نجوى قبّرة
18حزيران2005
محمد المجذوب
نجوى قبّرة
شعر: محمد المجذوب
حـنـانَكِ لا تخشي أذايَ ولا ضُرِّي حـنـانَـكِ، لا يَخفقْ جناحاك رهبةً أحِـذراً وفي جنبيَّ، يا طيرُ، للورى أراعَـكِ هـذا الـحِـملُ ينآد تحتَه وخـطـوٌ يـثيرُ الأرضَ لولا نَداوةٌ وسَـوْرَةُ أنـفـاسٍ يـكـادُ زفيرُها فـلـمـلـمتِ أطرافَ الجناح تحفزاً وقـلت، وقد أسرفتِ: باغٍ من الورى حـنـانَـكِ.. بعضُ الظنِ إثمٌ فما أنا حـنـانَكِ.. لستُ المرء يطلبُ يُسْرَه سـلـي خفقاتِ النجمِ في لُجَّةِ الدجى سلي عَرْفَ هاتيك الأزاهيرِ في الرُّبى سلي الواديَ النشوانَ بالعِطر والندى سـلـيـها فمِن قلبي على كل نفحةٍ سـلـي عـن أغانيَّ الحياةَ فلم يزل لـئـن أخـفـتَتْها قسوةُ الدهر فترةً فـقـد يخرسُ الطيرُ الحبيسُ وملؤه * * * وددتُ لَـوَنِّـي جـارُك الـعمرَ كلَّه تـضـوء عـشـيـاتي بريَّاك فتنةً ويـسـلـقُني في الحقلِ ظلُّك عابثاً وأنعَمُ تحتَ العشِّ في حضنِ مضجعٍ فـراشـيَ فـيه العشبُ غضَّاً مُمهَّداً ومـن ورق الـدِِّفْـلـى عليّ غلالةٌ مُـنـى مـن تهاويل الخيالات حاكَها حَـلـمتُ بها في غفوةِ الخطبِ برهةً وهـمـتُ بـذكـراها وقد حال بيننا أَعـدتِ إلـى الـقلب المحطَّمِ طيفَها وأَنـسـيـتِـه أوجاع دنيا هوت بها طـغـا في مغانيها الدَّمارُ وصَوَّحتْ فـخـلِّي جفوني المُغْمَضاتِ تضمُّها ولا تُـفـسـدي بـالشكِّ نشوةَ حُلمِنا | فـمـا أنـا ذو نابٍ ولا أنا ذو ولا تـرمِـني عيناك بالنظر الشَّزْرِ وللطير دنيا من رؤى الحب والشعر! مَـطـايَ فلا ينفكُّ يُنجدُه صبري(1) ذَرَتْـها على مَيْتِ الثَّرى أدمعُ القَطْرِ يـسيل شَعاعاً في لوافحِهِ سَحْري(2) وأمـسكتِ خوف الغائلاتِ عن النقر أخو شَرَكٍ يطوي الضلوعَ على مكر! ودنـيا الورى إلا الغريبُ مع السَّفْر بـآلام مـخـلوقٍ سواه على عسري وعـربـدةِ الأسحارِ في يقظةِ الفجر وهـينمَة الصفصافِ في عُدوة النهر يُـطـلُّ عـليه السفحُ بالحُلَل النُّضْر بـهـا أثـرٌ يروي المكتَّم من سرْي بـمـسـمـعِها رجعٌ من النَغَم البِكر لفي النفسِ لحنٌ عزَّ عن قسوة الدهر حـنـيـنٌ يـهزُّ الروحَ للأفق الحر * * * أذودُ بـنـفـسـي عنك عاديةَ الغدر وتُـسكرني نجواك في البُكَر الخُضر فـأقـفزُ فوقَ الشوكِ في إثْره أجري يـسيلُ عليه الطَّلُّ من أكؤُسِ الزهرِ وثـيـراً، ولـكنَّ الوسادَ من الصخر تقي جسميَ العاري أذى البرد والحر صَناعٌ من الوهمِ المجنَّحِ في صدري فـلـما صحا جَفَّتْ رُؤايَ من الذعر غـيـاهـبُ من ليلِ الحقيقةِ والفكر جـديـداً فعاد السحرُ في دمهِ يسري زعازعُ تذرو الموتَ في البرِّ والبحر مـفـاتَنَها –رغمَ النُّهى- شهوةُ الشر قـلـيلاً وخلّي الطيفَ يَلمسُه ثغري فـمـا هـي إلا فترةٌ ثم.. لا ندري! | ظفرِ
(1) المَطا: الظهر.
(2) السَّحْر: القلب والرئة، والشَّعاع بالفتح مصدر شعَّ: تفرقَ.