حول ورقة ديمستورا لتكريس سورية بلداً متعدد، الأعراق والأديان والمذاهب !!
سورية ليست بلدا متعدد الأديان والمذاهب والأعراق ..والنقاء المطلق لا يكون إلا في أعماق البوادي . سورية بلد عريق في الحضارات ، وكان من أجمل سننه الحضارية قبوله بالتعدد ، وافتخاره به ، وحرصه عليه .
سورية وطن فيه هوية سائدة تشكل 80% من أبنائه مسلمون عرب سنة .
وهوية المجتمع السوري تعبر عن حضارته ، وارثة الحضارات ، في صورة حضارة الإسلام ، التي قامت على كاهل قوم هم العرب ، الذين أسسوا وبنوا وأشركوا في إطار بنائهم أبناء الأمم والشعوب وأتباع الملل والمذاهب .
عناوين الهويات الفرعية في سورية يتجاوز 80 مكونا ، إنها عناوين لمجموعات وأفراد أكثر منها عناوين لمكونات ؛ تشكل هذه المجموعات بكليتها 20% من مجموع السكان . بعض هذه المكونات لا يشكل 001% ، وبعضها يشكل بمعدل 02% و05% . وأكبر الهويات الفرعية القومية 5% ، وأكبر الهويات الفرعية الدينية 4% تتوزع على عشرين هوية . وأكبر الهويات المذهبية : 7%
مجموع الهويات الفرعية تشكل بحدود 20% على تفرقها وتشرذمها ..
إن الاعتماد على هذه النسب لتحويل وطننا سورية إلى وطن أقليات هو نوع من المكر السياسي الخبيث . لا يجوز أن ينطلي على الصادقين والمخلصين والعاملين .
في كل بلدان العالم ترسم هوية الأكثرية الهوية العامة . إنها مؤامرة سياسية تعبر عن حقد تاريخي موروث ضد الأكثرية السائدة ، التي توافق كل أشرار العالم على التصدي لها وحرمانها من حقوقها . المؤامرة التي اتضحت أبعادها في الموقف الدولي من هذه الثورة المباركة . حتى لا يقول لافروف في كلام صريح قبيح ( لن نسمح للمسلمين السنة أن يحكموا سورية ) !!
الحقيقة الأساسية : هي أن هذا الكلام لا يهدر حق أي مواطن أو مواطنة سوري وسورية . المساواة الكاملة بين الناس في مجتمع أسنان المشط حسب مصطلحنا الحضاري ، أو في دولة المواطنة حسب تعبيرنا العصري هو أساس قيام الدولة .
المساواة الكاملة بين الناس في الحقوق والواجبات من كل المكونات ومن الرجال والنساء حقيقة ظللنا نعلمها للناس منذ 1500 عام .
الحفاظ على حق المواطن الفرد ، أو الحق الفئوي لأي فئة ، لا يكون على حساب حقوق الأكثرية ..وهذه هي الأمانة التي يجب أن ينتبه إليها المفاوضون ..
سورية في تركيبتها الديموغرافية ليست لبنان بلد المحاصصات الطائفية ، وسورية ليست العراق حيث اخترع بريمر مصطلح العرب السنة . وبالتالي فمن الجريمة السياسية التي لن يغفرها التاريخ أن يقبل سوري أن يوصف مجتمعه أنه مجتمع متعدد الأعراق والمذاهب والأديان .
ثم هذه دول العالم الحر جميعها اليوم تتمسك بهويتها وبمقومات وجودها على الرغم مما يشوب بنيتها التاريخية والمعاصرة من اختلاطات . المفارقة الأخطر أن هذه الدول قد نجحت في المزواجة بين وجودها الوطني والقومية ، وشعبنا ما تزال أوداجه تشخب دما نتيجة مؤامرة التقسيم .
الدولة الحديثة دولة المواطنة ، والمجتمع المدني الموحد ليس فيه أقلية ولا أكثرية إلا على قاعدة الفكر والرأي . كل هذا حق ولكن ليس من حق أن ينزع المتآمرون والمراوغون عن شعبنا ووطننا لباسه ، لباس التقوى ، كما فعل إبليس مع أبوينا من قبل ..
وسوم: العدد 749