القصيدة اليتيمة
القصيدة اليتيمة
شعر: دوقلة المنبجيّ
الطلل
هـل بالطلول لسـائل رَدّ أم هـل لها بتكلّم عـهـدُ
درس الجديد جـديد مَعْهَدِها فكأنّما هـي رّيْطة جَـرْد
من طول ما تبكي الغمام على عَرَصاتها ويُقـهقهُ الرعدُ
وتُـلثُّ سـاريةٌ وغـاديـةٌ ويَـكرُّ نحس خلفه سـعد
تـلقـاء شـاميةٍ يمـانيـةٌ لهما بمَوْرِ تُـرابها سَـردُ
فكست بواطنُها ظـواهرَهـا نَوراً كـأنَّ زَهاءَه بُـرد
فوقفتُ أسألها ولـيـسَ بها إلا المها ونقانـقٌ رُبــدُ
فتبادرت دِرَرٌ الشئـون على خدّي كما يتـناثرُ العقـد
أو نَضْجُ عزلاءِ الشّعيب وقد راح العيفُ بِمِلئِها يَعـدو
خلق دعد
لهفي على دَعـد وما خُلفت إلا لحـرِّ تلهّفـي دعــدُ
بيضاء قد لبـس الأديمُ بَها ء الحُسن فهـو لجلدها جلد
ويزين فَوْدَيـها إذا حَسرت ضافي الغـدائر فاحمٌ جَعدُ
فالوجه مثلَ الصبح مبيـضٌ والشـعر مثلَ الليل مسودّ
ضدّان لما اسـتجمعا حَسنا والضـدّ يُظهر حُسّهُ الضِدّ
وجبينها صَـلْتٌ وحاجبـها شَخْـتُ المخَطّ أزَجُّ ممـتد
وكأنها وسـنى إذا نظرتْ أو مُـدنَفٌ لما يُفِـقْ بعـدُ
بفتور عينٍ ما بـها رَمَـدُ وبـها تُداوى الأعينُ الرُّمد
وتُريك عِـرنيـناً يزيّنـه شَمَمٌ وخَدَّاً لـونُـهُ الـورد
وتجيل مسواكَ الأراك على رَتلٍ كـأن رُضابه الشَـهدُ
والجيد منها جيدُ جـازئـة تعـطو إذا ما طالها المرْد
وامتدّ من أعضادها قصبٌ فَمْمٌ تلـتـه مَرافـق دُرْد
والمِعصَمان فما يُرى لهمـا مـن نَعمة وبضاضةٍ زند
ولها بـنان لـو أردتَ لـه عَقـداً بكفّكَ أمكن العقـد
وكأنما سـُقيت تـرائبُهـا والنحر ماءَ الورد إذ تبدو
وبصدرها حُقـّان خِلتهـما كافورتين علاهـما نَـدُّ
والبطن مطوىّ كما طُويتْ بيضٌ الرياط يصونها المَلْد
وبخصرها هَيـفٌ يـزيّنـه فـإذا تنـوء يكـاد ينـقدُّ
والتفّ فَخذاها وفـوقـهـما كَفَـل يجاذب خصرها نَهد
فقيامُهـا مثنى إذا نهضـت مـن ثقله وقعودهـا فَـرد
والساق خـَرعبة منـعّمـةٌ عَبـِلتْ فطَوق الحَجل منسدّ
والكَـعب أدرمُ لا يبين لـه حَـجم وليس لرأسـه حـَدُّ
ومشت على قدمين خُصرَتا وأليـنتـا، فتـكامل القـدّ
ما عابَها طول ولا قِصْـرٌ فـي خَلْقها فقِوامُها قَصـدُ
شكوى الهجر والصدود
إن لم يكن وصل لديـكِ لنـا يشفي الصبابةَ فليكـنْ وعـد
قد كان أورق وصلُكـم زمناً فذَوى الوصال وأورق الصَدّ
لله أشـواقـي إذا نَـزحـتْ دارٌ بـنا ونـأى بـكم بُعـدُ
إنْ تُتْهمي فـتهامـةٌ وطنـي أو تُنجِدي يكن الهوى نجـد
وزعمتِ أنكِ تضمرين لنـا ودّاً فـهـلاّ ينـفـع الـوُدّ!
وإذا المحبّ شكا الصدودَ ولم يُعطَف عليـه فقتـله عَمـْد
تختصّها بالودّ وهـي علـى مالا تحبُّ ، فهـكذا الوجـد
الفخر بأخلاق النفس
أو ما ترى طِمريَّ بينهمـا رجـلٌ ألحَّ بهـزلـه الجِـدُّ
فالسيف يقطَع وهو ذو صَدا والنصل يعلو الهام لا الغِمـد
هل تنفعنّ السيفَ حـليتـه يوم الجـلاد إذا نبـا الحَـدُّ
ولقد علمتِ بـأنني رجـل في الصالحات أرواح أو أغدو
سَلْمٌ على الأدنى ومَرحمـةٌ وعلى الحوادث هادِنٌ جـَلْدُ
مَتجلببٌ ثوبَ العَفاف وقـد غفل الرقيب وأمكـن الـورد
ومُجانبٌ فعلَ القبيح وقـد وصل الحبيبُ وساعد السـعدُ
منع المطامـع أن تُثلّـمني أني لمعْوَلِهـا صفـاً صـلـدُ
فأروح حُـراً من مذلتـها والحرُّ – حين يطيعها - عبدُ
آليتُ أمـدح مُـقرفاً أبـدا يبقى المديح ويَـنـفدُ الرفـد
هيهات يأبى ذاك لي سَلفٌ خَمدوا ولم يـخمد لهم مجـد
والجد كنـدةُ والبنون هـمُ فزكا البنون وأنجـبَ الجـدّ
فلئن قفوتُ جميـل فعلهـم بذمـيم فعـلى إنني وَغـْد
أجملْ إذا حاولتَ في طلب فالـجِدّ يغني عنك لا الجَـدّ
ليكـنْ لديك لسـائلٍ فَـرجٌ إن لم يكـن فَليَحْسُنِ الـردُّ
وطريد ليـل سـاقَه سَـغَبٌ وَهْنـاً إلـيَّ وقـادَه بَـرْد
أوسعتُ جُهدَ بشاشـة وقِرى وعلى الـكريم لضيفه الجُهد
فتصـرّمَ المثُنـي ومنزلـه رَحْـبٌ لديّ وعيشه رَغـْد
ثـم اغتـدى ورداؤه نعَـمٌ أسأرتُها وردائـي الحـمد
يا ليت شِعري بعـد ذالكُـمُ ومصـيرُ كلّ مؤملٍ لحـد
أصريعُ كَلْمٍ أم صريع ضَناً أودَى فلـيس من الرَدى بُدّ