منحة أمريكية شرفية للائتلاف السوري

وما زال الموقف الأمريكي العملي

متمترسا في الدفاع عن نظام بشار

زهير سالم*

[email protected]

من قواعد العمل الدبلوماسي أن يعقد الإنسان الأصبع على أي إيجابي ينجز إن اتفاقا أو وعدا أو عطاء . وهذا يفسر أن يخرج علينا ممثلو الائتلاف مستبشرين بالعطية الشرفية الأمريكية الأخيرة وكأنها نصر وإنجاز .

تذكرنا العطية الشرفية الأمريكية للائتلاف السوري بعهد منح الألقاب أو بيعها . العادة التي درج عليها الساسة في الغرب والشرق على السواء . تتذكر فولتير وبرجوازيه النبيل مسيو جوردان ، كما تتذكر بشوات مصر والدولة العثمانية .

 ( بعثة دبلوماسية ) هو اللقب الذي حظي به مكتب الائتلاف في واشنطن . وهو لقب جدير بأن يبيّض وجه السيد الجربا وداعميه الإقليميين أمام النفر من أمثالنا الذين كان من شأنهم أن يعلقوا على زيارة السيد الجربا إلى واشنطن بالعبارة التقليدية ( تي ..تي .. مثل ما رحت ..جيتي ) .

بعثة دبلوماسية لقب شرفي سيزيد من هيلمان البعثة السورية في دخولها وخروجها وحلها وترحالها دون أن يعني ذلك أن تحتل هذه البعثة مقر السفارة السورية ، أو أن تُمضي مصالح ومعاملات المواطنين السوريين حتى في تسجيل وفياتهم أو توثيق ولاداتهم أو عقود زواجهم أو شهاداتهم العلمية أو ، وهذا أهم ، تجديد جوازات سفرهم ..

( لقب شرفي ) خلبي لا يعني فيما يعني أن يسمح المجتمع الدولي على منابره  الأممية لمتحدث باسم الائتلاف أن يعبر عن رأيه كما يفعل ممثل ( النظام ) الذي يزعمون أنه أصبح فاقد الشرعية أو الصلاحية منذ سنين .

وفي الوقت الذي تعلن فيه روسية الدولة المعادية للثورة السورية وللشعب السوري عزمها على تسليم بشار الأسد ست و ثلاثين طائرة  مقاتلة خفيفة قادرة على الهبوط على مدرجات غير معبدة ، منها تسع طائرات ستسلم حتى نهاية هذا العام دعما لقدراته على طريق قتل السوريين وكسر إرادتهم ، ما يزال الصديق الأمريكي المفترض للشعب السوري والثورة السورية ورغم زيارة السيد الجربا الودودة الشكورة متمرسا عند عبارة ( المساعدات غير الفتاكة ) . بمعنى أنها مساعدات لا تعين السوريين على حماية أنفسهم والدفاع عن إنسانهم وعمرانهم ..

وعلى المستوى الآخر ، وبينما يمضي بشار الأسد وداعموه في مشروع التجديد لنفسه ، وسط الدماء والأشلاء والدمار ، غير مبالين بأي معارض سياسي  في الداخل أو في الخارج ؛ ما تزال السياسة الأمريكية تطرح بطريقة لا مبالية بل صماء بكماء عمياء مشروع الحل السياسي وتتمسك به ...

الحل السياسي الذي يعني نوعا من الشراكة ، دون أن يسأل المتحضرون الدوليون أنفسهم الشراكة مع من ؟ ، وبين من ومن ؟!

ولتبسيط الموقف في مراد الأمريكيين وشركائهم الدوليين بالحل السياسي يمكن أن نقول إن الأمريكيين لا يزالون يتمترسون  في موقعهم الأول مدافعين عن نظام بشار الأسد ويتمسكون به ، ويرفضون تجاوزه . يرفضون أن  يذهب السوريون إلى حل ديمقراطي وطني يعبر عن إرادتهم السياسية الجامعة .

لا ندري كيف  يمكن لعاقل أن يقترح أي نوع من الشراكة مع مثل هذا النظام ، هل الشراكة المستقبلية ستكون مع شخوصه المنغمسين في الجريمة والدم ؟!  أو مع مخرجاته على مدى نصف قرن التي لم تكن إلا المزيد من الاستبداد والكراهية والفساد ؟!

وحين يقول القائمون على القرار الدولي لن نسمح لأي طرف بالانتصار فهم كمن يقول لن نسمح للخير أن ينتصر على الشر ، ولا للحب أن ينتصر على الكراهية ، ولا للكراهية أن تنتصر على الاستبداد .

نقول هذا بينما كل المعطيات على الأرض تؤكد أن كل المواقف والسياسات تسير في الطريق العكسي طريق تمكين  الشر من الخير والكراهية من الحب ، والاستبداد من الديمقراطية.

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية