مؤامرة التباكي على يهود العراق
في هذه المرحلة العصيبة التي يتم فيها تنفيذ المخطط الأمريكي البريطاني الصهيوني المدعوم من قبل الأعراب الذين حذّر منهم القرآن يستأسدون على أخيهم الضعيف ويركعون أمام الأجنبي القوي العنيف، للقضاء على العراق وإعادته إلى مرحلة دويلات المُدن، على المواطن العراقي أن يسير على قاعدة الشكّ في كل ما يُطرح من مشروعات تمس قضاياه الوطنية مهما كانت هويّة الجهة التي تطرحها.
وبعد الاحتلال الأمريكي البريطاني الأعرابي البغيض لوطننا والبدء بتمزيقه "دستورياً" بدأت تتعالى الأصوات الداعية إلى إنصاف يهود العراق الذين هُجّروا إلى الكيان الصهيوني والتغنّي بحبّهم للعراق واستعراض مآثرهم وهي أمور لا اعتراض عليها. لكنها صارت تُكرّر لتصبح اسطوانه يردّدها "المثقفون" العراقيون كعادتهم بصورة ببغاوية بعد أنْ تحوّلوا إلى طبول تُدوّي حسب ضربات الطبّال الذي يمر ويقرع جلدتها "الهستيرية" المُنتفخة الحسّاسة فتردّد صدى الضربة بأعنف منها بلا عزّة التمحيص ولا كرامة السؤال والتشكيك والاستفهام عن النوايا.
وقبل يومين قرأتُ أغرب مُقترح في حياتي ويجوز في تاريخ العراق السياسي طرحه السيّد "قحطان السعيدي" في مقالة له عنوانها " يهود العراق بيضة القبان .. لرَدْع نتنياهو ولَجْم بارازاني" (صحيفة المثقف – 5/تشرين الأول/2017) قال فيه :
(خلاصة القول .. ان يهود العراق في "اسرائيل" وخارجها يمكن فتح باب الحوار معهم لعقد مؤتمر شعبي لنخبهم مع النخب العراقية للخروج بمقررات تشكيل لوبي دولي مشتركا لفاعليتهم في مفاصل الحياة الاقتصادية في المجتمع الدولي، ولوبي اخر لليهود العراقيين داخل اسرائيل لتحجيم تطلعات اليمين الاسرائيلي بقيادة نتنياهو وإيقاف دعمه للمتمرد مسعود البرزاني .. خدمة لإرساء دعائم العراق الديمقراطي الموحد الذي يتسع لكل اطيافة ومكوناته تحت بيرق المواطنة والمساواة) (انتهى المقترح الذي لا يحتاج لتعليق سوى دعوة الله اللطف في ردّ القضاء عن العراق المظلوم من أبنائه).
لماذا أقول إنّ التباكي على يهود العراق الذين هُجّروا بمؤامرة بريطانية صهيونية صارت تفاصيلها ودور الموساد فيها معروفة بعد أن فشل أصحاب المشروع الصهيوني في إقناع يهود العراق بالهجرة إلى فلسطين المحتلة برغم كل ما قاموا به من محاولات لأكثر من 50 عاما وذلك باعتراف اليهود العراقيين أنفسهم بأنّهم لن يجدوا "جنّة" مثل بغداد؟
أقول إنّها مؤامرة بدليل بسيط جداً وهو التالي :
إن اليهودي العراقي الذي هُجّر إلى الكيان الصهيوني لكي تكون لديه ذكريات عن بغداد ، ويختزن المقام العراقي في وجدانه ويتأثر به ويبكي على ألحانه ، ويؤثر طعم المسگوف في ذائقته ، وتكون ذاكرته قادرة على الاحتفاظ بذكريات عن بغداد وأماكنها وملاعب الصبا فيها ، يجب أن يكون عمره كحد أدنى (15) خمسة عشر عاماً إن لم نقل أكثر من عشرين عاماً لكي يتذكّر من تل أبيب ذكريات طفولته وشبابه المُبكر في بغداد ويتحسّر أو يبكي عليها ويتشوّق للعودة إلى مرابع صباه .. أليس كذلك ؟
لنتفق – وبتنازلات عن القواعد العلمية في نمو الشخصية الإنسانية ومعنى المواطنة وأسس عمل الذاكرة البشرية – أنّ العمر المناسب الذي يحتفظ به المواطن اليهودي العراقي بذكريات كافية عن العراق لتؤرقه بعد التهجير إلى الكيان الصهيوني هو (15) خمسة عشر عاماً .
فمتى تمّ تهجير اليهود العراقيين إلى فلسطين المحتلة ؟
الجواب هو : تمّ تهجير اليهود العراقيين إلى فلسطين المحتلة عام 1950 ميلادية.
أكرّر : تمّ تهجير اليهود العراقيين إلى فلسطين المحتلة عام 1950 ميلاديّة .
ومعنى ذلك أن اليهودي العراقي الذي هاجر إلى فلسطين المحتلة من بغداد وعمره 15 عاماً ويختزن ذكريات عن بغداد يتحسّر عليها في تل أبيب ، عمره الآن ونحن في سنة 2017 ميلادية هو (82) عاماً !!
أكرّر : إنّ عمر اليهودي العراقي الذي هُجّر من بغداد إلى فلسطين المحتلة الآن هو (82) عاماً (وإذا اتفقنا على عمر 20 سنة فإن عمره الآن 87 عاماً !!) .
كم واحد من اليهود العراقيين المُهجّرين يعيش في "إسرائيل" وقد بلغ الـ (82) سنة من عمره وهو حيّ في الوقت الحاضر ؟
وإذا كان حيّاً ، هل يمتلك النشاط والفاعلية الجسمية والعقلية ليكون عضواً في "لوبي" ينقذ لعراق من محنته ؟
وهل نأتي بهم على كراسي متحركة أم نقّالات طبّية ؟
إذن هذا التباكي على يهود العراق له أهدافه "المُعلنة" التي تُخالف أهدافه "المُضمرة"، وهذا هو أبسط تعريف للمؤامرة .
ما هو هدف مؤامرة التباكي على يهود العراق ؟
الجواب هو إنّ هدف مؤامرة التباكي على يهود العراق هو إعادة "الورثة" .. أي الأبناء الذين وُلدوا في ظلال تل أبيب وتشرّبوا بأهداف وتعبئة المشروع الصهيوني ولم يروا بغداد ولا استمعوا للمقام في ملاهيها ولا أكلوا المسگوف على شواطىء دجلتها، والمجىء بهم إلى بغداد المظلومة هو لزرعهم كطابور خامس في قلبها لإكمال مخطط القضاء على العراق بيضة الإسلام وجمجمة العرب.
ولا حول ولا قوّة إلّأ بالله العلي العظيم.
وسوم: العدد 741