من آثار أئمتنا العظماء
ــ وصية أمير المؤمنين الفاروق عمر ، لسعد رضي الله عنهما
أوصى عمر بن الخطاب سعداً بن أبي وقاص ، يوم بعثه إلى العراق لحرب الفرس، فقال:"
يا سعد بن وهيب، لا يغرنك من الله أن قيل خال رسول الله ﷺ، وصاحبه، فإن الله لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، وإن الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا بطاعته، فالناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء، الله ربهم وهم عباده، يتفاضلون بالعافية ويدركون ما عند الله بالطاعة، فانظر الأمر الذي رأيت رسول الله ﷺ، منذ بُعث إلى أن فارقنا عليه فالزمه، فإنه الأمر .
هذه عظتي إياك، إن تركتها ورغبت عنها حبط عملك وكنت من الخاسرين .
ولما أراد فراقه قال له: إنك ستقدم على أمر شديد، فالصبر الصبر على ما أصابك ونابك، تجمع لك خشية الله، واعلم أن خشية الله تجتمع في أمرين، في طاعته واجتناب معصيته، وإنما طاعة من أطاعه ببغض الدنيا وحب الآخرة، وإنما عصيان من عصاه بحب الدنيا وبغض الآخرة.
وللقلوب حقائق ينشئها الله إنشاء، منها السر ومنها العلانية، فأما العلانية، فأن يكون حامده وذامه في الحق سواء، وأما السر، فيعرف بظهور الحكمة من قلبه على لسانه، وبمحبة الناس، ومن محبة الناس فلا تزهد في التحبب فإن النبيِّين قد سألوا محبتهم، وإن الله إذا أحب عبدا حببه، وإذا أبغض عبدا بغضه، فاعتبر منزلتك عند الله بمنزلتك عند الناس ".
وسوم: العدد 850