عمر أبو ريشة
"ألقيت في حفلة افتتاح دار الكتب في حلب بعد العدوان الفرنسي
وخروج الشاعر من السجن".
مـا صـحـا بـعـدُ مـن خُـمـار زمـانـه فـلـيـرفِّـهْ بـالـشـدوِ عـن iiأشـجانهْ
مــا وعــى الأمـنـيـات إلا طـوفـاً خـفـقـت وانـطـوت عـلـى iiأجـفـانـهْ
غـمـزتـه عـرائـسُ الـعـيـش إغـراءً فـلـم تـسـتـبـحْ حـمـى iiعـنـفوانهْ
شــاعـر لـو شـكـا الـحـيـاة لـكـانـتْ سـرواتُ الـمـلـوك مـن نـدمـانـهْ
أقـسـم الـمـجـد أن يـمـر عـلـى الأرض ونـجـوى الآبـاء خـلـف iiلـسـانـهْ
فـالـعـبـي يـا عـواصـف الـدهـر مـا شـئـتِ فـلـن تـجـرحـيه في iiوجدانهْ
ربَّ شــادٍ عــلـى الـظَّـمـا أسـلـم الـروحَ وروَّى الأجـيـال نـبـع iiبـيـانـهْ
* * ii*
مـا دهـى الـشـعـر بـعـد رقـص لـيـالـيـه الـنـشـاوى عـلـى صنوج iiقيانهْ
وخـشـوع الـسُـمَّـار فـي الـنـدوة الـمـعـطـار بـيـن الأبـكـار مـن iiألـحانهْ
تــلــك أوتــاره مــفــجَّــعــة الأصـداء مـنـثـورة عـلـى iiعـيـدانـهْ
لامـسـتـهـا أنـامـل، يـرعـف الـعـوسـج لـو أطـبـقـتْ عـلـى iiأغـصانهْ!
فـهـوى الـشـعـر عـن مـشـارفـه الـزُّهـر وأغـفـى عـلـى رؤى iiأحـزانـهْ
كـان وقـفـاً عـلـى الـنـبـوغ وكـانـت روعـة الـشـيء وضـعُـه فـي iiمكانهْ
عـاد لـلـدوح عـنـدلـيـبـك يـا شـعـرُ ومـات الـنـعـيـبُ فـي iiغـربـانـهْ
وتـغـنَّـى حـنـانُـه فـتـمـشّـى فـي ضـمـيـر الـشـهـبـاء رجـعُ iiحـنـانهْ
فـاشـرأبـتْ وفـي تـسـاؤلـهـا شـوقٌ تـضـيـق الأحـنـاءُ عـن iiكـتـمـانـهْ
وأطــلّــتْ عــلــى الـزمـان ومـا أقـسـاه فـي عـرفـه وفـي iiنـكـرانـهْ
لـمـحـتْ فـوقـه مـعـيـن نـعـيـم يـسـتـقـي الـمـؤمـنـون مـن فـيضانهْ
فــتــجــلَّــى لــهــا شــبـاب عـلاهـا يـا لَـوردٍ يـرفُّ بـعـد iiأوانـهْ
يــا لــذاك الــصِّــبــا ومــا زرَّت الأنـجـمُ مـن عـروةٍ عـلـى iiأردانـهْ!
تـلـك فـتـيـانـهـا أبـاحَ لـهـا الـمـجـدُ ركـوبَ الـخـطـوب فـي iiمـيـدانهْ
وأبــو الــطـيِّـب الـتـفـاتـةُ إدلالٍ إلـى الـصِّـيـد مـن بـنـي iiحـمـدانـهْ
يــخــلــع الــخـلـدَ زأرةً وهـديـلاً مـن مـزامـيـر زهـوه وافـتـتـانـهْ
وعـلـى الـسـرج سـيـفُ دولـتـه الـنّـدب يـمـوج الـجـهـاد فـي iiطـيلسانهْ
وغــبــار الــحــروب تــجـبـلـه الأيـدي وسـاداً يـلـفُّ فـي iiأكـفـانـهْ
هــكــذا الــعِـلْـيـة الـرجـال فـلا صـفَّـق فـي مـوطـنٍ فـؤادُ iiجـبـانـهْ
* * ii*
ذاك عــهــد لـولا ذهـولـك يـا شـهـبـاء لـم تـقـدري عـلـى iiنـسـيـانـهْ
عــزَّت الأمُّ بـالـبـنـيـن اعـتـزاز الـروض بـالـبـاسـقـات مـن iiأفـنـانـهْ
عــثــرات الأجــيــال قـاصـمـة دكَّـتْ بـنـاء الـفـخـار مـن iiأركـانـهْ
إنـمـا يـنـفـض الـغـبـارُ ويـبـقـى الـجـوهـر الـحـر فـي صـفـا iiلمعانهْ
مـا انـتـهـى إرثـنـا الـرفـيـع ولا سُـلَّـتْ طـيـوف الـنـبـيِّ مـن iiقـرآنـهْ
يــا لـذكـرى تـلـفَّـت الـمـجـد مـا بـيـن يـديـهـا إلـى ربـيـع iiزمـانـهْ
يــوم هــزَّ الــبــدْويّ مــعـولـه الـصـلـدَ وأهـوى بـه عـلـى أوثـانـهْ
والــمـروءات وهـجُ جـبـهـتـه الـسـمـراء والأمـنـيـات فـيـض iiبـنـانـهْ
فـتـهـاوتْ عـلـى عـبـاءتـه الـدنـيـا ورفَّـتْ عـلـى صـهـيـل iiحـصـانهْ
فــإذا الــشـرقُ لـلـعـروبـة طـودٌ تـتـشـظَّـى الـنـجـومُ فـوق iiرعـانـهْ
كـل صـرحٍ لـلـحـق فـي الأرض بـاق نـحـتـتـه الـعـلـيـاء مـن iiصـوَّانهْ
* * ii*
يـا لـذكـرى أغـفـى عـلـى خـجـل مـنـهـا كـريـم الـنـجـار مـن عـدنانهْ
مــزَّق الــدهــر شـمـلَـه وطـوى مـا كـان مـن عـزِّه ومـن iiسـلـطـانـهْ
ورمــاه إلــى وجــوم الــلــيــالـي وسـؤال الـغـريـب عـن iiأوطـانـهْ
أيــن –لا أيــن- مــوئــلٌ عــربـيٌّ يـسـرح الـحـرُّ فـي ظـلال iiأمـانـهْ
تــعــب الــبـغـي وهـو يـضـرب فـيـه ويـروِّي ثـراه مـن iiأضـغـانـهْ
وتــعــايـى خـزيـانَ عـن هـدم حـب تـتـلاشـى الأبـعـاد فـي iiمـيـزانـهْ
أي جــرحٍ ضــج الــعـراقُ عـلـيـه مـا تـلـقَّـى الأسـاةَ مـن iiلـبـنـانـهْ
* * ii*
يـا بـلادي نـاجـاك مـن وقـف الـخـلـد وأصـغـى إلـى صـدى iiتـحـنـانـهْ
كــاد أن يــرخــص الـمـدامـع فـي الأرزاء لـولا الـحـيـاء مـن iiإيـمـانـهْ
مـا الـجـبـان الـذي حـنـوت عـلـيـه وسـكـبـت الـعـزاء مـلء iiجـنـانـهْ
عــرفــتـه الـهـيـجـاء، أنـذل مـن فـرَّ وأشـقـى مـن جـرَّ ذيـل iiهـوانـهْ
قــام فــي فـيـئـك الـكـريـم حـيـيّـاً ودمـوع الـمـتـاب فـي iiأجـفـانـهْ
يـشـتـم الـغـفـلـة الـتـي ذقـت مـنـهـا مـا يـذوق الـقـطـيـع مـن ذؤبانهْ
لـيـس يـدري الـجـزار مـا الـخـنـجـر الـمـسـنـون إلا إن حـزَّ فـي iiشريانهْ
* * ii*
وسـلـوا الـقـدس هـل غـفـا الـشـرق عـنـهـا أو طـوى دونـهـا شـبا مُرَّانهْ؟
أهـتـافٌ خـلـف الـبـحـار بـصـهـيـون وحـدب عـلـى بـنـاء iiكـيـانـهْ؟
ومــن الــهـاتـف الـمـلـحُّ؟ أحـرٌ؟ أيـن صـدق الأحـرار مـن iiبـهـتـانـهْ؟
أيــن مــيـثـاقـه؟ أتـنـحـسـر الـرحـمـةُ فـي دفـتـيـه عـن عـدوانـهْ؟
يــا لــذلِّ الـعـهـود فـي فـم مـن أجـرى عـلـى عـزهـا دمـا iiفـرسـانـهْ
أي فـلـسـطـيـن يـا ابـتـسـامـة عـيـسـى لـجـراح الأذى عـلـى iiجـثمانهْ
يـا تـثـنّـي الـبـراق فـي لـيـلـة الإسـراء، والـوحـي مـمـسـك بـعـنـانهْ
لا تـنـامـي خـضـيـبـة الـحـلـم خـوفـاً مـن غـريـب الـحـمى ومن iiأعوانهْ
إنَّ لــلــبــيــت ربَّــه.. فــدعــيــه ربّ حــاوٍ رداهُ فـي ثـعـبـانـهْ
* * ii*
هــذه أمــتــي.. فــيـا لـشـراعٍ يـتـلـقّـى الـعـبـابَ فـي iiهـيـجـانـهْ
عــلــمــتــه الأنـواء أن يـزدريـهـا ويـجـرُّ الـمـرسـاة فـي iiشـطـآنـهْ |