قمنا بالثورة لأن سوريا تحولت الى اي شيء نكرة الا ان تكون سوريا التي نعرفها

خاطرة الصباح :

اعزائي القراء ... 

زرت وطني سوريا عام ٢٠٠٦ بعد انقطاع دام ٢٥ عاماً بعد تردد وصل الى درجة المغامرة ، دونت هذه الزيارة في ٤ حلقات تحكي المفارقات والمفاجآت التي حصلت لي بفضل عيون وجواسيس نظام الصمود والتصدي المغلقة أعينهم عن كل شيء  الا على ابناء الشعب السوري ترصد حركاتهم وسكناتهم، وبامكانكم الرجوع  الى هذه الحلقات في مواقع عديدة . 

اعزائي القراء...

 في ذلك العام كانت تقام في ألمانيا بطولة كأس العالم التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم بصورة دورية كل أربع سنوات، حيث  حصدت البطولة إيطاليا  وحل بعدها فرنسا  ثم لحقت بهم الدولة المضيفة ألمانيا. هذه المقدمة كانت فقط من اجل تسجيل ملاحظاتي وانطباعي على اهتمام الشعب السوري بهذه البطولة ( والتي كانت كأنها مع الاسف بمثابة تقرير مصير بالنسبة له ) رغم انه لا يملك فيها لا ناقة ولا جمل .بل كان هذا الاهتمام هو بتشجيع من أولي الامر  مخابرات النظام بترك الحبل على الغارب للشعب للاحتفال كما يشاء  طالما ان هذا الاهتمام يصب في الهاء الشعب السوري ويصرفه عن همومه الوطنية ومتابعة حقوقه المهدورة ذات الاولوية  وتخديره حتى فقدان الوعي  بامور اخرى.

قمت مع العائلة بجولة في الشوارع الحديثة في حلب لأتابع  الحماس المنقطع النظير لدى المواطن السوري .

أدهشني ما رأيت ، كانت الشرفات تعج باعلام الدول المتنافسة في التصفية الاخيرة. وهي : ألمانيا -فرنسا -إيطاليا -البرتغال .فهذه الشرفة ونوافذها بما فيها نافذة المطبخ وغرفة النوم  مزينات بعشرات الاعلام لفرنسا حتى ظننت ان عائلة فرنسية تقيم بهذا المنزل  وبجانبها شرفات الجيران مزينات  باعلام  ألمانيا وكأن رواد المنزل من الألمان  واُخرى باعلام إيطاليا مشغولة بسكان طليان ..

وقيسوا على ذلك...  بينما كان النقاش والجدال والرهان محتدماً بين معظم ابناء هذا البلد المنكوب حول تقييم هذه الفرق الرياضية وتوقعاتهم بالمنتصر  .

حتى  و بدون مبالغة ظننت اني في دولة ليست سوريا بل في دولة اجنبية لاتمت للعروبة باية صلة . نعم  انا مع الرياضة بل كلنا مع الرياضة فهي الهواية الوحيدة البريئة المتبقية  لنا ،  وانا كنت مزاولاً لها ايام دراستي  ومشجعاً لفرقنا الوطنية والعربية أسوة بكل ابناء سوريا ولكن لم نكن نسهوا عن وقفاتنا الوطنية سواءاً ضد اسرائيل  وضد اعتداءاتها او ضد حلف بغداد او تأييداً لثورة الجزائر.. كان لدينا أولويات هي في المقدمة ولكن بدون ان تطغى هواياتنا على أولوياتنا.

اعزائي القراء 

انا على يقين لو ان مظاهرة وطنية نزلت الى الشارع في ذلك العام من شهر تموز ٢٠٠٦ شهر بطولة العالم لكرة القدم أقول لو نزلت مظاهرة تطالب بمطالب وطنية لكنت على يقين بمعالجتها من قبل الامن  والمخابرات بالرصاص الحي .. اما ان تمتلىء شرفات حلب  ونوافذها بالإعلام الأوروبية فهذا مباح للشعب من قبل نظام الصمود والتصدي بل هو في مكان تشجيع  منهم ...بينما..... كان سكان  حلب الشرقية القديمة يبحثون قبل الغروب  عن اخر ماتبقى من الخضار من صنف البقايا العفنه من على العربيات ليحصلوا على أسعار تناسب أوضاعهم المعيشية الصعبة 

ثم يقول الرماديون : دخيل عينك بالله عليك ليش قمتوا بالثورة ؟ 

قولوا لهم :قمنا بالثورة يا حمير  لأنو سوريا تحولت الى اي شيء نكرة الا ان تكون سوريا التي نعرفها.. تلك القلعه الشامخة خلقاً ووطنية وديناً وعروبةً وديموقراطية .  

تحياتي ..

وسوم: العدد 747