يا راحلين إلى منىً بقيادي
يا راحلين إلى منىً بقيادي
د.عثمان قدري مكانسي
وصلتني اليوم قصيدة البرعي عبد الرحيم رحمه الله ، ودخلت أعماق قلبي ، فساءلتُه : أصوفيّ أنت يا عثمان؟ ليس هذا عهدي بك .
قال : اترى الصوفيّ وحده يشتاق المدينة وساكنها عليه الصلاة والسلام؟
قلت: ولكنّك رققت حتى كدتَ تذوب حين قرأت هذه القصيدة.
قال : أتراني قُدِدْتُ من حجر يا رجل ؟!.أعدْ قراءة ما يقول هذا المشوق.
وقرأتها مرة ومرة ، وذرفت عيناي الدموع ، وحننتُ إلى المدينة وصاحبها الحبيب ، وإلى البيت المحرّم وعرفات وأخويه ( منى والمشعر الحرام ) ...
تحرك لاعج الشوق ، كنت قبل أربعة أشهر هناك ، قضيت في مكة اثني عشر يوماً وفي المدينة مثلها، وكانت أياماً رائعة ولحظات حبيبة وقلت : إن اللقاء يقوّي رغبة الولهان المحب . ولن يشبع المسلم من هذه البقاع المقدسة ولو كرر زيارتها وقارب بينها ، إنها مهبط الوحي ونبع الإيمان ومثوى الحبيب المصطفى حشرنا الله تعالى تحت رايته ، وأنقذنا من النار ، وأدخلنا الفردوس الأعلى بشفاعته صلى الله عليه وسلم .
قيل : إن البرعي في حجه الأخير أخذ محمولا على جمل فلما قطع الصحراء مع الحج الشامي، وأصبح على بعد خمسين ميلاً من المدينة هب النسيم رطباً عليلاً معطرا برائحة الأماكن المقدسة فازداد شوقه للوصول لكن المنية أعاقته عن المأمول فأنشأ قصيدة لفظ مع آخر بيت منها نفسه الأخير .. يقول فيها:
يـا راحـلـين إلى منىً سرتم وسار دليلكم ، يا وحشتي وحـرمتمو جفني المنام ببعدكم ويـلوح لي مابين زمزم والصفا ويـقـول لي يانائما جُدّ السُرى من نال من عرفات نظرة ساعة تالله مـا أحلى المبيت على منى ضـحّوا ضحاياهم وسال دماؤها لبسوا ثياب البيض شاراتِ اللقاء يـارب أنت وصلتهم صلني بهم فـإذا وصـلـتمْ سالمين فبلغوا قـولـوا لـهم عبد الرحيم متيم صـلى عليك الله يا علم الهدى | بقياديهـيـجتمو يوم الرحيل فـالشوق أقلقني وصوت الحادي يـا سـاكنين المنحنى والوادي عـند المقام سمعت صوت منادٍ عـرفـاتُ تجلو كل قلب صادٍ نـال الـسرور ونال كل مرادٍ فـي لـيـل عيد أبركِ الأعيادِ وأنـا الـمتيّم قد نحرت فؤادي وأنـا الـملوّع قد لبست سوادي فـبـحـقـهم يا رب فُك قيادي مـني السلامَ أُهيلَ ذاك الوادي ومـفـارقُ الأحـباب والأولادِ مـا سـار ركـب أو ترنم حادٍ | فؤادي