موقعة ميسلون
قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله:
(لما كانت موقعة ميسلون في الشام (عام 1920) ودخل الفرنسيون دمشق ظافرين، شهدتُ مشهداً لا يزال منقوشاً في ذاكرتي. كنت ذاهباً إلى المدرسة، وكنا في أوائل المرحلة الإعدادية، فوجدت ثلاثة من الجنود الفرنسيين المسلحين يلحقون امرأة مسلمة محجبة، يتحرشون بها ويمدون أيديهم إليها، وهي تصرخ مذعورة وهم يتضاحكون، والناس خائفون منهم وقلوبهم تتقطع ألماً. وإذا بسَمّان (بقّال) كهل يصرخ صرخة هائلة تخرج من أعماق قلبه كأنها ليست من أصوات البشر: (ولك شو بَكُمْ؟ ما عاد في دين؟ ما عاد في نخوة؟ عليهُم!)
ويثب إليهم بأربع خطوات فيصير بينهم، يهجم عليهم بيديه بلا سلاح، وتسري عدوى الحماسة فيلحقه الناس. وأذكر وأنا ولد أني رميت حقيبة الكتب وهجمت معهم. ولم يكن مع أحد من المهاجمين قطعة حديد، ومع الجنود البنادق المحشوة بالرصاص، ومع ذلك غُلبوا وسقطوا على الأرض ونزل عليهم الناس ضرباً وركلاً، فلم يخرجوا إلا بثياب ممزقة وأعضاء محطمة.
هذه القوة الكامنة هي مصدر العزة التي وصف الله بها المؤمنين. إنها موجودة في نفوسنا لا تزال، رغم الضعف والتفرق والانقسام، ولكنها تحتاج إلى مَن يوقظها. وهذه القوة لا يوقظها إلا الإيمان) (من كتاب نور وهداية للشيخ علي الطنطاوي-الجزء الأول).
الكل ينتظر من يعلق الجرس. فطوبى وكرامة لمن يبادرون.
أمة محمد صلى الله عليه وسلم حية، لمَّا حرك نخوتها بعض أهل الغيرة والشهامة انتفضت وانتصرت لنبيها...
وسوم: العدد 901