام وابن الجوزي الذي حرّك جموع المسلمين لجهاد الصليبيين، وكان من خطبته المشهورة "...وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة، الحرب في سبيل الله ثم في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض، فإذا لم تقدروا على الخيل تقيدونها فخذوها فاجعلوها ذوائب لكم وضفائر، إنها من شعر النساء، ألم يبق في نفوسكم شعور؟!...وصرخ: ميدي يا عمد المسجد، وانقضي يا رجوم، وتحرقي يا قلوب ألماً وكمداً، لقد أضاع الرجالُ رجولَتَهم".
لكن للأسف يصر "علماء الأمة" الرسميون في زماننا على النكوص على أعقابهم وإهانة مكانتهم وتسخير الدين في خدمة انبطاح الحكام الصاغرين الموالين لأعداء الأمة المتآمرين على مقدساتها ومصالحها.
فمثل هذا المؤتمر تخلو أطروحاته من الحل الشرعي الوحيد لحل قضية فلسطين والقدس والأقصى، وهو وجوب الجهاد لتحرير كل شبر محتل من أرض فلسطين المباركة (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ)، بل تدعو إلى ضرورة زيارة المسجد تحت حراب الاحتلال واستثناء ذلك من حرمة التطبيع، وتتلهى بما يسمى الدعم المالي للمقدسيين، وتنحرف بوصلة المؤتمر عن وجهتها الافتراضية، فبدل أن تطالب الحكام بتحريك الجيوش لتزحف نحو فلسطين فتحررها وتقضي على كيان يهود، تطالب الجماهير بزحف سلمي لتأكيد هوية القدس بزعمهم.
إن التخاذل عن نصرة القدس والأقصى سيبقى وصمة عار في جبين الحكام المتخاذلين الذين أسلموا فلسطين ليهود وحموا حدودهم ووفروا لهم الأمن منذ اكثر من 60 عاماً، والقدس والأقصى هي أمانة سيسأل عنها العلماء الذين سكتوا عن تآمر الحكام والتمسوا لهم الأعذار بل كانوا لهم أبواقاً تروج لانبطاحهم وتطبيعهم مع يهود.
إن تحرير فلسطين وتطهير الأقصى من رجس يهود شرف ومكانة عالية لن ينالها الحكام الأقنان، بل ينالها المؤمنون المخلصون بقيادة صنو صلاح الدين، وحينها سيخرج من علماء الأمة الربانيين صنو القاضي محي الدين بن الزكي ليخطب من على منبر المسجد الأقصى المبارك تالياً قول الله سبحانه(فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
وإن ذلك كائن قريباً بإذن الله.