استراحة الجمعة
استراحة الجمعة
جاء رجل إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليكتب له عقد بيت,
فنظر علي رضي الله عنه إلى الرجل فوجد إن الدنيا قد تربعت على قلبه
فكتب :
((اشترى ميت من ميت
بيتاً في دار المذنبين له أربعة حدود ،
الحد الأول يؤدي إلى الموت ،
والحد الثاني يؤدي إلى القبر ،
والحد الثالث يؤدي إلى الحساب ،
والحد الرابع يؤدي إما إلى الجنة
وإما إلى النار)) .
فقال الرجل لعلي رضي الله عنه :
ما هذا يا أمير المؤمنين! ،
جئتك لتكتب لي عقد بيت ،
فكتبت لي عقد مقبرة !
فأنشد علي رضي الله عنه
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت
أن السعادة فيها ترك مافيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها
إلا التي كان قبل الموت بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه
وإن بناها بشر خاب بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعها
ودورنا لخراب الدهر نبنيها
أين الملوك التي كانت مسلطنة
حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
فكم مدائن في الآفاق قد بنيت
أمست خرابا وأفنى الموت أهليها
لاتركنن إلى الدنيا وما فيها
** فالموت لاشك يفنينا ويفنيها
لكل نفس وإن كانت على وجل
** من المنية آمال تقويها
المرء يبسطها والدهر يقبضها
** والنفس تنشرها والموت يطويها
أن المكارم أخلاق مطهرة
** الدين أولها والعقل ثانيها
والعلم ثالثها والحلم رابعها
** والجود خامسها والفضل سادسها
والبر سابعها والشكر ثامنها
** والصبر تاسعها واللين باقيها
والنفس تعلم أني لاأصادقها
** * ولست أرشد إلا حين أعصيها
واعمل لدار غد رضوان خازنها
** والجار أحمد والرحمن ناشيها
قصورها ذهب والمسك طينتها
** والزعفران ربيع نابت فيها
أنهارها لبن محض ومن عسل
** والخمر يجري رحيقا في مجاريها
والطير تجري على الأغصان عاكفة
** تسبح الله جهراً في مغانيها
من يشتري الدار في الفردوس يعمرها
** بركعة في ظلام الليل يحييها
فقال الرجل لعلي رضي الله عنه
: يا أمير المؤمنين اكتب
(أني وهبته صدقة لوجه الله) !