أنضج الإسلاميين

إن الأحزاب أسست من أجل أن تضحي من أجل

 الأوطان ولم توجد من أجل أن تضحي بالوطن .

إن ما يعيق التطور الديمقراطي هو إنقسام المجتمع 

وخصوصاً عندما يكون الإنقسام ذا صبغة أيدلوجية

إسلامي- علماني، أنصار الثورة -أعداء الثورة .

الديمقراطية الإنتقالية تأسست هشة، ولم تحتمل

 الإنقسام، وهذا يؤدي إلى قرب إنهيار النموذج .

إن الدول التي لا توجد فيها ديمقراطية مستقرة 

راسخة، لا تصلح لها 51% من أصوات الشعب .

عندما أخذنا معظم السلطة أخذناها على قراءة 

خاطئة، على أساس أننا أخذنا الأغلبية، دون أن ننتبه 

لميزان النخبة الذي نحن ضعفاء فيه .

الذين إنتخبوا الرئيس مرسي 51% فارغة من ميزان 

القوة والذين عارضوه كانوا 49% مليئة بالقوة الصلبة

 (المال، الإعلام، القضاء الشرطة، الجيش، الاقتصاد

الفن، أصحاب المصالح والنفوذ ...إلخ ).

جبهة الإنقاذ في الجزائر حصلت عام 91 على 80% من 

الأصوات العاطفية الناعمة، في حين كانت النخبة والقوة 

الخشنة مع ال 20% والحصيلة 250 ألف قتيل

ورجوع للخلف عشرات السنين .

إننا لا يمكن أن نحكم مجتمع رغماً عن نخبته

إلا إذا مارسنا قدراً عالٍ من العنف، وهذا له أثار كارثية.

نحن الإسلاميين فقراء من حيث القوة الصلبة، فقراء 

في النخب، لأننا لم نأخذ وقتنا، خرجنا من السجون 

وعدنا من المهاجر، واختارتنا الناس بالعواطف، فكيف 

لنا أن نحكم بهذا الغثاء العاطفي النخب 

التي في أيديها كل شيء ؟

إن معظم معاركنا هي للمحافظة على الوجود

وليس للتجديد والتطوير والإبداع .

عندما شعرنا في تونس أن السفينة بدأت تغرق

بدأنا نتخفف شيئاً فشيئاً حتى تبقى مبحرة، ثم خرجنا

 كلياً من السفينة (الحكومة)، حتى تستمر في الإبحار

وقلنا إن تونس أولاً وقبل النهضة .

نحن الإسلاميين عندنا ضعف شديد في إدارة التحالفات 

والتواصل حتى مع الأحزاب القريبة منا، وهذا يحتاج منا

 أن ندرب أنفسنا على بناء التوافقات؛ لأن المجتمع 

غير مهيأ للديمقراطية .

إن مما تعلمناه من تجربتنا الحركية أنه إذا كان الخط 

السياسي صحيح لا تبالي بعدد مخالفيك؛ لأنهم 

سيتكاثفون عليك، وإذا كان الخط السياسي غير 

صحيح لا تبالي بكثرة أشياعك

لأنهم سينفضون من حولك .

عندما نقود الناس علينا أن نقودهم ونحن أكثر امتلاء .

هذه العبارات هي خلاصة تجربة حياة لقيادي إسلامي

 عاش ربع قرن في الغربة بعيداً عن بلده، ولكنه تعلم 

الكثير خلال تلك السنوات، وعندما عاد لأرض الوطن

 كانت عودته راشدة، حيث حمى تونس والإسلاميين فيها 

من معارك كانت ستقضي على البلاد والعباد دون طائل

 يرجى من وراء ذلك غير الخراب وإهلاك الحرث والنسل .