رأس بديع الزمان الهمذاني، بين الحمّامي الصهيوني، والحمّامي الإيراني!
في إحدى المقامات المشهورة ، لبديع الزمان الهمذاني ، يذكر أنه دخل الحمام ، فتنازع رأسَه عاملان ، داخل الحمّام ، كل منهما يدّعي ، أنه أحقّ من صاحبه ، بغسله و تنظيفه .. ليفوز بالأجرة ، لقاء عمله ! وبدأ الشدّ والجذب بين العاملين ؛ كل منهما يشدّ بديع الزمان ، باتّجاهه، زاعماً أن الرأس له ، وأنه صاحب الحقّ ، في تنظيفه والعناية به ! هذا يدّعي ، أنه سكب عليه الماء ، وذاك يدّعي أنه لطخه بالطين .. بينما بديع الزمان يتوجّع حائراً ، بينهما ! ثمّ أخبرهما أخيراً ، بأن الرأس إنّما هو رأسه ،( صحبه في الطريق ، وطاف معه بالبيت العتيق .. وما شكّ ، يوماً ، أن الرأس رأسه !) فوكزه أحدهما قائلاً : اسكت .. يالكَع ! وأفهمه بأنه لاعلاقة له بالأمر ، وما عليه إلا التزام الصمت .. لأن المعركة عليه ، إنّما هي بين العامل الذي يكلمه وزميله ، العامل الآخر!
حال الشعب السوري ، اليوم ، بين القوى المتصارعة عليه ، لاسيّما إيران وإسرائيل .. هو حال بديع الزمان الهمذاني في الحمّام !
الشعب السوري ، اليوم ، الصاحب الحقيقي للرأس ، لا يحقّ له أن يتحدّث في أيّ أمر يخصّه ، ولا في أيّ قرار يتعلّق بمصيره ! فالصراع عليه ، وعلى وطنه ، وعلى حاضره ، ومستقبل أجياله .. ليس بينه وبين أيّة قوّة ، من القوى المتصارعة عليه ، بل بين القوى المتصارعة عليه ، فحسب ! أمّا هو، فما عليه سوى الصمت والاستسلام ، وانتظار نتيجة المعركة ، التي سيَعرف بها مصيره ، ويعرف أيّ الأطراف المتصارعة عليه، سيفوز برأسه، ويتحكّم بمصيره !
صاحب الحمّام ، المسؤول عنه ، وهو ، هنا ، بشار الأسد .. ضعيف هزيل ، لا يهمّه من أمر الحمّام ، وما فيه ، ومن فيه .. سوى بقائه في موقعه ، مسؤولاً عن الحمّام .. ثم ليذهب الشعب والوطن إلى الجحيم !
وربما ليس غريباً ، هنا ، في الحالة السورية ، أن يكون كل من الطرفين ، المتنازعين على رأس الشعب السوري ، حريصاً على بقاء رئيس الحمّام في موقعه ؛ بل مدافعاً عن بقاء هذا الرئيس ، في الموقع الذي هو فيه .. برغم تنازعهما الظاهر الشديد ، وادّعاء كل منهما ، بأن الطرف الأخر هو أعدى اعدائه ، ولو استطاع ، لألقى به في البحر!
نقول : ليس هذا غريباً على الطرفين المتنازعين ! لأن كلاً منهما ، يرى أن وجود هذا الرئيس ، يحقّق له أفضل مكسب يمكن أن يحلم به ، من حساب سورية ، وطنا وشعباً ! وأن أيّ رئيس ، سواه ، مختار من قبل شعبه ، سوف يقف بين المتصارعَين ، ويقول لهما : كفّا عن هذا العبث ! إن بلادنا ليست للبيع ، ولا للرهن ، ولا للإيجار.. وإن شعبنا شعب حرّ، لا يَقبل أن يخضع لأحد، مهما كانت قوّته ، أو سطوته !
فمتى يحظى الحمّام السوري الساخن ، بمثل هذا الرئيس .. وكيف !؟
وسوم: العدد 743