الدعوة إلى حذف نصوص القرآن الكريم والحديث الشريف من كتب مادة اللغة العربية
الدعوة إلى حذف نصوص القرآن الكريم والحديث الشريف من كتب مادة اللغة العربية محاولة مكشوفة للإجهاز على الهوية الإسلامية والعربية
يوما بعد يوم تسقط أقنعة الذين يستهدفون الإسلام بأساليب ماكرة فيها تمويه على حقيقة توجهاتهم وقصدهم الذي بات مكشوفا من خلال ما يصدر عنهم من آراء مستفزة لمشاعر الأمة الدينية . ففي هذا الإطار طلع علينا موقع هسبريس بمقال تحت عنوان : " عقار يدعو إلى حذف نصوص دينية من الكتب المدرسية بالعربية " وعقار هذا هو عضو بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين، ومما جاء في هذا المقال ما يلي : ( عد عبد الحميد عقارعضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي تضمين الكتب المدرسية الخاصة باللغة العربية نصوصا من القرآن الكريم والأحاديث النبوية من العوامل الرئيسية التي تجعل التلاميذ المغاربة غير قادرين على تعلم لغة الضاد ) .ومما جاء في هذا المقال أيضا قول عقار خلال مائدة مستديرة نظمتها مؤسسة إدريس بنزكري حول إصلاح منظومة التربية والتكوين :( لا أفهم لماذا يتضمن كتاب اللغة العربية نصوصا قرآنية وأحاديث؟ هذا لا يوجد في أي بلد آخر، فلا يمكن تصور تعلم لغات بلدان أخرى اعتمادا على نصوص الإنجيل مثلا ). وأضاف أيضا : ( يمكن الاستعانة بنصوص أدبية أما تضمين كتب اللغة العربية نصوصا قرآنية وأحاديث ، فهذا ينفر التلاميذ من تعلم العربية لأنها نصوص معجزة ).
إن من يطلع على كلام هذا الرجل يستغرب كيف حاز العضوية في المجلس الأعلى للتربية الذي أوكل إليه أمر إصلاح المنظومة التربوية . فكلام هذا الرجل يعكس إما مدى جهله بالقرآن والحديث أو حقده عليهما لحاجة في نفسه إذ لو كان على علم بهما أو لم يكن به حقد عليهما لما جازف بقول لا يمكن أن يصدر إلا عن ذي جهل فاضح أو ذي خبث ومكر. ولا يتصور من له أدنى إلمام بالقرآن والحديث أن يكونا سببا في عدم قدرة المتعلمين على تعلم لغة الضاد وقد نزل بها القرآن الكريم، وهو وعاؤها من لم يرشف من زلاله كان رشفه كدرا . ومعلوم أن لكل لغة قواعدها الضابطة ، وقواعد اللغة العربية ضابطها كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومنهما الشواهد على استقامة اللسان العربي والذي بهما كان مبينا كما قال الله عز وجل : (( وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين )) . وقوله تعالى مبين يعني الوضوح خلاف ما يتوهم عقار من خلال زعمه أن القرآن والحديث من العوامل التي جعلت المتعلمين المغاربة لا يتعلمون لغة الضاد، وأنهم ينفرون من نصوصهما التي وصفها بالمعجزة ولا ندري أيقصد بها الإعجاز المتعارف عليه أم يقصد بها الصعوبة والتعقيد؟ علما بأن الله عز وجل نفى الصعوبة والتعقيد والاستغلاق عن كلامه فقال : (( فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون )) كما قال : (( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر )) ويبدو أن عقار إما أنه لا يقرأ القرآن أو لا يفهمه أو يتعمد تكذيبه بما يزعمه من وجود صعوبة واستغلاق فيه تحول دون تعلم اللغة العربية من خلال نصوصه المضمنة في كتب اللغة العربية المدرسية . ومعلوم أن لغة القرآن الكريم هي الميزان الدقيق الذي يوزن بها اللسان العربي والذي قد يستغلق حين يغرق في الإغراب كما هو الحال بالنسبة لسجع الكهان أوحوشي الشعر، لهذا نفى الله عز وجل عن كلامه غرابة السجع والشعر معا فقال : (( وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين )) وبلغة القرآن يعرف ركيك الكلام أيضا . وحين يقترح عقار اعتماد النصوص الأدبية في كتب اللغة العربية عوض نصوص القرآن والحديث يسقط إما عن وعي منه أو دون وعي في تناقض صارخ يعرضه للسخرية لدى مدرسي اللغة العربية ولدى أهل العلم والخبرة بها إذ يتوقف الحكم على أدبية النصوص انطلاقا من عرضها على ضوابط اللسان العربي المستنبطة من كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم . ولسنا ندري هل سبق لعقار أن تصفح كتب علوم الآلة أم لم يسبق له ذلك إذ لو كان مطلعا عليها لخجل من قول ما قاله، وتلك الكتب تنطلق كلها من شواهد القرآن والحديث صرفا ونحوا وبلاغة وتعبيرا إلى جانب النصوص الشعرية والنثرية الجاهلية والإسلامية قبل القرن الثاني الهجري ،وهي الفترة التي تفصل ما بين سلامة اللسان العربي من اللحن وفساده عند أهل العلم بالعربية، والذين كانوا يمتنعون عن الاستشهاد بأقوال من عاشوا بعد القرن الثاني الهجري احترازا من فشو اللحن في اللسان العربي ، وقد قال عالم اللغة والشاعر السوداني الشهير فضيلة الدكتور عبد الله الطيب المجذوب رحمه الله معلقا على حكاية وشاية سيبويه ببشار بن برد الذي أعدم بتهمة الزندقة : " عندي أن يشي سيبويه ببشار أقرب للتصديق من أن يستشهد ببيت من شعره " ومعلوم أن سيبويه هو أحد مقعدي اللسان العربي انطلاقا من لغة القرآن والحديث، فضلا عن لغة الشعر العربي في جاهلية العرب وصدر الإسلام إلى حدود القرن الثاني الهجري . ولعلم عقار أن المغاربة منذ الفتح الإسلامي إنما انطلقت ألسنتهم بلغة الضاد ببركة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف كما قال ابن خلدون وقد سمعت شخصيا ذلك من الدكتور عبد الله الطيب في محاضرة ألقاها بجامعة القرويين يوم كان أستاذا زائرا بجامعة فاس حيث كان المغاربة يرسلون فلذات أكبادهم إلى الكتاتيب لحفظ كتاب الله عز وجل، وكانت ألسنتهم تقوّم به وهم صغارعربهم وأمازيغهم على حد سواء . وما تدنى مستوى المتعلمين في اللغة العربية إلا عندما انصرف المغاربة عن تحفيظ أبنائهم القرآن الكريم ، والحديث الشريف . والمتصفح اليوم للنصوص الحديثة الواردة في كتب اللغة العربية المقررة، والتي تعتمد لتعليم لغة الضاد يجدها السبب الرئيس في ضعف مستويات المتعلمين وركاكة أساليبهم . وإذا كان علماء العربية قد احترزوا من الاستشهاد بنصوص ما بعد القرن الثاني الهجري، فماذا يقال عن النصوص التي يريد عقار اعتمادها لتعليم العربية للناشئة ؟ ورحم الله الدكتور عبد الله الطيب الذي اشترط في محاضرته بجامعة القرويين الآنفة الذكر ألا يسمح للطلبة بالتسجيل في السنة الأولى من شعبة اللغة العربية إلا لمن يحفظ الربع الأخير من كتاب الله عز وجل، والمعلقات، ولامية العرب و قال لا بأس بقصيدة ابن زيدون . ولا تستطيع ألسنة الناشئة أن تلوك لغة الضاد دون التمرس بنصوص القرآن، وقد جعل لها علماء القراءات ضوابط تضبط مخارج أصوات اللسان العربي بشكل لا يوجد في غير هذا اللسان . ومع أن نسبة نصوص القرآن والحديث ضئيلة جدا في كتب اللغة العربية المقررة ، وكان من المفروض أن يكون لها نصيب الأسد ، فإن عقار يطالب باستئصالها ،وذلك لتنشئة الناشئة المغربية المسلمة أبا عن جد تنشئة بعيدة عن هويتها الإسلامية ولسانها العربي المبين . ولا شك أنه يعمل لحساب جهات ماكرة تستهدف القرآن والحديث واللسان العربي ، وتريد تكوين جيل لا يعرف شيئا عن القرآن، ولا عن لغة القرآن ليصير القرآن مهجورا لديه مع تراخي الزمن ، وليسهل طمس هوية هذا الجيل الإسلامية والعربية . ومن المفروض أن يتصدى العلماء في هذا الوطن إلى كل محاولة مكشوفة تستهدف القرآن والحديث في مقرراتنا الدراسية . ولا بد من مراجعة عضوية عقار ومن على شاكلته لأنه قد بدا بغضهم للقرآن والحديث وما تخفي صدورهم أكبر ، وعند الله عز وجل مكرهم وإن كان مكرهم ليهجر به القرآن والحديث في أمة راسخة الإيمان بالله عز وجل وبكتابه وبرسوله وسنته.
وسوم: العدد 707